من أفكار ومكنونات ذلك ماوقفت عليه من رأي عند تصفحي للانترنت وا طلاعي على مقالة( مدرجة في موقع BBC.COM عنوانها:( الرؤية الخاطئة للوزير الإسرائيلي) وبجانب تلك المقالة تظهر صورة( وزير الدفاع) الإسرائيلي عمير بيرتس يتفقد الجنود الإسرائيليين, وهم يقومون بمناورات عسكرية في مرتفعات الجولان, وإلى جانبه رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال غابي اشكينازي, حيث ينظر كل منهما عن بعد إلى تلك القوات بمنظاره, لكن تفاوتاً واضحاً يظهر في نظرة هذين الرجلين, حيث يلاحظ أن بيرتس يراقب المناورات العسكرية عبرمنظار بعدسات سوداء عاتمة وتعلق ال BBC على تلك الصورة بالقول: إن بيرتس استخدم المنظار ثلاث مرات ولوح بيده عندما كان الجنرال اشكينازي يشرح له مايراه عبر منظاره.
إن هذه الصورة تعطي مدلولاً عن واقع معين هو أن بيرتس لم يأخذ دوره كوزير للدفاع, وإن القيادة الإسرائيلية قد ضربت صفحاً عن كامل الأخطاء التي ارتكبها وتجاوزت السلوك الشاذ والاجرامي الذي ارتكبه الآخرون الأمر الذي يدعوني إلى استعراض مسيرة الفساد التي بدأت باستقالة ضابط كبير في الشرطة الإسرائيلية إثر توجيه الانتقادات له من لجنة التحقيق حول الجريمة المرتكبة بحق عائلة إسرائيلية, وتلاها الاتهام الموجه للرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف حول مانسب إليه من قيامه بعملية اغتصاب وتهم الفساد الكثيرة التي طالت رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت, وايقاف مديرة مكتبه عن العمل وفرض الإقامة الجبرية عليها جراء التحقيق الواسع في إدارة الضرائب, واستقالة رئيس تلك الإدارة لأسباب غامضة, ويضاف إلى ذلك التحقيق الذي يجري مع وزير المالية حول الاختلاس في الإدارات التابعة له, والإدانة الموجهة إلى وزير العدل السابق لقيامه بتقبيل مجندة إسرائيلية عنوة عنها, وهناك الكثير من الأمثلة التي لايتسع المجال لذكرها.
يبدو أن الفساد لم يقتصر على ماذكرناه آنفاً وإنما استشرى في الاقتصاد الإسرائيلي وخاصة في قطاع التقنيات العالية.
يشير المحلل الاقتصادي الإسرائيلي الكبير سيفر بلوكر في صحيفة يديعوت أحرونوت بأنه على الرغم من تحقيق الاقتصاد الإسرائيلي لنمو كبير في الآونة الأخيرة( حيث حقق الربع الأخير من عام 2006 نمواً يقدر بنسبة 18% وإن الاستثمارات الخاصة تزداد باطراد لم يسبق له مثيل حيث تقدر بمبلغ 13,4 بليون دولار في عام 2006 وإن الاستثمارات في قطاع التقنية العالية تبلغ 18 بليون دولار وماشهدناه من ازدهار في سوق البورصة, وقوة للشيكل أكثر من ذي قبل , وعدم وجود أي تضخم نقدي, وكون نسبة الفوائد أقل منها في أميركا بريطانيا, واقتصار عجز الميزانية على أقل من 1% وميزان المدفوعات جيد, مما يؤكد بأن إسرائيل حققت استقلالها الاقتصادي بشكل منقطع النظير.
لكن ذلك لايستقيم مع ماعلمته من أحد كبار المستثمرين في مجال التقنية العالية من بيع لأربع شركات لم يمض سوى أمد قصير على افتتاحها والشركات هي سيسكو, وميكروسوفت وشركتان إسرائيليتان وأضاف قائلاً: إنه في الأشهرالتسعة الماضية جرى الاستثمار لتسع شركات جديدة اعتمدت في إدارتها وتشغيلها على شباب غير مؤهلين للقيام بالأعمال المنوطة بهم.
في ضوء الفساد المستشري في شتى المجالات أصبح وجود مجلس الوزراء بالمواصفات التي يقوم عليها بالوقت الحاضر أمراً عديم الجدوى إذ عندما يكون هذا المجلس ضعيفاً لن يكون بمقدوره القيام بتحقيق السلام مع الفلسطينيين في ظل غياب القيادة التي لديها القوة والمقدرة التي تمكنها من دفع عملية السلام إلى الأمام, الأمر الذي يجعل من هذا الضعف قنبلة موقوتة قد تطيح بهذه الحكومة في أي وقت. ويضاف إلى ذلك التطور الهائل في التقنية العالية التي لاتحتاج إلى الكثير من اليد العاملة ما يزيد في عدد العاطلين عن العمل ويشكل في ذلك قنبلة موقوته أخرى لاقبل للحكومة الإسرائيلية بمواجهتها.
يقول بلوكر: إن نصف سكان إسرائيل تقريباً لايستفيدون من النمو الاقتصادي الكبير الحاصل وتؤكد ذلك الاحصائيات التي تشير إلى تزايد نسبة البطالة إلى 8,3% من عدد السكان.
إن نسبة ا لفقراء في إسرائيل عالية إذا تمت مقارنتها مع تلك النسبة في الغرب حيث إنها تشكل 24,4% من اجمالي عدد السكان, منهم35,2% من الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر.
أما عرب 48 فإن نسبة الأطفال منهم الذين يعيشون تحت خط الفقر تشكل أكثر من 50% وإن ربع الفقراء قد تدنت أوضاعهم إلى أسوأ مما كانت عليه في السنوات الست الماضية. يقول بلوكر:ينتاب الإسرائيليين شعور بوجود فساد في النظام السياسي الإسرائيلي الذي لاتتوفر فيه القدرة والامكانية على رسم سياسة اجتماعية مناسبة حيث يلاحظ التزايد بعدد الفقراء وعدم تكافؤ الفرص, وانتشار البطالة ويضيف بلوكر قائلاً: أنه لم يسبق له أن رأى في إسرائيل من قبل مثل هذا الاحتقار الذي تكنه شرائح ا لمجتمع كافة من أغنياء وفقراء, عرب ويهود, يمينيين ويساريين إلى الحكومة القائمة وبذلك فهناك مفارقة بين ماتشهده إسرائيل من ازدهار ونمو في الاقتصاد والفساد المستشري في الفئة التي تحكم البلاد.