تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثورة آذار ... ثوابت وقدرة على التجديد

شؤون سياسية
الأحد 9 / 3 / 2008
محمد عبد الكريم مصطفى

كان لانطلاقة ثورة آذار المجيدة فعل الربيع في الطبيعة, بما حملت معها من تحول جذري بين الماضي الذي كان يمثل ليالي الظلام الدامس

والسبات المتكئ على العجز عن الإبداع والتجديد في حياة شعبنا العربي من محيطه الى خليجه, الذي عرف كل أنواع الظلم والقهر والتخلف, نتيجة بقائه تحت نير الاستعمار لقرون طويلة من الزمن, وما أن قامت الحرب العالمية الثانية, حتى وجد العرب أنفسهم يشغلون حيزا ضيقا في السياسة الدولية وجدت من خلالها الثورة العربية الكبرى مكانها في صف الحلفاء, الذين أخذوا على أنفسهم الوعود بمساعدة العرب في تحقيق أحلامهم الكبرى المتمثلة باستقلالهم الشامل عن الاحتلال العثماني, ومع انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء كانت خرائط التقسيم لتجزئة الوطن العربي قد أنجزت في غرف توزيع المغانم التي كان في مقدمتها الأراضي العربية بعد إنجاز التقسيم إلى دويلات هشة توضع تحت الانتداب لأن العرب عاجزون عن قيادة أنفسهم وستقوم دول الانتداب بمساعدتهم في تكوين دولهم الجديدة المستقلة, وهكذا انتقلنا من احتلال أجنبي إلى نوع جديد من الاستعمار أكثر خبثا وشراسة بدأت بعدها الثورات الشعبية المحلية بمقاومة الاحتلال بكل ما تملك من امكانات على الرغم من تواضعها, حتى تمكنت تلك الثورات بفضل ما تمتلكه من إرادة وعزيمة من تحقيق الانتصار وفرض الاستقلال الوطني, وبعد أن اطمأنت الدول الاستعمارية على سيطرة طبقة الرجعية العربية التي ترتبط مصالحها بمصالح الاستعمار, وكانت هذه الطبقات حريصة على الإبقاء على حالة التجزئة التي فرضها الاستعمار قبل مغادرته إلى أن جاءت ثورة الثامن من آذار لتشكل المنقذ الذي حرك القوة الكامنة داخل الجماهير الشعبية, فاستفاقت من كبوتها, معبرة عن فعل الإرادة الصادق نحو التغيير طلبا للحرية والتقدم ورفض الواقع المتخلف بكل محتوياته وأدواته, وكان لانتصار ثورة الثامن من آذار عام 1963 في سورية دور في إعادة الآمال التي خيبتها الطبقات الحاكمة ولاسيما أنها تمثل تعبيرا حيا عن طموحات الطبقات الكادحة التي نالت من الاضطهاد والاستغلال الكثير كما كانت الثورة رد فعل مباشرا على الانفصال الذي نفذته الزمر المتخاذلة التي قامت بضرب الوحدة العربية الأولى لتكون الصدمة الأقوى ضد الفكر القومي, ولإثبات عدم قدرة الشعب العربي على تحقيق أي وحدة في المستقبل, لكن قيام الثورة أجهض تلك الأفكار الانهزامية وطردها من حياة الشعب العربي.‏

إن الجماهير التي شعرت بالغبن جراء نكسة التجزئة وحل الوحدة صممت على الحركة سريعا للتخلص من هذا الواقع المرير ورفضه, بعد أن تمكنت هذه الطبقات من الاصطفاف في أحزاب وحركات ثورية تقودها طليعة واعية من المثقفين المؤمنين بحق الشعوب في التحرر والتوحد والعيش الكريم, وهكذا استطاعت أن تفجر ثورة الثامن من آذار , كتعبير عن تطلعاتها واستجابة لإرادتها من أجل القضاء على النظام الرجعي الانفصالي, ولتكون هذه الثورة في الوقت ذاته انطلاقة مستمرة لتغيير جذري رسمت من خلاله معالم الطريق الصحيح لبناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد, لهذا فقد مثل قيام ثورة آذار انتصارا لإرادة الأمة ومنعطفا في البناء الوطني, واليوم تأتي ذكرى ثورة آذار وشعبنا العربي يواجه أوضاعا دقيقة جسدتها الهجمة الاستعمارية الجديدة, وبدأت باحتلال العراق كمرحلة أولى وهي تخطط لتعميم هذه الحالة على بقية الأقطار العربية الأخرى, وهذا ما نلاحظه الآن في لبنان وفلسطين من محاولات لضرب القوى الوطنية المقاومة للمشروع الصهيوني في المنطقة, وصولا إلى مشروع محاسبة سورية وما تلاه من قرارات استفزازية من قبل إدارة الرئيس بوش في محاولة للضغط على الموقف السوري المتمسك بالثوابت الوطنية والقومية, الرافض للمساومة على حقوق العرب في أي جزء من أجزاء الوطن العربي لذلك تتطلب الأوضاع الجديدة من شعبنا, ومن شعوب العالم الأخرى المناضلة ضد الاستعمار والاستغلال, مزيدا من الوعي والتمسك بالتنظيم الذاتي لتشكيل محور دولي تقدمي قادر على المواجهة والصمود من خلال اعتماد نظرية المقاومة التي تستطيع وحدها حماية الشعوب وانجازاتها الذاتية وتحد من الأطماع الاستعمارية, وإن التجارب تؤكد بأن التيار المقاوم في المنطقة قد أرعب أعداء الأمة في الداخل والخارج لذلك نجد أن القوى الاستعمارية- وفي مقدمتها أميركا وإسرائيل- جندت قوى محلية ومدتها بالامكانات الكبيرة لتقوم بتحطيم الخط المقاوم وطمس مفاهيمه الوطنية والقومية.‏

لقد قام قائد مسيرة الحزب والشعب الرئيس بشار الأسد بدور كبير في كشف صورة الانتهازيين والعملاء عندما وضع الشعب العربي بصورة الأوضاع وفضح المخططات الصهيو- أميركية ورفع شعار المقاومة في وجه كل الطامعين بوطننا العربي, لقد رسم اتجاها ثوريا صلبا لاقى استحسانا وتأييدا وظهر ذلك جليا من خلال تبني المنظمات والأحزاب العربية المختلفة هذا الاتجاه, مؤكدين على ضرورة تعزيز الفكر القومي الوحدوي وضرورة التمسك به, كضمانة لاستقلال العرب, والحفاظ على مستقبلهم الحر والفاعل بين الأمم Email:m.a.mustafa@mail.sy‏

">الأخرى.‏

Email:m.a.mustafa@mail.sy‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية