ولم تخرج القمة العربية المنتظرة في (الرياض) عاصمة المملكة العربية السعودية والتي من المقرر عقدها في28 و29 آذار من هذا العام عن هذا التقليد, وإن بدأ الحديث عنها وظهور التحليلات والأخبار حولها في فترة مبكرة بدأت في شهر شباط الماضي.
فكثر الحديث والتحليل عن هذه القمة المرتقبة والمواضيع التي ستطرح أمامها, وهي المواضيع التي تتراوح بين القضية الفلسطينية وهو الموضوع الذي لم يغب يوماً عن أجندة القمم العربية منذ أول قمة عربية عقدت في العام 1946 في أنشاص في مصر, وصولاً إلى المواضيع التي استجدت خلال الفترة ما بين القمة الماضية وانعقاد القمة القادمة مثل موضوع الاعتداءات والحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى في القدس, وتطورات الوضع في العراق ولبنان, والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بعد فوز حركة حماس بالانتخابات, ومواضيع الأمن والتعاون العربي حيث تم عرض 20 موضوعاً على الاجتماع التحضيري للقمة على مستوى وزراء الخارجية وتم التباحث فيها ليتم عرضها على القادة العرب خلال قمتهم الدورية العادية ال (19) في الرياض.
لكن ما يميز الحديث الإعلامي عن القمة المنتظرة في الرياض هو الدور الذي من الممكن أن تلعبه في تنقية الأجواء العربية - العربية من الغيوم التي تلبدت بها خلال العام المنصرم.
ولعله من المفيد في هذا الجو الإعلامي المهتم بالقمة أن نلقي بعض الإضاءات على تاريخ مؤسسة القمة العربية والقمم العربية التي عقدت حتى الآن.
يمكن تقسيم تاريخ القمم العربية إلى أربع مراحل رئيسية:
(المرحلة الأولى): هي مرحلة التأسيس لمؤسسة القمة العربية, حيث نشأت فكرة عقد قمة تجمع رؤساء وملوك الدول العربية بعيد إنشاء الجامعة العربية عام 1945 ومع بداية حصول الدول العربية استقلالها, حيث كانت المؤتمرات الأولى بمثابة اجتماع يعقده رؤساء وملوك الدول العربية, للرد على التحديات التي تواجه الأمة فكان مؤتمر القمة الأول في أنشاص (مصر) 28-29 أيار 1946 للرد على المخطط الصهيوني في فلسطين والرد على محاولات التقسيم, ومؤتمر القمة الثاني في بيروت (لبنان) 13-14 تشرين الأول 1956 لمناصرة مصر خلال العدوان الثلاثي (الفرنسي البريطاني الإسرائيلي) عام .1956
(المرحلة الثانية): بدأت بعد مؤتمر بيروت حيث تم الاتفاق على إنشاء مؤسسة القمة العربية كأعلى سلطة في جامعة الدول العربية, واتفق الملوك والرؤساء العرب على ضرورة الاجتماع بشكل دوري فكانت القمم العربية العادية التالية:
1-القاهرة (مصر) 13-17 كانون الثاني .1964
2- الإسكندرية (مصر) 9-11 أيلول .1964
3-الدار البيضاء (المغرب) 13-17 أيلول .1965
4-الخرطوم (السودان) 29 آب - 1 أيلول .1967
5- الرباط (المغرب) 23 كانون الأول .1969
6- الجزائر (الجزائر) 26 - 29 تشرين الثاني .1973
7- الرباط (المغرب) 25 - 26 تشرين الأول .1974
8- القاهرة (مصر) 26 - 29 تشرين الأول .1976
9- بغداد (العراق) 2 - 5 تشرين الثاني .1978
10- تونس (تونس) 20 - 22 تشرين الثاني .1979
11- عمان (الأردن) 25 - 27 تشرين الثاني .1980
12- فاس 1 (المغرب) 25 تشرين الثاني ,1981 وتم تعليق جلسات القمة بعد اليوم الأول لها, وتم تحديد المكان نفسه في العام المقبل كموعد لمتابعة أعمال هذه القمة.
12- قمة فاس 2 (المغرب) 6 - 9 أيلول .1982
وخلال هذه الفترة عقدت قمتان على هامش القمم العادية الأولى في طرابلس الغرب (ليبيا) في 21 حزيران 1970 خصصت للمشاركة في احتفالات ليبيا بجلاء القواعد الأجنبية عن أرضها, والثانية طارئة في القاهرة (مصر) في 27 أيلول 1970 خصصت لحل أزمة (أيلول الأسود) بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
(المرحلة الثالثة): لم يتم تحديد موعد ومكان انعقاد القمة العربية العادية التالية بعد مؤتمر قمة فاس ,2 مما أدى إلى دخول مؤسسة القمة العربية في حالة من عدم الاستقرار التنظيمي, حيث لم تعد القمة العربية تنعقد بشكل دوري أو منتظم بل بشكل استثنائي أو طارئ وعقد خلال تلك الفترة القمم التالية:
1- القمة الاستثنائية في الدار البيضاء (المغرب) 7 - 9 آب .1985
2- القمة الطارئة في عمان (الأردن) 8 - 11 تشرين الأول 1987 وخصصت للحرب العراقية الإيرانية.
