|
طلبة جامعة.. أم .. كافتيريات مجتمع الجامعة لكن طالب الجامعة يجد فيها متعة أكبر من ذلك بما يكفي لقضاء نهاره فيها. إذا دخلت إحدى كافتيريات الجامعة تتمنى لو أنك تنهي زيارتك لها بسرعة فأول ماتلاقيه ضباب من الدخان الأسود الذي يحجب رؤية كل شيء في الكافتيريا, وبعد أن تحاول مجهداً عينيك رؤية ماورائه تجد خلية نحل طلابية بألوانها وصخبها حتى بطنينها حيث تتعالى فيها الأصوات وتتشابك ولانعرف من أين الضجيج من الطلاب أم المذياع أم من التلفزيون? تلك الشاشة المعلقة على جدران وأعمدة الكافتيريا. والتي تتكرر فيها الصور وكأنها تساهم في تلك الفوضى. عدد كبير من الطلاب يملأ المكان..فهل أصبحت الكافتيريات جامعة أخرى? هل تحولت إلى جامعة جديدة? لماذا يتجه الطلاب إلى كافتيريا الجامعة? توجهنا بهذه الأسئلة إلى بعض الطلاب في الجامعات فجاء جواب أحمد وهو أحد الطلاب المداومين في الكافتريا: أنا أهرب من البرد القارس في ممرات المبنى الجامعي وقاعة المحاضرات خاصة إذا لم يسمح لي المحاضر بالدخول إلى المحاضرة بعده لأني قد اضطر للتأخر أحياناً عن أول محاضرة بسبب صعوبة المواصلات ومنزلي بعيد عن الجامعة. أما عبير فتقول إن الكافتيريا تمثل محطة هروب لكثير من الطلاب الذين تبدأ محاضراتهم من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة مساءً فذلك دوام طويل, ما يجعل الطالب في حالة تعب وشعور بالصداع طوال النهار وخاصة أن مدة المحاضرة ساعتان وتحتاج إلى تركيز الطالب وانتباهه كله ما يؤدي إلى الإرهاق, وأن وقت الراحة بين المحاضرات لايكفي لإزالة هذا الإرهاق. ويقول الطالب عدنان عن تواجده في الكافتيريا لمدة طويلة أنه لايكفيه النهار للقيام بكل واجباته والتزاماته سواء كانت حضور المحاضرات وتحقيق نسبة دوام, أو واجباته الأسرية والتزاماته خارج الجامعة, بالإضافة إلى أصدقائه الذين لايراهم, وأن الكافتيريا تحل له هذه المشاكل, فهو يخرج من المحاضرة بعد بدئها بقليل أي بعد تسجيل الحضور, ويتجه إلى الكافتيريا ليرى أصدقاءه وربما ينقل بعض المحاضرات أو يقوم بواجبات القسم العملي لمواده. وعندما سألنا صبا عن ظاهرة تواجد الطلاب الدائم في الكافتيريا, قالت: إن الطلاب يتواجدون في الكافتيريات وقتاً طويلاً وبشكلٍ مبالغ فيه, حتى إننا إذا دخلنا ولم نجد أحدهم (وذلك قلما يحدث ) نستغرب جداً ونقول إنه غائب, لأننا أنا وزملائي نسميهم طلاب كافتيريا, وعموماً هناك عدد لابأس به من الطلاب الذين سبق لهم وتخرجوا من الجامعة, حيث يتردد هؤلاء بشكل دائم على الكافتيريا, وبرأيها أن سبب تواجدهم هذا هو البطالة وعدم وجود وظائف أو مايعملون به بعد التخرج لذلك تخرجوا من الجامعة لكنهم لم يتخرجوا من الكافتريا بعد. وكان لبعض أساتذة الجامعة رأي مغاير لمبررات الطلاب على تواجدهم الدائم في الكافتريا طوال مدة الدوام, فبرأيهم أن طالب اليوم مختلف عن طالب الأمس الذي كان مهتماً بالدراسة والبحث والاجتهاد وكذلك تحليه بروح المنافسة العالية, كما أنه كان يقضي أوقات فراغه بين رفوف المكتبات والمراجع, أما طالب اليوم فهو يهتم بهندامه وزملائه وترفيهه أكثر من دراسته, ولايجتهد إلا عند الامتحانات ويكتفي بالمرور فقط على مواده وذلك لأنه يفتقد روح المنافسة. إن الاتجاه إلى الكافتيريا ليس عيباً بحد ذاته في إطار تناول الطعام والدردشة لبعض الوقت, وكذلك لإزالة إرهاق المحاضرات الكثيرة لمدة دقائق وليس للهروب من مقاعد المحاضرات, أما قضاء الطالب اليوم بكامله فيها وعدم اهتمامه بالزمن وجلوسه ومشاركته في رائحة دخان السجائر والفوضى ذلك أمر آخر. ونجد أن إدارات الجامعات معنية بتهيئة المناخ الجامعي المناسب لجذب الطالب إلى قاعة المحاضرات بدلاً من الهروب منها وذلك بطرح عطاءات جديدة وبشروط جديدة.
|