وربما اكثر من اي وقت مضى، للمشاركة في انتخاب من يمثلنا ويقف عند حاجاتنا ومطالبنا، ونكون على قدر من الوعي عند منح صوتنا لاي مرشح، لانه سيكون من يحمل في جعبته قضايانا الملحة وحاجاتنا الضرورية، ولنتمعن جيدا في برنامجهم الانتخابي ومشاريعهم القادمة، ان ذلك سيكون وثيقة يجب ان يكون امينا على تحقيقها، ومطلوب من الجهات الوصائية محاسبته ان اخل ببنودها، فالمرحلة حرجة ولاتحتمل المتقاعسين عن العمل والهجمة الارهابية الكونية التي تعرضت لها سورية تركت آثارها في كل مكان من تشويه وتدمير وقتل وارهاب، واستوى في ذلك الحجر كما البشر.
فإن كانت مهمة بناء المنشآت والأبنية التي طالتها يد الغدر تتطلب جهودا ورصيدا طائلا من ميزانية الدولة لكنه يبقى أقل جهدا من بناء الانسان الذي استهدفه الغزو في هويته وقيمه ومعتقداته واخلاقه وتاريخه وحضارته وترك عنده ندوبا مشوهة تحتاج الى علاج واعادة تأهيلها وهذا بدوره يضع الجميع في دائرة المسؤولية، وخصوصا من هم في موقع القرار.
ورغم اهمية هذا الامر في مرحلتنا التي نعيش فإننا لانجد هذا التوجه لدى المرشحين الجدد لعضوية مجلس الشعب مع العلم اننا لاننكر ان ثمة اولويات لدى افراد المجتمع من توفير المستوى اللائق للمعيشة وتوفير فرص العمل والحد من الغلاء وغير ذلك من المطالب الملحة لكن ذلك لايمنع من العمل على إعادة بناء الانسان وتلك اللحمة المجتمعية التي لطالما تغنينا بها.
ربما لن تكون المهمة سهلة لكنها ضرورة وحاجة وذلك لمحاربة الفكر المتطرف في المجتمع واعادة تعميم ثقافة احترام الآخروالاعتزاز بثقافتنا وتراثنا وهويتنا، وهذه المهمة يجب أن تأخذ حيزا كافيا من اهداف اعضاء مجلس الشعب الجديد، فمن الاهمية بمكان بناء الانسان ثقافيا ومعرفيا وقيميا، مؤمن بوطنه ومعتز بتاريخه وقادر على المحاكمة المنطقية تجاه ماتتعرض له بلادنا من أفكارهي دخيلة على ثقافتنا، ومواجهتها بفكر مستنير متسلح بالعقلانية والموضوعية والبعد عن التعصب واعلاء القيم التي تحقق المستقبل المشرق بعيدا عن المفاهيم البالية والفكر الظلامي الارهابي المدمر.
وربما هنا نستطيع تمثل المقولة «لايقارع الثقافة الا الثقافة» ولايختلف اثنان ان الثقافة هي اساس الامم ورقيها وحضارتها وخطوتها الاولى نحو التقدم والنهضة، وتعتبر مقياسا لمدى الرقي الفكري والادبي والاجتماعي، لانها تنعكس على الافراد سلوكا وعملا وحياة اكثر انتاجا وعطاء.
المرحلة صعبة والعبء كبير والدور المناط بالاعضاء المقبلين ليس سهلا، بل يتطلب عملا دؤوبا مخلصا، يتناسب وحجم التضحيات التي قدمها جيشنا العربي السوري وحجم الصمود الذي فاق كل تصورللشعب السوري خلف قيادته الحكيمة حتى أذهل العالم، فقد استطاع خلال السنوات الماضية ان يسطر ملاحم في البطولة سيكتبها التاريخ وتكون منارة للاجيال القادمة.
وعود على بدء فإن العناية بالثقافة والفن والفكر المبني على الحداثة والمعرفة واحترام الناس لإرثهم الحضاري بات ضرورة ملحة، وسورية غنية بثروتها الثقافية التي لاتنضب وغنية بمفكريها ومبدعيها، ناهيك عن التنوع في انواع الفنون والمواهب والقدرات في مجالات الفن والادب كافة،
وهذا كله لاشك يحتاج الى تسليط الضوء عليه ورعايته وتوفير سبل تنميته وتسخيره في نهضة البلاد واستثماره في ترسيخ قيم الانتماء لجذورنا الاصيلة والتمسك بها واحياء ماحاول الارهابيون طمسه والاهتمام بالكوادر الشابة والعمل على تأهيلهم التأهيل الواعى لمفهوم الحداثة والتطوير الذي لايتمثل كما يفهمه البعض باللباس والطعام وتقليعات الموضة، بل بمواكبة الحداثة الحقيقية من العلم وامتلاكهم لناصية الفكر التنويري وجعل التكنولوجيا الحديثة اداة طيعة لنشر القيم السامية التي تنبذ التطرف والتعصب واقصاء الاخر.
ونحن على الموعد مع مجلس الشعب الجديد نمنحهم صوتنا وثقتنا، فليكن عهدهم لنا مخلصا على قدر حب الوطن، وعظمته ونصره الاكيد.