وهل يمكن تقريب اللوحة من الناس, باعتماد لغة شعرية مستمدة من نصوص تشكيلية بصربة ليس بمعنى الكتابات الشعرية التوضيحية, وانما بالحلم الملون المجسد في اللوحة والقصيدة معا.
تساؤلات نطرحها في سياق متابعتنا لمعرض الفنان بسيم السباعي الذي اقامه في صالة نصير شورى , تحت عنوان ( رؤى بلون الضباب) وهو العنوان ذاته الذي تصدر مجموعته ا لشعرية التي وقعها ووزعها في المعرض.
نشير في بداية استعراض العلاقة القائمة بين الفن التشكيلي والابداع الشعري ان الشاعر العربي الكبير ادونيس يعتبر من رواد العربية في الكتابة التي تناولت بالرصد بعض التجارب الفنية التشكيلية التي عرفتها بيروت ودمشق وباريس ومدن عربية واوروبية اخرى حيث لعبت كتاباته دورا هاما وطليعيا في تحريض العديد من الفنانين لولوج تيارات الحداثة التشكيلية وذلك لأن ادونيس في كتاباته الكثيرة عن الفن التشكيلي كان سباقا في فتح النص البصري على المزيد من الاجتهاد والتأويل والتنظير ولا سيما في مرحلة الازدهار الثقافي في الستينات والسبعينات حتى ان لادونيس العديد من التجارب المنشورة في مجال الرسم العفوي و صياغة الاشكال المختصرة والمبسطة الى حدود التجريد التعبيري.
بسيم السباعي يغوص في تجربة تشكيل بانورامية الحلم المتداخل مع تصوراته الشعرية.
اي انه يكتب الشعر ليعكس معالم نزعته السوريالية المقروءة في فراغ لوحاته الجديدة والسابقة ايضا حيث نجد الروابط المتينة ما بين اللوحة والقصيدة , ففي اللوحة يعمل على توليف اشكال الواقع من عناصر انسانية وطبيعية وحيوانية وصامتة.. كل ذلك في خطوات الوصول الى شعر المناخ الحالم لعوالمه السوريالية وعلى سبيل المثال تظهر الاشكال الانسانية والعناصر الاخرى على هيئة اشكال الغيوم والرؤى الضبابية.
ومن كتاباته الشعرية التي تدخل ضمن تكاوين المشاهد الحلمية السوريالية نختار:
رأيت زهرة حزينة
عاشقة... تكتب على صفحات الهواء..
بريشة عطرها .. حكاية حبها...
وعلى هذا الاساس فهو يجمع في تجربته بين الرؤية السوريالية وبين الرؤية الوجودية بين الرسم وبين الشعر, كل ذلك في خطوات الوصول الى الاجواء الغرائبية في اشاراتها الرمزية والخيالية التي تسجل عصب لعبة ايقاعه التشكيلي المدروس والموزون حيث يبتعد عن القفزات المفاجئة للتشكيل ويعمل ضمن صياغة لونية متقاربة وخافتة,على الرغم من بروز ايقاعات الابيض , الذي يسجل من خلاله لولبية العمق والبعد, في تشكيل عوالم عناصره السوريالية.