الا ان نموا بمعدل 1% واكثر قليلا يعتبر تطورا كبيرا في ضوء الارقام السالبة التي سجلها في السنوات القليلة الماضية وقد اعلن مكتب الاحصاءات الاوروبية (يوروستات) ان اقتصاد منطقة اليورو حقق نموا على مدى السنة الماضية بلغت نسبته 2,7% في حين كان معدل النمو في منطقة اليورو عام 2005 بحدود 1,4%.
ولكن ما اسباب هذا النمو الذي فاجأ بعض المراقبين والمحللين وجاء معاكسا للتوقعات خاصة ان الاقتصاد الاميركي يمر بمرحلة تباطؤ وهناك تأثير شديد بفعل مستوى الروابط التي تجمع الاقتصادين الاوروبي والاميركي.
يجمع المحللون على العوامل التالية بوصفها عوامل حاسمة في تقدير معدلات النمو:
اولاً: تلعب الشركات الالمانية الكبرى التي حققت ارباحا كبيرة دورا هاما في هذا النمو فقد استعادت هذه الشركات قوتها وعافيتها ولياقتها التنافسية وحققت ارباحا كبيرة اذ بلغ دخل الشركات الثلاثين الكبرى في الاشهر التسعة الاولى من العام الماضي 63 مليار يورو وواصل مؤشر (داكس) ارتفاعه متخطيا عتبة 6900 نقطة وهو الاعلى منذ خمس سنوات ويذكر ان تباطؤ الاقتصاد الالماني الذي كاد يصل الى درجة الانكماش وهو اكبر اقتصاد في منطقة اليورو لعب دورا كبيرا في تدني معدلات النمو في هذه المنطقة ولكن الاستقرار السياسي والتعاون بين اكبر حزبين في المانيا وتوصلهما الى تسويات لقضايا الخلاف ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية ساهما في توفير اطار مكن الشركات الكبرى في سياق نقل الجزء الاساسي من نشاطها خارج الحدود الالمانية من لعب دور في التحسن الذي شهده الاقتصاد الالماني والذي يرجح ان يواصل نموه عند حدود المعدل ذاته في عام .2007
ثانيا: الانتعاش الذي حققه الاقتصاد الايطالي اذ اظهرت الاحصاءات ان ايطاليا التي تمثل ثالث اكبر اقتصاد في منطقة اليورو حققت اقوى نمو فعلي بلغ 1,1% يذكر ان الاقتصاد الايطالي قد شهد في فترة حكم برلسكوني سلسلة من الافلاسات وفضائح الفساد في الشركات الكبرى وهذا انعكس سلبا على اداء الاقتصاد الذي تدهورت معدلات نموه وعاش فترة ركود طويلة نسبيا.
ثالثا: اذا كانت معدلات النمو في ايطاليا تعود بالدرجة الاولى الى التغيير السياسي الذي شهدته البلاد بعد الانتخابات الاخيرة والتي انهت حالة التخبط التي سادت البلاد فان نمو الاقتصاد الالماني الذي لعب دورا كبيرا في نمو اقتصاد منطقة اليورو يعود الى نشاط الشركات الالمانية متعددة الجنسيات خارج الحدود وقد كان لنشاط هذه الشركات دور كبير في الانجازات المحققة ويتوقع رئيس شركة الاستشارات (مركز ما نجمنت تونساليتنغ) والعديد من الخبراء (ان تستمر الشركات الكبيرة في التوسع في الخارج بشراء المزيد من الشركات الاجنبية وبزيادة متوقعة لاستثماراتها في الداخل بنسبة 7%).
رابعا: انعكس توسع الاتحاد الاوروبي شرقا بنتائج ايجابية على مجمل الاقتصاد في منطقة اليورو لان الشركات الالمانية والفرنسية والايطالية استفادت من هذه العملية باتجاهات متعددة الاتجاه الاول استحواذ شركات هذه البلدان على عدد من الشركات التي عرضت للخصخصة في دول اوروبا الشرقية مما اتاح فرصا اضافية امام توسع اعمال هذه الشركات التي كانت تواجه منافسة حادة في مناطق اخرى من العالم والاتجاه الثاني الاستفادة من اليد العاملة الماهرة والرخيصة الامر الذي وفر على الدول الاوروبية اللجوء الى تفكيك بعض مصانعها ونقلها الى البلدان حيث الايدي العاملة الرخيصة خصوصا في آسيا واميركا اللاتينية والاتجاه الثالث توسع السوق حيث وجدت الشركات الاوروبية منافذ جديدة لتصريف منتجاتها.
هذه العوامل مجتمعة هي التي تفسر النمو المرتفع نسبيا الذي حققه اقتصاد منطقة اليورو والذي شكل مفاجأة فاقت توقعات الخبراء والمحللين.