الدليل على ذلك عدم رضا أتباع فتح من ان الحكومة تستوعب عدداً كبيراً من التكنوقراطيين وتقلل من استيعاب أتباع فتح. هم ايضاً يريدون جزءاً من الكعكة محمود عباس ايضاً يشعر بالرضا صحيح ان شيئاً لا يتقدم في محادثاته مع اسرائيل الا ان اللقاءات جارية على الأقل. ان لم نتوصل الى اتفاق في عام 2008 سيكون من الصعب الحصول على شروط تفاوضية تشبه تلك المتوفرة اليوم كما قال عباس لصحيفة الحياة وما الذي أفضت إليه الظروف الحالية مع الدعم الأمريكي? لا شيء. ليس مهما المهم هو ان تكون الضفة هادئة ومنتعشة اقتصاديا بين الحواجز والمستوطنات.
هناك شيء صغير واحد يخيم بظلاله القائمة على هذا المشهد الطبيعي الضفاوي الخلاب: الحرب في غزة حيث سقط فيها حتى الان 80 فلسطينيا يبدو ان عباس وايهود اولمرت قد اقنعا انفسهما بأننا أمام دولتين لا يوجد تأثير للواحدة على ما يحدث في الأخرى وان هناك شعبين في الموقعين. من هنا فإن الحل السياسي مع دولة فلسطينية واحدة وشعب فلسطيني واحد لا يلزم بحل سياسي مع الشعب الفلسطيني الآخر. فلسطين رقم واحد تملك اقتصاداً مزدهراً وفلسطين رقم اثنين تخوض الحرب. المصانع والملاهي الليلية تواصل أعمالها كالمعتاد في فلسطين الأولى والأطفال يقتلون في الثانية.
غزة واقعة تحت سيطرة حماس الا ان الحرب التي تخوضها ضد إسرائيل هي حرب فلسطينية. المليون ونصف فلسطيني المعفيين من دفع الضرائب ومن الحياة الطبيعية ومئات ألاف الغزاويين الذين يمسكون بأنبوب الهواء الذي يفتح من لحظة لأخرى عبر الثغرة التي فتحتها حماس في السور المحاصر هم مادة متفجرة كانت الانتفاضة الأولى والثانية قد انبعثت منها.
وفي نفس اللحظة وبسبب نفس الحصار اضطر القادة العرب ايضاً الى تبني غزة الى أحضانهم ككيان فلسطيني من دون صلة بكونه محكوماً من قبل حماس.
استطلاع أجرته جامعة بيرزيت يشير الى ان أكثر من 80% من السكان يريدون المصالحة بين حماس وفتح. هؤلاء لا يريدون الانفصال بين الضفة وغزة ولا يعتبرونه أمراً طبيعياً يمكن التعايش معه بسلام. هم يدركون - وهذا ما يتوجب ان فعلته إسرائيل - ان غزة هي تهديد حقيقي للواقع في الضفة.