في دلالة على أن الخلط مازال قائماً بين منطق الدولة ومنطق الثورة الذي اختصر بالنضال من أجل تحرير الأرض.
هذا التطور جاء في وقت كانت فيه الفصائل تجري محادثات ثنائية مع مسؤولين مصريين, تمهيداً لحوار فلسطيني- فلسطيني في القاهرة في الشهر القادم, وصفه رئيس الحكومة المقال في قطاع غزة السيد اسماعيل هنية بأنه معطل وغير سالك ويواجه تحديات كبيرة, لم يحددها, وإن قال إنها غير مباشرة مضيفاً لاتوجد إشارات حقيقية على جديتهب, ولعل السيد هنية كان يحذر مسبقاً من مغبة إعلان قطاع غزة إقليماً متمردا وهو إعلان إن صدر فلا تقل خطورته عن إعلان حكومة شارون أن قطاع غزة كيان .
وكانت محادثات الفصائل في القاهرة قد توصلت إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية, سميت توافقية من شروط قيامها أن تكون مقبولة فلسطينياً وعربياً ودولياً. وما يفهم من حكومة الوحدة هو عدم استثناء أي طرف فلسطيني من المعادلة, بيد أن المخاوف من هذا الاتفاق على هذا النمط من الهيئات التنفيذية, تكمن في شروط قبولها, ما يعني العودة إلى شروط الرباعية الدولية للاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية التي شكلت إثر انتخابات 2006, كما تكمن في أحاديث دارت حول أن تكون الحكومة القادمة حكومة تكنوقراط من مهامها الإشراف على انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية, فيما يتردد أن السيد عباس قد يقبل برغبة عربية للبقاء في منصبه حتى نهاية العام 2010.
حكومة من هذا النوع تكنوقراط تعني أنها يجب أن تكون غير مسيسة, وخطورة هذا الطرح المترافق بالحديث عن صفقة إقليمية كبيرة لما سمي تسوية الوضع في قطاع غزة, يطلق سراح 450 أسيراً فلسطينياً منهم 80 من حركة حماس والباقون لم ترد أسماؤهم في إطار ما عرف بصف شاليت, التي تحدثت عن ألف وخمسمئة أسير بينهم نساء وأطفال والباقون ينتمون إلى مختلف الفصائل الفلسطينية, بينما الجديد في الحديث عن الصفقة الكبرى يتناول أشخاصاً من ذوي المحكوميات الخفيفة.
الاتفاق يستثني فريقاً معيناً من الحكومة التي يضفي عليها المشروع المرتقب صفة حكومة وحدة وطنيةب, تغفل مطلباً رئيساً وهو أن يكون التمثيل في الحكومة المرتقبة متناسباً مع حجم الشرعية الشعبية التي تجلت في انتخابات كانون الثاني عام 2006, وهي شرعية ماكان لها أن تظهر في صناديق الاقتراع لو لم تعززهاشرعية السلاح في وجه العدو الذي أجبر على مغادرة قطاع غزة في أيلول 2005, وخلاف ذلك يعني أن هناك توجهاً للأخذ بمبدأ من كان له صفة شعبية, وراح يمارس لعبة كان اسمها الأكثرية. وقد لوح السيد قريع بعد لقائه وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني باللجوء إلى المقاومة المسلحة كخيار مشروع إذاما فشلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية, الأمر الذي أثار حفيظة ليفني وهددت بالرد على ما أسمته الإرهاب بكل قوة لكن السيد قريع سرعان ما قال: إن حديثه قد أخرج من سياقه, وأنه كان يقصد المقاومة السلمية, علماً أن بين المفكرين الإسرائيليين من يؤكد أن إسرائيل دولة لاتفهم إلا بالقوة.
وفيما دعا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق غيورا ايلاند في دراسة مطولة إلى إعادة النظر في الفكرة التي ولدت على يدي الرئيس جورج بوش, وقضى عليها في وثيقة الضمانات التي سلمها لرئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك آرييل شارون في نيسان 2004, فإن شخصيات فلسطينية عرفت بمجموعة أوكسفورد, بينهم مقربون من السيد محمود عباس أمثال حنان عشراوي دعت إلى اتطوير أفكار جديدة لأن المقاربة القديمة لم تنجح.
وتعد فكرة دولة واحدة وثنائية القومية, الاستراتيجية البديلة التي يشار إليها في الغالب باعتبارها الفكرة التي تحظى بقبول متزايد بين الفلسطينيين, وإن كان مؤيدو هذا الهدف أنفسهم يقرون أنه فكرة مثالية أكثر منه هدفاً واقعياً, ومع ذلك فإن أصحاب مجموعة دراسة الاستراتيجية الفلسطينية التي أخذت على عاتقها دراسة ما الذي يمكن أن يحل بالمشروع الوطني الفلسطيني?
يعترفون أنه رغم تأييدهم لإنشاء دولة واحدة للعرب واليهود, إلا أنه من غير الواضح بالنسبة لهم كيف يمكن إنشاء كيان من هذا القبيل.
ومن البدائل المطروحة تفكيك الحكومة الفلسطينية والعودة إلى الانتفاضة الشعبية التي يرى مفكرون إسرائيليون أن الانتفاضتين الأولى 1987 والثانية 2000, كان تأثيرهما على إسرائيل كر اتأثير حجر الرحى على عنق الاقتصاد الإسرائيليب.
ولئن لم يشر عباس إلى إمكانات التوصل إلى اتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قبل نهاية العام الجاري, فإن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس شكك في الأمن لكنه قال : إن اتفاقاً كهذا ربما يكون محتملاً في العام القادم