تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشراكة .. لا المواجهة

جون أفريك
الأحد 12/10/2008
ترجمة: دلال ابراهيم

بإمكان إيران أو بالأحرى ينبغي أن تكون شريكاً للغرب بديلاً من عدو له ولاسيما وقد فشلت سياسة التهديد والوعيد والعقوبات , وبالتالي فإن المخرج الوحيد لذلك هو إجراء مباحثات شاملة مع طهران تفضي إلى شراكة على قدم المساواة, تلك هي النتيجة الشجاعة التي خلص إليها كريستوف برترام,

الألماني المختص بمسائل الأمن والدفاع ويعتبر كتيبه المدجج بالحجج , والذي نشره معهد الدراسات الخاص بأمن الاتحاد الأوروبي الأول معارضاً بصراحة نظرية طرحها الصقور الأميركيون والإسرائيليون تقول: إن إيران تشكل خطراً على العالم.‏

وقد ترأس برترام بنكي أفكار أكثر شهرة يعنيان بالمسائل الأمنية وهما المعهد الدولي للدراسات الاسترتيجية ومقره لندن والمعهد الألماني للشؤون القومية والأمنية في برلين, ولأفكاره وزنها الثقيل وانطلق في البداية من خلال جزمه أن البرنامج النووي الإيراني لايشكل خطراً بيناً ومباشراً حتى وإن تم السير فيه باندفاع شديد وإيران حسب رأيه لايمكنها صنع القنبلة النووية قبل ثماني إلى عشر سنوات, وفي مطلق الأحوال لن تكون ذات أهداف عدوانية واستخدامها محصور في ضمان أمن إيران من خلال الردع حتى وإن امتلكت إيران السلاح النووي فذلك ليس بالكارثة على أوروبا وأميركا لأن وجود إيران نفسه سيكون في دائرة الخطر حالما باشرت بالضربة النووية ,لأن إسرائيل وأميركا المجهزتين نووياً ستردان في الحال ويمكن للولايات المتحدة وبكل سهولة ضرب 400هدف إيراني في ليلة واحدة, والزعماء الإيرانيون يمكنهم البحث في الشرعية الدينية, ولكن أبداً لن يكونوا انتحاريين وحسب تعبير استخدمه برترام أول واحد سيطلق هو أول واحد سيموت.‏

ويندد الخبير الألماني بالحذلقة الغربية والإسرائيلية الحمقاء والتي تنقلب أحياناً إلى ما يشبه الهستيريا, حيث تقود سياسة الرئيس الأميركي بوش التي تزعم أن إيران هي أكبر عدو لأميركا إلى مزيد من التشدد الإيراني, ويرفض الحجج المجموعة التي تقول أن إيران يمكنها إن تبيع القنبلة النووية إلى إرهابيين أو أنها تبحث في ضمان تفوقها الاقليمي بامتلاك السلاح النووي , الأمر الذي سيرغم كلاً من السعودية ومصر وتركيا إلى الحذو حذوها, ولكن على النقيض من ذلك, فإن إيران تبحث عن إقامة علاقات جيدة مع الدول الإسلامية بعيداً عن أي فكرة هيمنة ولم تفكر الدول العربية طيلة الأربعين عاماً التي كانت فيها إسرائيل تمتلك القنبلة النووية, في امتلاكها ويعتقد برترام أن إيران ليست في حاجة إلى القنبلة النووية لكي تلعب دوراً أساسياً في الشرق الأوسط, وإن امتلاك هكذا سلاح سينقلب إلى المقلب السلبي, حيث سيقود إلى إقامة تحالفات مع قوى نووية أخرى, تقلص من النفوذ الإيراني وإيران تحرص على عدم تعريض الأمم إلى الخطر ويشير إلى أنها عامل أساسي على مسرح الشرق الأوسط,حيث يبلغ عدد سكانها 70 مليون نسمة وتمتلك ثاني احتياطي غاز ونفط في العالم ودون إيران كما يرى برترام لا يمكن الحصول على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودون مساعدة إيران ربما لن يتم التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية ولا الاستقرار في أفغانستان.‏

ويعتبر برترام أن على الغرب القبول بالصيغة الحالية للحكومة الإيرانية لأنه بلد يتميز بمبادلاته مع أوروبا وهي ليست حكومة ديكتاتورية ولا دولة الأمن القمعي, والرئيس ونواب البرلمان يتم اختيارهم عن طريق صناديق الاقتراع وهناك نحو مليوني طالب إيراني يؤمون الجامعات الإيرانية نصفهم من النساء, وتشهد إيران حركة ثقافية واسعة وصناعة سينمائية لها سمعتها الدولية وتنتشر فيها نحو 9000 منظمة غير حكومية والمجتمع المدني ناشط فيها رغم ما يشاع عن تشديد الرقابة فيها.‏

ويقترح برترام عقد صفقة طرفاها اعتراف الغرب بالحق الأساسي لإيران بامتلاك برنامج نوويً, وبالمقابل تفتح إيران مواقعها النووية إلى التفتيش الدولي المركز.‏

ولا يعتقد برترام بحصول أي تغيير في العقلية الأميركية وسلوكها طالما أن الرئيس بوش ما زال في البيت الأبيض ولافيما بعد والآن وطالما أن سياسة الاحتواء والمواجهة الغربية قد فشلت مع إيران فعليهم قطعاً إعادة النظر بسياستهم, سياسة مغايرة تماماً ترتكز على الاعتراف بالنظام الإيراني واحترام الدولة وكذلك الالتزام بقيام تعاون وهي حسب برترام الطريقة الوحيدة لتسكين لعبة المسألة النووية, وأولى الخطوات نحو الشراكة المحتملة الاقتراح على إيران اتباع سياسة الانفراج ويخلص إلى القول في حال أدرك الغرب أن المواجهة لن تؤدي إلى نتيجة فإن الانفراج يمكن أن يعطي نتيجة وفي ذلك استجابة لطلب الإيرانيين بإقامة علاقات طبيعية. إن الحجج التي ساقها كريستوف برترام تستحق الوقوف عليها وأن تؤخذ في الحسبان نظراً لشخصية معدها وتنطوي على أهمية لأنه تحلى بالشجاعة في معارضة نظريات وطروحات مضللة ولكنها مهيمنة في بعض العواصم الأوروبية, وإن سياسة أوروبا تجاه إيران فاشلة وإمكانية توجيه ضربة عسكرية تنطوي على مخاطر مرعبة, وكون الوضع الحالي خطيراً للغاية فذلك يتطلب إعادة نظر كلية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية