تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


برنامج »ألو بيروت« في متحف جبران... مدخل لتصحيح بعض المغالطات النقدية

فضائيات
الأحد 12/10/2008
أديب مخزوم

استعادت الإعلامية سينتيا الأسمر في برنامجها الأسبوعي ألو بيروت الذي يبث على شاشة تلفزيون الجديد, ملامح من سيرة الأديب والفنان اللبناني العالمي جبران خليل جبران وذلك من خلال زيارة كاميرا البرنامج لمتحفه في بلدة بشري التي شهدت ولادته سنة 1883.

ولقد استضاف البرنامج بعض المعنيين في أدب وفن جبران, حيث تابعنا ثغرات الحوار ولا سيما في الشق المتعلق بلوحاته ومحاولة بعض المتحدثين تجيير مصادرها ومناخاتها إلى أجواء مستشفة من أعمال ليوناردو دافنشي في عصر النهضة الإيطالية.‏

وبداية نشير إلى أن كتاباته ولوحاته كانت بمثابة فلسفة وأنه أيضاً حاول, وعلى خلاف ما جاء في البرنامج الانفلات من تأثيرات المدرسة الفلورانسية, ولا سيما أعمال ليوناردو دافنشي وفي هذا السياق أقول إن المؤثر الأول في مسيرة جبران التشكيلية, كان الفنان والشاعر الانكليزي وليام بليك, حتى إن أعمال الأخير هي التي عززت لديه مسألة الجنوح نحو الرؤى الرمزية في تجسيد الأجواء الاسطورية والملائكية والبحث عن مناخات أكثر شاعرية ورومانسية وروحانية على الأقل في معالجة حركات الأجساد العارية والسابحة في الفضاء أحياناً.‏

ويمكن القول إن وجود جبران في باريس في نهاية العقد الأول من القرن الماضي وفي وقت متزامن مع ظهور أهم التيارات التشكيلية الحديثة, لم يكن له أثر إيجابي عليه, وذلك لأنه لم يتأثر ولم يؤثر في الانقلابات الفنية الكبرى التي شهدتها باريس في تلك المرحلة ولهذا لم تنجح أغلب معارضه الأولى التي أقامها في بوسطن بعد مرحلة دراسته الباريسية.‏

حتى إن جبران اعتبر في بداية الأمر أن الانطباعية والتكعيبية مجرد ألعوبة وتجارة كان يسير في رومانسيته في اتجاه معاكس لتطلعات الحداثة الفنية في تلك المرحلة إلا أنه في مراحل لاحقة أخذ يبحث عن لغة أخرى يتجاوز بها السياق التصويري التقليدي الذي اتبعه في لوحات كثيرة وفي هذا الصدد يقول يوسف الحويك (أحد رواد النهضة التشكيلية في لبنان): إن جبران قال له مغيراً رأيه السابق بكلاسيكية لورانس »قلت لك مراراً يا يوسف, لم أعد أتذوق فن المعلم لورانس, حتى إنني أصبحت كثيراً أشعر بمقته, أريد أن أكون حراً بنوعي الخاص«.‏

ولهذا نرى أن جبران توصل إلى أسلوبه الخاص في الرسم متأخراً من خلال التركيز لإظهار ليونة خط الرسم والإصرار على الرومانسية والتعمق في الفكر الفلسفي والتصوفي, حتى إن الموديل روزينا حين طلبت منه بأي جلسة يفضل أن يرسمها أجابها: »كأنك سابحة في الفضاء محمولة على أذرع الملائكة إلى السماء«.‏

ويقال إن جبران كان يرمز في بعض رسوماته العارية إلى جسد اميلي ميشلين ويعبر عن روح أعز صديقاته ماري هاسكل, التي كان لها الفضل الأكبر في تعزيز حياته الفنية, وهي التي شجعته وأعانته في دفع كامل مصاريف دراسته في أكاديمية جوليان في باريس العام 1908.‏

والمرأة كانت في فلسفته عطاء بلا أخذ واخلاص وتعالٍ, و في هذا السياق أشير إلى أن جبران يقول في إحدى رسائله إلى مي زيادة عام 1928 أي قبل ثلاث سنوات من رحيله: »أنا مدين بكل ما هو أنا إلى المرأة, فالمرأة تفتح نوافذ في بصري والأبواب في روحي ولولا المرأة لبقيت هاجعاً مع هؤلاء الذين ينشدون سكينة العالم«.‏

فعلى الرغم من الشهرة العالمية الواسعة التي نالها جبران بعد وفاته في نيويورك فإن لوحاته لا تزال دون دراسة نقدية معمقة, حيث طغت شهرته كفيلسوف وأديب وشاعر على شهرته كفنان تشكيلي, ولهذا لا تزال لوحاته تشكل بداية لحوار جدي عن علاقة فنه بأدبه, وأين يقف في معايير الفن العالمي المعاصر.‏

ولقد ركز ضيوف برنامج ألو بيروت على جوانب مهمة في إبداع جبران, من ضمنها استعادته في بعض لوحاته وكتاباته لأجواء وطبيعة بلدته بشري بسواقيها ووديانها وصخورها وضبابها الذي يلف التلال والجبال المجاورة لها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية