ليس فقط في الأجندة الخارجية لقوى السلطة إنما في وجود بعض أقطاب فريق 14 شباط ممن يعتقدون أنهم سيعودون إلى حجمهم الطبيعي فيما لو تمت التسوية الداخلية. وأضاف فريق السلطة يسعى إلى توتير الأجواء ويمارس التصعيد وهو لا يتوانى عن استعادة صورة الحرب الأهلية عبر ميليشياته التي قتلت المواطنين في أكثر من منطقة في لبنان.أقوال ومواقف النائب سعد جاءت خلال حوار خاص أجرته معه (الثورة) في بيروت وهذا نصه:
* الاعتصام الشعبي السلمي لقوى المعارضة الوطنية يدخل شهره الرابع إلى أن تسير الأمور بشكل عام في لبنان اليوم?
** إن الوضع في لبنان يتجه إلى مزيد من التعقيد والتوتير ولا يبعث على الرضا خصوصاً مع إقفال باب التسويات وتعنت الفريق الحاكم الذي بات أقطابه يجاهرون باستخدام العنف في معالجة القضايا ما يؤسس لمرحلة خطيرة جداً سيشهدها لبنان وبتنا أمام مشهد مماثل لعام 1975 وهو العام الذي تفجرت فيه الحرب الأهلية اللبنانية, وأجزم أن المعارضة الوطنية هي من يعطل محاولات السلطة لأخذ لبنان إلى فتنة داخلية مدمرة, وهي لن تنجر لهذه المحاولات ولن تقع في فخ الاستدراج وستفوت الفرصة على الفريق المتسلط ومن ورائه أميركا واسرائيل. أما لجهة الاعتصام المفتوح الذي تنفذه المعارضة فهو سيستمر حتى تحقيق مطلب الشراكة الوطنية ,ونفس المعارضة طويل على الرغم من رهانات أهل السلطة بأن الوقت كفيل بجعل المعارضة تمل وتفتر همتها وهو رهان مغاير للواقع, فقوى المعارضة الوطنية اللبنانية ستستمر في تحركها بكل الوسائل الديمقراطية وستواصل نضالها السلمي والديمقراطي للوصول إلى أهدافها وهي لن تتراجع عن مطلب تحقيق حكومة وحدة وطنية أو انتخابات نيابية مبكرة عبر حكومة انتقالية تضع قانون انتخاب نيابي صحي وسليم, ولن تتراجع عن هذه الأهداف المتواضعة, والتي تؤمن الاستقرار السياسي والأمني وتحصن لبنان في مواجهة المخاطر التي تتهدده وتعالج الأزمات المتعددة التي يعاني منها اللبنانيون.
* هل ستطلب المعارضة إجراء انتخابات نيابية مبكرة?
** إن المعارضة عندما طرحت المشاركة إنما طرحت ذلك من موقع فهمها لتركيبة لبنان وبنية نظامه وهي بذلك لا تسعى للاستئثار,لكن الفريق الحاكم ينطلق من تعنته في التفرد بأنه يستند إلى أكثرية نيابية, وهو منطق يدعو للسخرية فالجميع يعرف أن هذه الأكثرية البسيطة ما كانت لتصل لولا جملة عوامل منها, طبيعة قانون الانتخابات الذي جرت العملية الانتخابية على أساسه ,وثانياً أن الفريق المتسلط استغل لحظة سياسية وعاطفية تمثلت باغتيال الرئيس رفيق الحريري والتحريض الطائفي والمذهبي الذي مورس من أجل كسب الأصوات وثالثهما طبيعة التحالفات التي نسجها الفريق الحاكم عبر التحالف الرباعي الذي وفر له أكثرية في المجلس الحالي, لذلك يبدو أمر إجراء انتخابات نيابية مبكرة والاحتكام إلى الناس هو الأمر المنطقي لإعادة تصويب الخلل وتكون السلطة التشريعية من جديد.
* مالسبيل الدستوري والشعبي لإجراء انتخابات نيابية مبكرة?
** إن فريق 14 شباط يدرك تماماً مأزقه السياسي والشعبي لذلك يعمل إلى توتير الأجواء ويمارس التصعيد ولا يتوانى عن استعادة صورة الحرب الأهلية اللبنانية عبر ميليشياته التي قتلت المواطنين في أكثر من منطقة من لبنان وهو بذلك يلعب لعبة قذرة, لكننا واثقون أن الأمور في نهاية المطاف لن تكون إلا لمصلحة اللبنانيين, أما لجهة استحقاق إجراء انتخابات نيابية مبكرة فأقول إن المعارضة لا تملك في سعيها لتحقيق أهدافها الذي باتت الانتخابات المبكرة واحدة منها إلا الوسائل الديمقراطية السلمية الحضارية والاحتكام للشارع أما من الناحية الدستورية فالأمر بسيط ويكون أمر إجراء الانتخابات المبكرة عبر حكومة انتقالية .
* ما قصة توزيع السلاح والمال الذي تقوم به السلطة على عناصر متطرفة في لبنان وفق توجهات الإدارة الأميركية?
** من الواضح أن لجوء فريق السلطة إلى استخدام التحريض الطائفي والمذهبي كان نتيجة لإفلاسه السياسي والشعبي ولارتباط مشروعه بالمشروع الأميركي الذي يسعى إلى تفتيت المنطقة عرقياً ومذهبياً إنقاذاً لنظرية الفوضى الخلاقة, لذلك يوفر فريق السلطة كل الإمكانات لأطراف أصولية تأخذ على عاتقها مهمة التصدي للمقاومة مستفيدة من المناخات والأجواء الطائفية التي أغرق بها العراق.
