تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أكاذيب .. حول حائط البراق

شؤون سياسية
الأحد 12/10/2008
حسين صقر

بعد انتهاء انتفاضة البراق التي حدثت في فلسطين في آب 1929 اقترحت الحكومة البريطانية على مجلس عصبة الأمم تشكيل لجنة دولية لتحديد الحقوق والادعاءات بشأن الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف

حتى وافق مجلس العصبة في 15 ايار من عام 1930 على تشكيل اللجنة برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق لحكومة السويد آنذاك وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق وأقامت شهرا في القدس وعقدت جلسات عديدة استمعت فيها إلى شهادة ممثلين عن المسلمين واليهود وتلقت من الطرفين إحدى وستين وثيقة وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين وانتهت إلى أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي للحرم ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف وتم تنفيذ القرار اعتبارا من 8 تموز 1931 ونشرته كاملا مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت فيما بعد.‏

الآن تعود سلطات الاحتلال الاسرائيلي من جديد للحفر والتنقيب في المناطق المجاورة للحرم القدسي واقتربت أكثر من ذلك بكثير حتى بدأت تلك الحفريات تشكل خطرا كبيرا وباتت تهدده بالانهيار ما يدعونا للسؤال عم ينقب الاسرائيلون اليوم..? أينقبون عن هيكل سليمان المزعوم أم عن حرب جديدة.. والجواب واضح.. إنهم حتما يفتشون ويؤسسون ويخططون لحرب تأخذ معها الأخضر واليابس لاسيما وأن تاريخ الكيان الصهيوني وأتباعه يدل على ذلك حتى لو قالوا إن دعواهم في التاريخ تقوم على ركنين أولهما اعتبار جدار البراق أو كما يدعونه حائط المبكى معلما يدل على هيكل سليمان وثانيهما اعتقادهم بأن الصلاة عند أسفل الجدار فرض يهودي وهذان الاعتباران فاسدان ولا يستقيمان لبناء الحكم عليهما لكيان متحرك الحدود والأطماع وله مفهومه الخاص بشأن الحرب التي يسعى إليها دائما ويبذل في سبيلها الغالي والنفيس والسلام الذي لا يعنيه أصلا وهو الاستسلام .‏

إذا المسألة هي مسألة حروب وسيطرة واقتسام لأن التاريخ السياسي للاسرائيليين ينبىء بنواياهم وليست هناك فروق كبيرة بين المتطرفين منهم والحكومات الرسمية إلا اختيار الوقت للقيام بهذه المحاولة أو تلك للسيطرة على الأراضي الفلسطينية ففي الوقت الذي تستعجل فيه الجماعات اليهودية تنفيذ خططها كان للحكومة الرسمية أمام الرأي العام العالمي محاذير وضوابط لأنها لم تر في الاستعجال خدمة للكيان وهذا يؤكد أيضا أنه ليس هناك ما يفاجىء في السياسة الاسرائيلية تجاه القدس وتحديدا المسجد الأقصى لأن هدف الاحتلال في النتيجة هو المشاركة في ساحة الحرم وخير دليل على ذلك عندما جرت أولى خطوات المستوطنين فور سقوط القدس وأخذوا بإدخال الطوب لبناء جدار داخل المسجد الأقصى لاقتسامه وأوقف العمل وزير الحرب آنذاك موشيه دايان لا حفاظاً على مشاعر الفلسطينيين بل لأن الوقت لم يكن مناسبا حتى طلب ديفيد بن غوريون 1967 من أحد الضباط بحضور تيدي كوليك رئيس بلدية القدس توسيع الساحة ما يعني هدم حارة المغاربة بما فيها مسجد وعقارات وبيوت ولم يبق من الحارة غير تلة بدؤوا بازالتها وبن غوريون نفسه كان زاهدا في منطقة الحرم وقد آثر أن تحتل القوات الاسرائيلية في العام 1948 ثلاثة أرباع القدس بدون البلدة القديمة حتى يتحقق له ذلك فيما بعد وفي الوقت الذي يراه مناسبا لضمان السيطرة على القدس وتهويدها بل والسيطرة على ما تبقى من فلسطين وحتى الدول المجاورة وحكومات العدو ستبقى ماضية في تنفيذ مخططاتها تلك وما قيل عن طلب اسرائيل تقاسم المسجد الأقصى فيما بعد إنما يدل على اختيار الوقت الملائم كون الاسرائيليين يعتقدون أن ساحة المسجد هي جبل الهيكل ويعتقدون أن الصخرة الموجودة في مسجد القبة هي صخرة كان اليهود يستخدمونها في تقديم القرابين وما الأعمال الجارية والتي تتوقف أحيانا وتتواصل حينا آخر إلا اعلان لتقاسم السيادة على الحرم القدسي للكشف حسب زعمهم عن بوابة هيكل سليمان والحفريات لم تتوقف يوما في القدس خصوصا تحت المسجد وفي محيطه علما بأن باطن الأرض وسقف المباني هي أملاك لمواطنين توارثوها أبا عن جد ولو كان اليهود متأكدين من مزاعمهم لما صمتوا كل هذه السنوات.‏

وهكذا نجد أن القضية ليست قضية جدار أو شكليات أو ألفاظ أو طقوس صلاة بقدر ما هو تأكيد بأن اهتمام اليهود بهذا الحائط ليس سوى ذريعة لتدعيم مزاعمهم وغطاء لاغتصاب فلسطين من جديد ومبرر لاستثارة مشاعر اليهود وعواطفهم وأن الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف هو حائط البراق وليس حائط المبكى الذي يتبع للهيكل وبالتالي نجد أنفسنا أمام مسلسل كشوفات وبدع وادعاءات لا تنتهي تجعل أفكارهم تبدو وكأنها لا تستقيم في الأرض إلا على أنقاض الشعوب الأخرى.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية