وأخيرا الفساد الذي ينخر جسد الكيان الإسرائيلي,كلها قضايا تؤرق المؤسستين السياسية والعسكرية, وترى في تصدير هذه الأزمات إلى الخارج ,
جزءاً من الهروب منها,فالحديث حول احتمال نشوب حرب , وتعاظم قدرات حزب الله العسكرية` وتطور الجيش السوري وتزايد قدراته, والمناورات الواسعة في الأراضي العربية السورية المحتلة , كل ذلك يأتي في سياق تهيئة الرأي العام داخل الكيان , لشن عدوان جديد على سورية ولبنان عندما تحين الظروف.إلى جانب ذلك كله أكثرت الأجهزة الاستخبارية مؤخرا من نشر التقديرات المتناقضة حول البيئة الاستراتيجية المحيطة بإسرائيل والخيارات المطروحة أمامها في المرحلة الراهنة.
تحت عنوان التقديرات الاستخبارية في الإمتحان الأمني..كتب المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت والمراسل العسكري للتلفزيون الإسرائيلي سابقاً, رون بن يشاي في الزاوية الأمنية للصحيفة حول تقرير التقديرات الاستخبارية التي عرضت على الحكومة الإسرائيلية الأحد الماضي.وبرأيه فقد حملت هذه التقديرات الإستخبارية رسالة تنطوي على تناقض داخلي; إيران وسورية وحماس وحزب الله يتسلحون بسرعة بوسائل قتالية متطورة, ويطورون طرق العمل, ويجرون استعدادات ميدانية لمواجهات واسعة, ويواصلون تفعيل ودعم الإرهاب. إلا أن عناصر الاستخبارات قالوا إنه بالرغم من المعلومات المثيرة للقلق, فإنه لا يوجد دلالات تظهر أن قادة إيران وسورية وحزب الله ينوون شن هجوم على نطاق واسع على إسرائيل في الفترة القريبة, ومن هنا فقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أن الاحتمالات بوقوع الحرب في السنة القريبة ضئيلة.هذه التقديرات إشكالية في أقل تقدير, ويجدر أن يتم التعامل معها بكثير من الشك. فغالبية الحروب في العصر الحديث, في العالم وفي المنطقة, قد اندلعت في التوقيت غير المتوقع, وبشكل مفاجئ للأطراف المشاركة في الحرب ,ويتابع الكاتب .. أنه في الحروب التي كانت إسرائيل طرفاً فيها, كان هناك فقط حربان نتيجة مبادرة وتخطيط من القادة العرب, حرب عام 48 وحرب 73, بالإضافة إلى حربين بمبادرة إسرائيل الكاملة; حرب 56 وحرب لبنان الأولى 82, أما باقي الحروب فقد فاجأت إسرائيل عندما اندلعت نتيجة اقتران مفاجئ لجملة من الظروف والأحداث التي تفاقمت إلى حد الحرب. ويقع ضمن هذه الحروب حرب عام 67 وحرب الاستنزاف وحرب الخليج الأولى حيث تم قصف إسرائيل بصواريخ سكاد العراقية وحرب لبنان الثانية.وبذلك يصل الكاتب إلى نتيجة مفادها أنه في الحروب الثماني التي كانت إسرائيل طرفاً فيها, فإن 5 حروب لم تكن متوقعة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية, وفي كل هذه الحروب كانت تقديرات الاستخبارات تشير إلى احتمالات منخفضة لنشوب حرب. ما يعني أن من تبددت تقديراته 5 مرات ينبغي أن يكن أكثر حذراً, فكم بالحري عندما تكون الاحتمالات بتدهور الوضع إلى حد الحرب أكبر من أي وقت مضى..
وبرأيه ربما من الممكن تقبل فرضية أن الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ليسا معنيين حالياً بالحرب مع إسرائيل, ولكن هناك دلالات واضحة تشير إلى أن هناك الكثيرين في القيادة السورية يؤيدون (تسخين الحدود) مع إسرائيل, على طريقة عمليات المقاومة لحزب الله. وعلى إسرائيل أن تسأل نفسها كيف تتصرف في هذه الحالة عندما تتعرض المستوطنات في هضبة الجولان (للإزعاج) وربما لصواريخ الكاتيوشا? وهل سترد إسرائيل? وهل يمكن أن يتدهور الوضع إلى الحرب ويقوم حزب الله بدوره بإطلاق صواريخ من مواقع في شمال نهر الليطاني? وماذا سيحصل لو حاولت الولايات المتحدة, بواسطة الهجوم الجوي المحدود, منع إيران من تقديم المساعدات للمتمردين في العراق, أو منع تسلحها النووي? وهنا من المحتمل ألا يقفز الرد الإيراني عن إسرائيل. علاوة على أن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة قد تدفع عناصر إسلامية إلى زيادة الدعم للفلسطينيين بشكل يضطر إسرائيل إلى العمل في جبهات أخرى.
كما يضيف أنه على ضوء ذلك, فمن الأجدر بشعبة الاستخبارات في هيئة الأركان أن تتصرف بحذر أكبر قبل أن تطلق صافرات التهدئة بشأن إمكانية اندلاع حرب في غضون العام القادم. وهذا الأمر صحيح بالنسبة لعناصر التقديرات في الهيئات الإستخبارية الأخرى; الموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك) ووحدة الدراسات السياسية في وزارة الخارجية, والذين يتشاطرون التقديرات نفسها. ولن يغير في الأمر شيئاً تلك التحفظات والملاحظات الهامشية التي أضافها رئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس الموساد إلى تقديراتهم. فحقيقة أنه للمرة الأولى في تاريخ الدولة يتم استدعاء هذه الهيئات لعرض تقديراتهم الاستخبارية بشكل مستقل أمام الحكومة, فإن ذلك يلقي المسؤولية المباشرة على كل واحد منهم في حال تبددت التقديرات.
إلى ذلك, فإن رؤساء الهيئات الاستخبارية, بالإضافة إلى رئيس الحكومة والجمهور, عليهم أن يعرفوا حدود تقديرات الاستخبارات التي تعطي صورة لقدرات ونوايا العدو. وتلزم دروس الحرب الأخيرة بأن يكون في إسرائيل هيئة مكملة تقوم بوضع تقديرات الاستخبارات في الصورة الإسرائيلية والإقليمية الشاملة لتوفر )تقديراً قومياً للوضع(. وبموجب هذا التقدير تستطيع الحكومة أن تتخذ القرارات النوعية والصحيحة في مجالات الأمن وتوزيع الموارد القومية.
بيد أن من يفترض به أن بإعداد هذا التقدير هو المجلس للأمن القومي, ولكن المصيبة هو أنه حتى الآن لا يوجد لهذا المجلس أية مكانة ومقدرة تتيح له تنفيذ هذه المهمة. ربما تستطيع نتائج لجنة فينوغراد إخراج هذه العربة من الوحل(.
من جهته يجمل المراسل الأمني ليديعوت أحرنوت ايتمار أيخر هذه التقديرات ويرى أن هناك سنة غير سهله تنتظر إسرائيل وان البيئة الاستراتيجية المحيطة بها أسوأ مما كانت عليه في العام الماضي ويقول: على مدى ست ساعات سمع و وزراء الحكومة التقدير الاستخباري للعام 2007 على لسان أسرة الاستخبارات الإسرائيلية. استطلاعا على قدر من الشمولية لم يسبق أن طرح في الحكومة بكامل هيئتها من قبل, ولا سيما بسبب التسريبات. قادة أجهزة الاستخبارات رسموا صورة, مقلقة, قاتمة ولكنهم أوضحوا: احتمال الحرب هذا العام منخفض.