* ما السبيل برأيكم للخروج من المأزق الذي يعيشه لبنان?
** إن المعارضة الوطنية عندما تقول إنها لن ترفع السلاح فهي صادقة في ذلك وأثبتت بفعالية على عكس فريق السلطة أنها تتمتع بحس وطني عال وبوعي كبير وهي تعتبر أن الحرب الأهلية خط أحمر ولن تنجر إلى استفزازات السلطة وميليشياتها وهي ترجمت أقوالها أفعالاً عندما تصرف جمهورها بحكمة على رصاص السلطة الذي قتل الشبان ولم تذهب إلى ردات فعل, بينما ميليشيات السلطة غدرت وقتلت وأمعنت في جر البلاد إلى الفتنة وهي خلافاً لما يروجه قادتها بالادعاء والحرص على الاستقرار والسلم الأهلي فإن الممارسات تبدو عكس ذلك وآخر هم لدى السلطة الاستقرار والسلم وهي تثبت الفرقة والشقاق بينهم وتضعهم في مواجهة بعضهم هي سلطة غير مؤتمنة على السلم في لبنان.
* لماذا إصرار الفريق الحاكم على أخذ لبنان إلى غير موقعه العربي وربطه بالمشروع الأميركي بالمنطقة?
**لطالما قلنا إن من هم في السلطة في لبنان لا يمتلكون جدول أعمال لبنانياً وهم ينفذون أجندة خارجية وقد بدا ذلك جلياً خلال حرب تموز الصهيونية على لبنان, إذ لا أفهم كيف يكون الواحد لبنانياً ويعمل ليلاً ونهاراً ضد مصلحة وطنه ويسهل العدوان لا بل يتواطأ معه, غير أن اندفاعة البعض لم يحدها الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة فأكمل في محاولاته كشف لبنان أمنياً وسياسياً واقتصادياً وفي سعي محموم لربطه بمحاور دولية ونقله من موقع الممانعة والمقاومة إلى الملتحق بركب المشروع الأميركي التدميري المولد للنزاعات والاضطرابات والحروب.
*المناخ الدولي لم يعد مؤاتياً لقوى السلطة كما كان من قبل , ما برأيكم فرص احتفاظ هذه القوى بهذا الدعم في المستوى المنظور?
** لا شك أن متغيرات حصلت على المسرح الدولي وسوف تحصل خلال الأشهر القليلة القادمة مع خروج الرئىس الفرنسي من الحكم وخروج طوني بلير وتعثر المشروع الأميركي على نطاق واسع في العراق والمنطقة وكلها عوامل لا تصب في مصلحة الفريق الحاكم في لبنان الذي يراهن على الدعم الخارجي في بقائه حيث هو, لكننا كمعارضة وطنية لبنانية ما يعنينا هو أن ميزان القوى المحلي شعبياً لصالح المعارضة.
* كيف تنظرون في التنظيم الناصري للطائفية السياسية?
** لا شك أن النظام السياسي في لبنان هو علة العلل وهو نظام ولاد للأزمات والحروب منذ نشأة هذا النظام, هنا تكمن المشكلة وفي جوهرها أن هذا النظام الطائفي التحاصصي لديه قدرة في توليد الأزمات من هنا نرى إنه لا بد من معالجة حقيقية للمسببات والأسباب وليس معالجة النتائج وأثبت هذه البنية أنها تقف حائلاً دون بناء وطن حقيقي. وباعتقادنا أن الخروج من هذا الواقع السياسي الطائفي إنما يكون بالمباشرة بإلغاء الطائفية السياسية وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغائها وفقاً لما نص عليه اتفاق الطائف وكذلك إقرار قانون انتخاب عصري خارج القيد الطائفي يؤدي إلى إنتاج طبقة سياسية غير طائفية وبناء المواطنة الحقيقية بحيث يصبح انتماء الفرد إلى الوطن لا أن يكون منتمياً إلى طائفة وعبرها يمر إلى فكرة الوطن.
* إلى أين تسير الأمور في لبنان اليوم?
* * إن المصلحة الوطنية اللبنانية تقتضي الوصول إلى حل سياسي للأزمة وبأسرع وقت والمطلوب من فريق السلطة المتحكم والمستأثر أن يتجاوب مع مسعى المعارضة من أجل الحل السياسي والخروج من الأزمة التي يتخبط بها لبنان وعدم رفضه للحلول والتسويات. لكن المشكلة الكبرى التي تعثر الحل السياسي في لبنان إنما تكمن ليس فقط في الأجندة الخارجية لقوى السلطة إنما أيضاً وجود بعض أقطاب فريق الرابع من شباط ممن يعتقدون أنهم سيعودون إلى حجمهم الطبيعي فيما لو تمت التسوية الداخلية فهؤلاء باتوا يشعرون بخسارة مواقعهم المضخمة والمصطنعة الأحجام والأوزان لذلك ليس من مصلحتهم الوصول إلى الحل وكثيراً ما جاهر العديد من هؤلاء بأن نفوذهم في الأزمات والحروب وقوة تأثيرهم أقوى منها بكثير في فترة الهدوء والاستقرار.