مضت خمس واربعون سنة من عمر ثورة آذار التي كانت محطة تحول اجتماعي واقتصادي وسياسي في حياة سورية, نقلتها من مرحلة الفوضى والحاجة والضياع الى واقع الاستقرار والكفاية وقوة الموقف.
مضت سنوات حملت في كل يوم من ايامها جديدا يعكس تنفيذا عملياتياً للرؤية الفكرية للحزب الذي فجرها صباح الثامن من آذار عام 1963 منهياً مرحلة مخاض عصيبة عاشتها سورية ما بين سقوط مشروع الوحدة وانطلاق لحظة التغيير الملتزم الذي بدأه البعث التزاما بأهدافه ومبادئه المستندة الى سنوات طويلة من المعاناة ومعرفة دقيقة بواقع الامة, ونزوع حقيقي لتغيير الواقع الذي فرضته سنوات الاحتلال والقهر والفقر.
كان البعث استجابة مباشرة لاحتياجات الامة ورداً على واقعها المتردي, فيما كانت ثورة آذار التعبير الواقعي للمبادئ والافكار التي حملها جيل الرواد ونفذها المؤمنون بوحدة الامة, ساعين لوضع حجر الاساس نحو الانطلاق الى المشروع الوحدوي الاكبر.
ثمة نجاحات كبيرة استطاعت ثورة البعث تحقيقها في جميع المجالات, وعلى المستويات المحلية والاقليمية والدولية, وبالمقابل ثمة تجارب واخطاء افرزتها الظروف, فضلا عن صعوبة الاهداف الموضوعة التي تجابه مشاريع خارجية تعمل لإسقاط المشاريع القومية والوطنية في المنطقة .
في كل زاوية من سورية تستمر آثار آذار جلية في التعليم والاقتصاد والخدمات والبنى التحتية التي ربطت قرى ومدن الدولة بشبكات من الطرق والجسور وخطوط الهاتف وغيرها بصورة قل نظيرها في العالم, ولا تماثل التطور الطبيعي المفترض لنمو مثل هذه الخدمات في أي مجتمع من المجتمعات.
وإذا تركنا للارقام ان تقول كلام الفصل في حجم التغيير في البنى الفوقية لوجدنا ان قرابة خمسة ملايين طالب يتلقون تعليمهم المجاني في مختلف المراحل ويتوزعون على الاف المدارس وينتظمون في قرابة عشرين جامعة رسمية وخاصة, وهم يمثلون المجتمع السوري بلحمته الوطنية التي تعد نموذجا للعطاء والتفاعل وصدق الانتماء.
ويبقى من آذار وثورته تلك القدرة على خلق أكثر من مليوني فرصة عمل في القطاع العام فضلا عن قرابة مليون فرصة في القطاع الخاص والمشترك.
وتفرض مبادئ البعث حضورها الطبيعي في حياة المجتمع باعتبارها الاستجابة والرد الطبيعيين لآمال وتطلعات ومطالب المواطن..أي مواطن.
وبهذه المناسبة احتفلت جماهير شعبنا وقواتنا المسلحة وجالياتنا في دول العالم امس بالذكرى الخامسة والاربعين لثورة الثامن من آذار المجيدة التي جاءت تعبيراً صادقاً وأميناً لتطلعاتها في بناء مجتمع متحرر متقدم وكانت نقطة انطلاق لتغيير جذري رسم معالم الطريق لترسيخ قيم الحق والعدل والانتصار.
كما كانت انطلاقة قوية لاعادة بناء سورية في شتى الميادين وشكلت نقطة تحول قومي نحو بناء التضامن العربي المنشود.
كما أحيت سفاراتنا وأبناء جالياتنا في بلاد الاغتراب ذكرى ثورة آذار منوهين بحكمة السيد الرئيس بشار الأسد وبمسيرة التطوير والتحديث التي يقودها إلى جانب الفكر المتجدد واعتماد الشفافية والفكر المؤسساتي.
فقد احتفلت قواتنا المسلحة الباسلة بمختلف صنوفها البرية والبحرية والجوية بالذكرى الغالية حيث زينت الثكنات والمواقع العسكرية بصور السيد الرئيس الفريق بشار الأسد القائد العام للجيش والقوات المسلحة وبالأعلام الوطنية واللافتات المعبرة عن عظمة الثورة بما طرحته من أهداف قومية كبرى وبما رسخته من فكر نضالي ثوري أفضى إلى تمكين الجماهير من إدراك واقعها واستشراف آفاق مستقبلها.
والتقى القادة المقاتلين في مهرجانات خطابية تحدثوا فيها عن ثورة آذار المجيدة التي أسست لمرحلة جديدة ترسخت فيها سلطة الجماهير عبر قيادة الحزب للدولة والمجتمع فشرعت الثورة في إحداث تغيرات جذرية في البنية الهيكلية للعلاقات التي كانت سائدة على الصعد كلها وعملت على تحقيق البناء والنماء وفق ما تتطلبه حتمية المواجهة مع القوى المعادية.
وأشار القادة في كلماتهم إلى الدور الكبير للقائد الخالد حافظ الأسد في انتصار الثورة وبناء الجيش العقائدي الذي قدم صوراً رائعة في البطولة وكان من أبرزها حرب تشرين التحريرية.
كما أشاد القادة في كلماتهم بالسياسة الحكيمة والشجاعة التي تنتهجها سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد والتي أثبتت مصداقيتها وقدرتها على مواجهة التحديات مؤكدين أن سورية مصممة على استرداد حقوقها وتحرير أراضيها المحتلة متمسكة بثوابتها من أجل تحقيق السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وتحدث القادة في كلماتهم عن أهمية انعقاد مؤتمر القمة العربية بدمشق أواخر الشهر الحالي مؤكدين أن حاجة العرب للتضامن ورص الصفوف الآن هي أكثر من أي وقت مضى.
واختتم القادة كلماتهم بتوجيه التحية إلى الرئيس الأسد معاهدين سيادته على مواصلة التدريب والعمل الدؤوب لكي تبقى قواتنا المسلحة الدرع الحصين والمدافع القوي عن حرية الوطن وكرامة الأمة. وبهذه المناسبة الغالية فتح صرح الشهيد في قاسيون أبوابه للزائرين مجاناً.