تقدير الوضع العام
رئيس شعبة الاستخبارات, عاموس يدلين: المحيط الاستراتيجي لدولة إسرائيل اقل استقرارا مما كان. توجد فيه سياقات سلبية وتوجد فيه فرص أكبر مما كانت في العام الماضي. المعسكر المتطرف - إيران, سوريا وحزب الله - يتعزز. هذا المعسكر يعتقد أنه وجد الاستراتيجية للتصدي لإسرائيل: إرهاب وتصدي عسكري. العناصر البرغماتية في الشرق الأوسط تضعف. التهديدات العسكرية لإسرائيل متنوعة - من جانب هناك الإرهاب ومن جانب آخر صواريخ أرض - أرض وأسلحة غير تقليدية.
رئيس الموساد, مئير دغان: في رؤية الموساد لا يوجد خطر نشوب حرب في الشرق الأوسط في العام .
سوريا
شعبة الاستخبارات - (أمان): سوريا تلمح برغبتها في مسيرة سياسية, ولكنها غير مستعدة لان تقدم أي بادرة طيبة قبل الدخول في المسيرة. السوريون يواصلون بناء قوتهم العسكرية ويصعدون جاهزيتهم للحرب. احتمال الحرب على نطاق واسع بمبادرة سورية احتمال منخفض, ومع ذلك فان احتمال رد عسكري سوري لخطوات عسكرية إسرائيلية ضدها عال.
الموساد: يتفق مع( أمان) بان سوريا تعمل على تعزيز القدرة العسكرية الدفاعية لديها. سوريا مستعدة بقدر أكبر لأخذ مخاطر والرد على أعمال إسرائيلية ضدها بالقوة. وقدر دغان بان سوريا لن تكون مستعدة للتخلي عن العلاقة مع إيران, ولهذا برأيه لا جدوى من الحديث معها, خلافا لرأي (أمان), ولكن الخلاف بين الموساد و (أمان) في مسألة استئناف المفاوضات كاد لا يذكر في المداولات.
إيران
»أمان): في العام 2007 ازدياد التصميم الإيراني للتقدم في البرنامج النووي رغم المصاعب التكنولوجية. إيران تتخذ موقفا استفزازيا حيال الساحة الدولية. يوجد بداية بلورة معسكر عربي برغماتي ضد التهديد النووي الإيراني. الساحة الدولية تفضل مسار الروافع الاقتصادية والسياسية, عبر مجلس الأمن مثلا...الموساد: رئيس الموساد قال إن إيران تستثمر جهودا كبيرة في مواصلة تطوير القدرات النووية المستقلة وكشف النقاب عن توافق كامل في الرأي مع »أمان).
لبنان
»أمان): هذا العام سيحتدم الصراع على مستقبل وشكل لبنان. حزب الله يعيد بناء نفسه ويرمم قوته استعدادا لاستئناف النشاط العسكري حيال إسرائيل الموساد: حزب الله تلقى ضربة وهو مكبوح الجماح في النشاطات في جنوب لبنان بالقياس إلى سيطرته في الماضي.
رئيس جهاز الأمن العام »الشاباك) يوفال ديسكن: لقيادة فتح وحماس توجد مصلحة لإقامة حكومة وحدة, ولكن حتى لو قامت حكومة الوحدة, سيستمر صراع القوى على السيطرة في السلطة الفلسطينية. حكومة الوحدة ستدفع على تآكل مواقف الرباعية والأسرة الدولية. كل محافل الاستخبارات تتفق على أن حماس لا تعتزم تغيير إيديولوجيتها. تعاظم حماس من شأنه أن يصعد نجاعة العمليات الإرهابية من النار الصاروخية وحتى العمليات الانتحارية.
أمان: سيستمر الصراع بين فتح وحماس. حماس ستتعزز ومن شأنها أن تخرق الحصار السياسي والاقتصادي. المنظمة ستواصل بناء قوتها العسكرية وستتعاظم في قطاع غزة حسب نموذج حزب الله. في (يهودا والسامرة) الضفة الغربية فتح لا تزال قوية.
