الإسرائيلية لتعميق الخلافات بين الأطراف الفلسطينية وفي مقدمتها حركتا (فتح) و(حماس) إلا أن هاتين الحركتين استطاعتا التوقيع على ما سمي باتفاق مكة,وقد باءت بالفشل محاولات الثنائي واشنطن- تل أبيب -عرقلة هذه المصالحة الوطنية داخل البيت الفلسطيني الواحد بالتدخل العسكري حيناً أو الدبلوماسي حيناً آخر.
فمنذ مطلع الألفية الجديدة نجحت قيادة الحركتين في الحيلولة دون انفجار الصراع الفلسطيني - الفلسطيني الذي تسعى له تل أبيب بشغف نظراً لأن مصلحتها التصدي لقيام أي وحدة وطنية فلسطينية أكان على صعيد الحكومة أو الشارع.
أما عودة الرباعية الدولية المؤلفة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة خلال لقاء واشنطن مطلع شباط 2007 الى ما يسمى خارطة الطريق فقد عملت على صب الزيت فوق نار الأزمة المستعرة.
إذ إن من المعروف أن مباحثات ورقة الطريق اطلقت قبل أربع سنوات من الآن بهدف قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ترى النور عام 2005 لكن ما حدث هو خلاف ذلك.
عندما أقدمت تل أبيب على تسريع عمليات تشييد (جدار الفصل العنصري) الذي يتغلغل داخل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ليضم مساحات جديدة منها تضاف الى المستوطنات الإسرائىلية واعتبر المراقبون هذا التسريع انتهاكاً لخطة خارطة الطريق الرامية الى تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وتدعو الخطة المذكورة أيضاً الى تجميد تلك الأعمال التوسعية طبقاً لقرار محكمة العدل الدولية التي وصفت تلك المستوطنات بأنها غير شرعية.
ورغم تعهدات الطاقم الحاكم في تل أبيب بإزالة تلك المنشآت الاستيطانية إلا أنه أي الطاقم لم يترجم هذا التعهد على أرض الواقع مع العلم أن رئيس الوزارة الإسرائيلية انتخب مطلع 2006 على أساس برنامج إزالة المستوطنات المعزولة في الضفة الغربية وخلال اجتماع الرباعية راح الثنائي واشنطن تل أبيب يضع شروطاً مسبقة قبل البدء بتنفيذ خارطة الطريق كوقف كفاح الفلسطينيين وتجريد هؤلاء الناشطين من أسلحتهم.
وكان وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) قد وصف دور الرباعية الدولية بأنه مثقل بمطالب غير واقعية وطلب ايضاحات من إدارة البيت الأبيض حول هذا الموضوع.
وبمناسبة مرور أربعين سنة على الاحتلال الإسرائيلي للأحياء العربية في القدس تنشط عمليات اليهود لاقامة جدار الفصل العنصري والتي تهدف لطرد سكان تلك الأحياء الفلسطينية من منازلهم فالجدار ينتصب اليوم داخل وحول القدس القديمة ليضمها قسراً للمناطق التي استولى عليها الإسرائيليون منذ عام .1967
ألم تشيد تل أبيب حتى الآن 130 كم من السور الاسمنتي المزود باسلاك شائكة من أصل 181 كم ستجتاز 700 كم داخل القدس الشرقية?ويفصل جدار الفصل العنصري القرى العربية عن المستوطنات الإسرائيلية ما سيعطي قوات التساحال فرصة مناسبة للسيطرة المطلقة على مدينة القدس بشطريها.
ويؤكد (مناحيم علاين) المحاضر في جامعة بار ايلان الإسرائيلية والمسؤول عن مركز بيت سالم الخاص بحقوق الانسان داخل الأراضي الفلسطينية وأبرز المشاركين في مباحثات جنيف .2003
إن مئة ألف فلسطيني أي 40% من سكان القدس الشرقية أصبحوا اليوم غرباء في مسقط رأسهم بعد أن منحتهم السلطات الإسرائيلية ورقة اقامة مؤقتة في مدينتهم ويعمل السور على عزلهم عن القدس بواسطة أسلاكه الشائكة وأبراج مراقبته وسيفقد هؤلاء حق الاقامة والبقاء في منازلهم لاحقاً هذا الى جانب مئة ألف فلسطيني آخر تقطن ضواحي القدس سيرميهم جدار الفصل العنصري خارج مدينتهم مع حرمانهم من حق الدخول إليها أو الوصول الى بواباتها.
هذا ويبدو أن مرحلة جدية في التاريخ الفلسطيني قد بدأت وذلك بعد أن توصلت حركتا حماس وفتح الى اتفاق مكة القاضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وسوف تسعى كل من حركتي حماس وفتح وغيرها من الفصائل الفلسطينية لاعادة بناء المجتمع الفلسطيني عقب الدمار الذي لحق به جراء الاحتلال الإسرائيلي فضلاً عن تدشين الفلسطينيين لحملة تدعو للحصول على حقوقهم الوطنية .
وسيتبع هذا الاتفاق بذل جهود حثيثة لانهاء حالة الحصار الإسرائىلي الاقتصادي والاداري المفروض على المناطق الفلسطينية الى جانب البدء بمحادثات مع الجانب الإسرائيلي بهدف انهاء احتلال أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة القائم منذ أربعين عاماً.
أما على الصعيد الداخلي فتحتاج الحكومة الجديدة الى دفع أجور موظفي الحكومة الجديدة واحقاق القانون والحفاظ على النطام وانهاء حالة الفوضى التي عمت الشارع الفلسطيني مؤخراً ويتهم الفلسطينيون المجتمع الدولي بمواقفه غير العادلة والنزيهة بسبب عدم ارتياحه لنتائج الانتخابات التي جرت عام 2006 وتمخضت عن فوز حركة حماس بالأغلبية.
فالحكومة التي تشكلت آنذاك كانت عاجزة عن دفع أجور موظفي الحكومة بسبب العقوبات المصرفية الدولية الى جانب رفض تل أبيب تحويل ملايين من الدولارات التي جمعت من الضرائب لمصلحة الشعب الفلسطيني ما أدى الى ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض معدل الدخل الفردي الى أدنى مستوياته.
والجدير بالذكر أن القوات الإسرائيلية تحتفظ بما يقرب من11,000 معتقل فلسطيني في سجونها فضلاً عن تنكرها لحق ملايين اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم الأم وتحديها القانون الدولي من خلال استمرارها في بناء جدار التمييز العنصري الى جانب تشييد مستوطنات على أرض اغتصبت من الفلسطينيين.
ويتضمن اتفاق مكة كذلك اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة فوق المناطق التي احتلتها القوات الإسرائيلية في حزيران عام 1967 مع اعتبار القدس عاصمة لها وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية واطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين والاعتراف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
ففي حال تم ترجمة هذا الاتفاق على أرض الواقع فسوف يعم السلام في المنطقة.
ومؤخراً صرح مشعل المسؤول عن المكتب السياسي لحركة حماس قائلاً يجب أن يفهم الجميع أنه لن يكون هناك سلام واستقرار في المنطقة دون تسوية القضية الفلسطينية,ولن يتحقق ذلك إلا من خلال انهاء الاحتلال والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.