التي باتت اليوم تندب حظها العاثر بفعل التحديات القاسية التي يواجهها القطاع السياحي والمنشآت السياحية التي فقدت روادها بسبب الأحداث التي تتعرض لها مناطق عديدة من سورية بفعل الأعمال الإرهابية التي تشنها قطعان القوى الظلامية على وطننا الحبيب .
ومع كل ما واجهته تلك المنشآت من صعوبات عادت مطاعم الشوكة والسكين الشعبية إلى الواجهة من جديد ليس لأنها بدلت من مستويات الخدمة والتركيز على جودة منتجاتها بل في أسعار موادها التي كانت إلى وقت قريب قبلة الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين شكلوا زبائن دائمين لتلك المطاعم ، ومع عدم توفر البدائل وجدوا أنفسهم أمام خيارات صعبة لتأمين وجباتهم اليومية التي تحول الكثير منها إلى الضرورات وعند اللزوم فقط.
الكثير من أبناء هذه الشريحة يسألون اليوم ما الذي تغير ليصبح سعر « سندويشة» الفلافل المتوسطة خمسين ليرة ، وهي التي كانت حالة يومية يتناولونها اختصارا للزمن وللمصاريف ونكاية بالوجبات السريعة التي كانت ترهق جيوبهم فانصرفوا عنها ، واستبدلوها بسندويشة مدعومة يزيد سعرها قليلا، وإن كانوا من الميسورين استبدلوها بوجبة الفلافل « العربي» التي لم يصل سعرها في السابق لسعر السندويشة الحالي.
ما قلناه عن السندويشة ينسحب على أسعار أقراص الفلافل التي كان يقدمها بائع السندوتش لزبائنه بالمجان ، اليوم تغير الحال فصار لكل قرص ثمن أمام جنون الأسعار وصار كل ثلاثة أقراص بعشر ليرات وهكذا غير الحديث عن تبدل الحجم والمحتويات وغياب المواد المنكهة لارتفاع أسعارها أيضا على ذمة أصحاب المطاعم.
الفول والحمص إلى الصدارة
المسألة لم تتوقف عند الفلافل وهي الوجبة الرئيسية المحببة للكثير من سكان المناطق الشعبية فالمطاعم التي تقدم الفلافل معروف عنها تقديمها للفول والحمص والمسبحة والفتات والتساقي وغيرها ، وكل ذلك أصابته عدوى ارتفاع الأسعار فسجلت أرقاما مرتفعة هي الأخرى وارتفاعات متتالية خلال وقت قصير والحجة صعوبة الحصول على المادة الأولية من مصادرها وارتفاع أجور النقل والغاز وغيرها ، فإذا قبلنا بكل ذلك فليس صحيحا أن تغيب الضوابط على الأسعار لدرجة أن بعض الباعة صاروا يفكرون بتعويض خسارتهم السابقة من السعر الحالي، خاصة مع غياب دور الرقيب والرادع الذاتي والأخلاقي لدى الكثيرين منهم.
الجميع ربما يتفهم الظروف الصعبة ويقبل بها لكن المزعج أن يمتطي البعض هذه الظروف بهدف استغلال الناس فمن غير المقبول أن ترتفع أسعار الكيلو غرام للحمص من 55 ليرة قبل عام لتتجاوز 190 ليرة اليوم ، ومثلها أسعار الفول المدمس وما إليها وإذا أردت تناول صحن فول مع سرفيس في أحد تلك المحلات فالمبلغ تضاعف عدة مرات هذا غير الحديث عن تباين الأسعار بين مطعم وآخر حسب المكان والزمان ومقدم الخدمة وهذا معناه أن المسألة تخضع لرقابة ضمير البائع وليس غيره وهذه مسألة نسبية متعلقة بالتربية المنزلية قبل كل شيء .
من دلف الفلافل
إلى مزراب الفروج
حقيقة نقول إن مسألة جنون السعر فاقت كل التوقعات خاصة إذا تحدثنا عن مطاعم تقدم وجبات شاورما الدجاج والفروج المشوي والمسحب والبروستد وغير ذلك حيث يقف المتابع على صور مؤلمة لا اسم لها سوى الجشع وتراجع صحوة الضمير حيث ارتفع سعر ساندويش شاورما الدجاج من 25 ليرة إلى 120 ليرة للعادية وأكثر من ذلك للساندويش العربي والحجة ارتفاع سعر الفروج والمواد الملحقة مثل المايونيز والشطة والكاتشب ودبس الرمان والتوابل وغير ذلك، ويزيدون القول بارتفاع سعر ربطة الخبز السياحي ولهؤلاء نقول إذا كان الكلام صحيحا فغير الصحيح أن يكون ارتفاع الأسعار لديكم عدة أضعاف في وقت ارتفعت فيه أسعار المواد بمعدلات مقبولة ، ثم لماذا يحافظ السعر الجديد للمادة على قيمته مهما تراجعت أسعار مكوناتها ؟
ولماذا مثلا عندما ينخفض سعر الفروج لا نلحظ أثرا على ساندويش الشاورما التي تحافظ على سعرها مرتفعا والأكثر من ذلك تراجعت المواصفات في كمية اللحم كثيرا وكله على حساب الزبون ومن أراد طعاما مدعوما عليه أن يقدم ثمنا مدعوما أيضا .
المطاعم المذكورة تقدم عادة الفروج الجاهز وهنا حديث مرير عن مقاربة سعر الفروج لحدود 1000 ليرة مع تقديم صحن صغير من المقبلات وإذا طلبت علبة مايونيز فعليك تحمل سعرا زاد ثلاثة أضعاف ومثلها صحن بطاطا مقلية ب75 ليرة من الحجم الصغير و 150 ليرة للحجم الكبير ومع أن أسعار البطاطا انخفضت بقيت أسعار البطاطا المقلية على حالها والحجة جاهزة في كل وقت وإن أزعجك الأمر فانصرف دون جدل عقيم لا يسمن ولا يغني من جوع.
لمن يريد تفصيلا في أسعار الفروج الذي تقدمه تلك المطاعم عليه زيارة بعضها ليجد فروقات شاسعة لصالح البائع دوما بين سعر المشوي والمسحب والبروستد والمشوي على الفحم وما إلى ذلك .
البحث عن حلول
الغريب أن ما أشرنا إليه من مبيعات المطاعم المذكورة كان ولا يزال طعام غير الميسورين وأصحاب الدخل المحدود ، ولهذا فالحديث عن حلول سحرية ضرب من الخيال ، لكن لا بد من الدعوة لصحوة أخلاقية لدى من يتعاملون بمثل هذه المواد الغذائية وغيرها كي يتقوا الله في عباده ويقدرون ظروف السواد الأعظم من الناس الذين يجدون صعوبة بالغة في تأمين متطلبات عيشهم ، مع الحديث عن رقابة بالحدود الممكنة توقف جشع الطامعين وتحاسبهم ليكونوا مثالا لغيرهم من تجار الأزمات الذين نموا بيننا كالفطر ، فهل تصل هذه الدعوة لمن بقي لديه بعض من ضمير، وهل يقتنع أصحاب تلك المطاعم بالقبول بنسب معقولة من الأرباح حتى يبارك الله لهم في رزقهم ويتم تأمين الغذاء لمن يحتاجه بالحدود المناسبة لإمكاناته وقدراته قبل أي اعتبار؟ .