العراق
الموساد: يتعاظم التوتر السني - الشيعي في هذه الدولة. خروج أمريكي مبكر من العراق من المتوقع أن يؤدي إلى تفكك كل الساحة العراقية. أمان أيضا حذرت من الجهاد العالمي وتحدثت عن تحديد إسرائيل كهدف من جانب قيادة القاعدة.
وفي السياق نفسه يدعي عمير ربابورت المراسل الأمني لمعاريف بان هناك خلافاً بين الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية حول الموقف من سورية:الخلاف بين الأذرع الاستخبارية يصل إلى ذروته: وزراء الحكومة سيسمعون اليوم من رئيس الموساد ومن رئيس قسم شعبة الاستخبارات في الجيش »أمان) مواقف متعارضة حول وجوب إجراء المفاوضات السلمية مع سوريا أو عدمه. مع ذلك ستشير المؤسستان إلى أن سوريا قد شرعت في سباق تسلح حثيث إثر الحرب في لبنان.تعارض التقديرات بين »أمان) والموساد سيتجلى في إطار المداولات التي ستطرح فيهاالانقسام بين »أمان) والموساد يتمحور حول وجهة سوريا, هل هي نحو السلام أم الحرب. خلال التقديرات التي طرحها رئيس أمام رئيس الوزراء تكرر الموقف القائل أن علينا أن نستنفذ احتمالية التوصل للسلام مع سوريا. في داخل شعبة الاستخبارات العسكرية نفسها يوجد رأيان مختلفان: احدهما يقول بان سوريا معنية بالمفاوضات بالأساس من أجل رفع الضغط الدولي النابع من دعمها للإرهاب عنها, ولا تنوي التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل في آخر المطاف. أما الرأي الأخر فيقول بأنه إن أدرك السوريون بأنهم سيحصلون على كل هضبة الجولان فهناك فرصة حقيقية لتوقيعهم على اتفاق سلام مع إسرائيل.موقف »أمان) الرسمي هو أن على إسرائيل أن تستجيب للدعوة السورية لإجراء المفاوضات. هذا الموقف يقول أن لإسرائيل ما تكسبه من مجرد إجراء هذه المفاوضات إذ إنها ستبدد التوتر وتبعد خطر الحرب. في المقابل إن لم تستجب إسرائيل لدعوة السوريين للمفاوضات فان هذا الأمر سيدفع السوريين بصورة قاطعة لاختيار الاحتمال العسكري.رئيس الموساد مئير دغان سيطرح اليوم موقفه القاطع والقائل بان السوريين معنيين بالمفاوضات فقط من أجل إبعاد الضغط الدولي عنهم ولذلك يحظر على إسرائيل أن تتيح لها ذلك. في أوساط المعارضين للمفاوضات يوجد أيضا تصور يدعي أنه إن جرت المفاوضات ووصلت إلى طريق مسدود فستضطر سوريا إلى اختيار الحرب كما شرع الفلسطينيون في الانتفاضة الثانية بعد فشل محادثات كامب ديفيد في العام 2000.رئيس الموساد ورئيس شعبة الاستخبارات على حد سواء سيقولان اليوم للوزراء بأن احتمالية الحرب مع سوريا في السنة القادمة ما زالت متدنية جدا. في »أمان) يعتقدون بأن السوريين لن يشرعوا في الحرب قبل استنفاذهم لاحتمالية التوصل للسلام مع إسرائيل بينما يقدرون في الموساد أن السوريين لن يشرعوا في الحرب في هذه السنة من خلال تقديرهم بأنهم لا يمتلكون القدرة بعد لمواجهة إسرائيل. لذلك سيسرعون سباق التسلح حتى يستعدوا لمواجهة إسرائيل في أواخر العقد الحالي.