3- القمة الاستثنائية في الجزائر (الجزائر) 7 - 9 حزيران .1988
4- القمة الاستثنائية في الدار البيضاء (المغرب) 23 - 26 أيار ,1989 وهي القمة التي شهدت المصالحة السورية - المصرية وعودة مصر إلى الجامعة العربية.
5- القمة الاستثنائية في بغداد (العراق) 28 - 30 أيار .1990
6- القمة الطارئة في القاهرة (مصر) 9 - 10 آب ,1990 وخصصت لبحث غزو العراق للكويت.
7- القمة الطارئة في القاهرة (مصر) 23 حزيران ,1996 وخصصت لبحث تداعيات وصول حزب الليكود واليمين الإسرائيلي إلى الحكم وتأثير ذلك على عملية السلام.
8- القمة الطارئة في القاهرة (مصر) 27 - 28 آذار ,2000 وخصصت لبحث موضوع الانتفاضة الفلسطينية الثانية إثر دخول شارون إلى المسجد الأقصى.
(المرحلة الرابعة): تم في القمة الطارئة التي انعقدت في القاهرة عام 2000 الاتفاق على إعادة تفعيل مؤسسة القمة العربية ووضع الأسس والقواعد لضمان انعقادها بشكل دوري كل عام, حيث اتفق القادة العرب على وضع مؤسسة القمة العربية ضمن اجتماعات مجلس الجامعة العربية وإطلاق اسم (الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة) على القمة العربية, وتحديد زمان انعقاد هذه الدورة نهاية شهر آذار من كل عام, على أن ترأسها الدول العربية بحسب الترتيب الأبجدي وتستضيفها على أرضها أو في دولة المقر بحسب رغبتها, ويكون رئيس كل قمة هو رئيس مجلس الجامعة لحين انعقاد الدورة التالية.
وتم حتى الآن بحسب هذه الآلية الجديدة عقد الدورات التالية:
13- عمان (الأردن) 27 - 28 آذار .2001
14- بيروت (لبنان) 27 - 28 آذار ,2002 وذلك بعد أن تبادلت دولة الإمارات العربية المتحدة ولبنان ترتيبهما في استضافة القمم.
15- شرم الشيخ (مصر) 1 آذار ,2003 حيث طلبت مملكة البحرين الرئيس الدوري لمجلس الجامعة عقد القمة في جمهورية مصر العربية (شرم الشيخ).
16- تونس (تونس) 22 - 23 أيار ,2004 بعد أن تم تأجيل القمة لحين حل الخلافات الناشبة حول جدول أعمال القمة والبيان الختامي لها.
17- الجزائر (الجزائر) 22 - 23 آذار .2005
18- الخرطوم (السودان) 28 - 29 آذار .2006
وبذلك يكون مجموع القمم العربية التي عقدت حتى اليوم 28 قمة عربية, وتحمل قمة الرياض المنتظرة الرقم (31) في الترتيب العام للقمم العربية العادية والطارئة والاستثنائية على مدى 61 عاماً منذ انعقاد أول قمة عام 1946 وحتى اليوم, بينما تحمل الرقم (19) في إطار القمم العادية.
وخارج إطار مؤسسة القمة العربية تم عقد العديد من القمم العربية المصغرة مثل القمم الخاصة بمجلس التعاون الخليجي, والقمم المغاربية, وقمم جبهة الصمود والتصدي, والقمم الثلاثية بين سورية ومصر والسعودية, والقمة السداسية في الرياض التي أقرت إنشاء قوات الردع العربية لإنقاذ لبنان من الحرب الأهلية.
وتبقى مؤسسة القمة العربية رغم جميع المصاعب والانتقادات التي تعرضت لها أعلى سلطة عربية مشتركة, وتبقى الرمز الأكبر إلى جانب جامعة الدول العربية لرغبة الشعوب العربية في التضامن في وجه التحديات والعمل المشترك من أجل تحسين الواقع العربي, ويبقى انعقاد دورات هذه المؤسسة بشكل دوري عاملاً يثير التفاؤل في مستقبل العمل العربي المشترك والتضامن لما فيه مصلحة الشعوب العربية في مجالات السياسة والاقتصاد والبيئة والثقافة والإعلام والصحة والتعليم والسياحة والرياضة والشباب وشؤون المرأة العربية والمغتربين العرب وحوار الحضارات والأديان.