الأميركية -الاسرائيلية وخصوصاً في لغات وقضايا المنطقة هي التي أجبرته على تحديد جدول زمني لانسحاب القوات البريطانية من العراق.
ولهذا فإن أحد الصحفيين البريطانيين كتب مقالاً قبل أيام شبه فيه التحالف الأميركي البريطاني بالكلب المسعور الذي يمثل جورج بوش رأسه وطوني بلير ذيله في حين اسرائيل تمسك بالحبل الذي يقوده.
لقد أدى تعنت رئيس وزراء بريطانيا في الانسياق وراء سياسة واشنطن وتل أبيب وعدم الإذعان للأصوات البريطانية في تنفيذ انسحاب قواته من المستنقع العراقي إلى فقدان بلير مزيداً من شعبيته.
وهذا ما عكس بالطبع إلى تزايد صفوف المؤيدين لحزب المحافظين وهو ما عكسه بوضوح الشارع البريطاني خلال العام الماضي مما جعل أعضاء حزب العمال يسلمون بالنتيجة فوراً في الانتخابات البرلمانية البريطانية القادمة لصالح حزب المحافظين.
على أي حال مهما كانت أسباب ودوافع قرار طوني بلير بسحب جزء من قواته من العراق إلا أنه لابد من الاعتراف بحقيقة ثابتة من استحالة فوزه مرة أخرى بزعامة حزبه أو في رئاسة الحكومة البريطانية الجديدة نظراً للتداعيات السلبية التي لحقت بسمعة ومصداقية بريطانيا في ظل عهده, وهذا بالطبع سينعكس سلباً أيضاً على إدارة بوش التي اعتمدت كلياً على السياسة البريطانية باعتبارها تقوم بدور الجسد الذي يربط علاقات أميركا بالغرب وبالشرق عموماً.ولهذا فإن ما أصاب السياسة البريطانية من ضعف في الوسط العالمي سيعوق بالتالي قدرتها في دعم المواقف الأميركية وتسويقها أوروبياً وخارجياً بشكل عام كما أن هذا سيضعف دون شك دور بريطانيا في التقليل من شأن الخلافات الأميركية الأوروبية ولاسيما حول مسألة حلف الناتو والحد من التغلغل الصيني والروسي في أوروبا وغيرها من مناطق العالم باعتبار أن بريطانيا كانت ولا تزال رأس الحربة الأميركية في اقناع الأوروبيين بشكل خاص بالخطر الصيني الروسي القادم من الشرق.
إن لغة الخطاب المزدوجة والمراوغة الثعلبية التي اتسمت بها سياسة طوني بلير الأخيرة ليست جديدة على ماضي وسمعة السياسة البريطانية على مر العصور المتسمة بالازدواجية واللعب على الحبلين أو أكثر والتغيير في الأقنعة والوجوه أمام الغير وهي سياسة متلونة الغايات لخدمة هدف واحد هو استمرار السيطرة على الغير والتحكم بمصائره.
إن صنع أزمات القرن الحادي والعشرين كانت بامتياز من قبل الثالوث الأميركي الاسرائيلي البريطاني والوجه الجديد لهذا الثالوث لاستكمال مشاريعه يتطلب لوناً جديداً من سياسة المكر والخداع والتمويه وتوزيعاً جديداً لأدوار كل طرف,وهذا ما يحدث على أرض الواقع .