فيما يبدو أن بعض مذيعي الرياضة في تلفزيوننا يفهمون طبيعة عملهم على عكس حقيقته ولا يفكر البعض منهم بطبيعة عملهم أو محتواه أو أهميته أو حتى موقعه وسبب ذلك يعود إلى قلة خبرتهم ومعرفتهم ببنية العمل الرياضي الذي يوكل إليهم فمن المعروف بأن الإعلام المتطور الحديث هو الذي يقدم المعلومة بطريقة سلسة وجذابة تخلو من البهرجة الكلامية وبالتالي هذه المعلومة لا بد أن تستند إلى حقيقة مرجعية بيد أن بعض مذيعي الرياضة لدينا يتخذون موقع الحياد الكامل, ليس بالمعنى الإيجابي بل بأكثر المعاني سلبية وافتقارا إلى اتخاذ موقف من المادة التي يقدمونها أيا كان هذا الموقف وذلك يعود إلى عدم التخصص والتأهيل السليم قبل ممارسته المهنة, فمثلا مذيع كان يدير برنامجا إذاعيا لا يصل لمسامع معظم المستعمين, نراه اليوم قد أصبح بقدرة قادر معلقا رياضيا يصول ويجول ويتحفنا بعباراته المفلسفة والمنمقة ويطلق العنان لطرفة لكنه لا يستطيع أن يقدم معلومة جديدة للمشاهد, فالعمل التلفزيوني الجيد له أوجه كثيرة أهمها الحوار الذي لا يعرف بعض المذيعين عنه شيئا فمعظم الحوارات التي يمر بها هؤلاء المعلقون الرياضيون مع ضيوفهم تفتقر إلى الحوار الهادف وتتحول إلى مجموعة من الأسئلة الجاهزة التي أصبحت قديمة وبالية بحيث لا يستطيع مسار الأهداف أن يزحزحها قيد أنملة.
فمن صفات ومؤهلات المعلق والمذيع الناجح أن يكون محاورا جيدا وليس مسايرا لضيفه وأن يكون مشاكسا ليس مجاملا وأن يكون في لقاءاته ندا لمن يحاوره, هذه الصفات لا يمكن أن تجتمع فيه إلا إذا امتلك إحدى الثقافتين التخصصية أو الموسوعية أو كليهما معا وعلى ذلك فالمعلق العصري هو ليس فقط صاحب الصوت القوي والرخيم أو المتمكن من اللغة العربية هذا لو افترضنا أن هاتين الصفتين متحققتان في جميع مذيعي الرياضة لدينا, فيجب أن يتحلى المذيع الرياضي بثقافة واسعة بالإضافة إلى لغة عربية سليمة النطق بعيدة عن الثرثرة المجانية وأن يمتلك رصيدا جيدا من اللغات الأجنبية الأخرى.
لنعترف صراحة أننا ومنذ زمن بعيد لم يطرأ على مذيعي الرياضة في تلفزيوننا أي شيء جديد من التطور الذي نحن بأمس الحاجة إليه اليوم, والمطلوب ليس مستحيلا وإنما هو الإسراع بتأهيل المعلقين الرياضيين دون استثناء بدورات تدريبية علمية سليمة تخلو من كل السلبيات وتؤسس لإنطلاقة نحو فضاءات أوسع وأشمل, فالمحاولة ضرورية لأنها خطوة في طريق الارتقاء والتطوير أما أن نسترخي ونفرح بأنفسنا بأننا مذيعون جيدون ونعتقد أننا مذهلون بما نقدمه للمشاهدين.. فتلك هي الطامة الكبرى.