في أوروبا للإخطار والإعلان عن استراتيجية بلاده في الحفاظ على مصالحها إزاء هذا الهجوم السافر والعدوان الاقتصادي الأمريكي الذي لا مبرر حقيقي له سوى الحفاظ على مصالح إسرائيل وبدون تشفير فإنه بهذه الخطوة غير العادية أراد أن يقول شيئين مهمين للولايات المتحدة وشركائها بأن السلطة السياسية التي يمثلها الرئيس روحاني والسلطة العسكرية الممثلة بالحرس الثوري الإيراني متحدتان تحت قيادة آية الله الخامئني لمواجهة أي عدوان أمريكي إسرائيلي الذي لا يقتصر على الاقتصاد والعسكرة فقط إنما تشير التقارير إلى أن هناك فريق عمل مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل يعمل منذ زمن بحسب ما يؤكد تقرير جديد لوكالة (AXIOS) أن إسرائيل والولايات المتحدة شكلتا منذ أشهر فريق عمل سوية يركز جهوده على تشجيع حركات الاحتجاج الداخلية في إيران للضغط على حكومة البلاد.
الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد نقل إلى الوكالة ذاتها ما يلي: (قال لي مسؤولان إسرائيليان إن الفريق كان قد تشكل على قاعدة: هيئة أمريكية - إسرائيلية للعمل ضد إيران). وذكر أن الفريق اجتمع عدة مرات خلال الأشهر وكان الإشراف الوحيد عليه من قبل جون بولتون ونظيره الإسرائيلي مائير بن شابات رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي لأنه وبعد خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عام 2015 التي شكلت اتفاقية المراحل الأخيرة للنقاشات بين إيران حول برنامجها النووي ودول (5+1) والتي تم التفاوض عليها مع أوباما والتي تم خرقها وتمزيقها بعد انسحاب الولايات المتحدة ثم مع خروج الرئيس الأسد منتصراً من حرب دامت سبع سنوات والتي كان الهدف الأكبر منها تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط يبدو أن البيت الأبيض يعمل جاهداً على نقل الأحداث التي حصلت في سورية إلى إيران من أجل زعزعة الاستقرار فيها، ويتابع باراك رافيد: لقد قال لي المسؤولون الاسرائيليون إنه يتم التدقيق في الوضع الداخلي الإيراني من قبل الفريق المخصص وقد تمت معاينته خلال الاجتماع الذي حصل بين مستشار الأمن القومي جون بولتون ونظيره مائير شابات في البيت الأبيض منذ عدة أسابيع حيث يعتقد كلاهما أن زيادة الضغط الداخلي على الدولة الإيرانية يمكن أن يكون له أثر فعال في تحويل السلوك الإيراني في المنطقة.
إن ممارسة (الضغوط الداخلية) على الدول هي الشيفرة للنموذج المتبع في حملات زعزعة الاستقرار التي ترعاها السي أي أيه والموساد التي وصمت بها جزءاً كبيراً من تاريخ الانقلابات في العالم الثالث كتلك التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953 بانقلاب حمل الى السلطة شاه إيران دمية الولايات المتحدة.
وفي أيار الماضي بعد أيام فقط على إعلان محافظ نيويورك والمحامي الشخصي لترامب الذي فاجأ الناس بالقول: لدينا رئيس قاس لا يسمع لمعارضيه، وقد تعهد بتغيير النظام في إيران، كما تم تداول كتاب أبيض مؤلف من ثلاث صفحات جرى توزيعه على مجلس الأمن القومي ويتضمن خطة مشروع تغيير النظام في إيران وإعادة فرض عقوبات جديدة عليها، طبعاً جاء ذلك عقب خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم في عهد أوباما.
الخطة التي تديرها مجموعة تقيم علاقات وثيقة مع المسؤولين الكبار في الأمن القومي في البيت الأبيض بمن فيهن جون بولتون تهدف إلى إعادة قولبة السياسة الأمريكية الخارجية بخصوص إيران إذ تشدد على سياسة واضحة لتغيير النظام ويبدو أن التقرير الأخير لـ (AXIOS) حول فريق العمل الأمريكي - الإسرائيلي ليس سوى إعلان أولي لما تم ذكره في الكتاب الأبيض.
وخلال السنوات الأخيرة كانت إسرائيل والولايات المتحدة قد استخدمتا بكل ما تستطيعان وسائل الإعلام الغربية لنقل رسائل موجهة ضد الحكومة الإيرانية حتى نتنياهو أرسل إلى الشعب الإيراني على اليوتيوب وتويتر يطلب منه الاحتجاج ضد دولته، كذلك وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فعل الشيء ذاته.
إن العداء الأمريكي الإسرائيلي لإيران يعود إلى سنوات مضت أيضاً حين تم اغتيال شخصيات إيرانية من علماء ومهندسين في الطاقة النووية بناءً على طلب استخباراتي، وتم تأكيد دور الموساد في هذه الاغتيالات.
ويشتد هذا العداء اليوم أكثر في الحرب الاقتصادية التي تشنها واشنطن على إيران مع العقوبات التي ستبدأ قريباً، ومع أن الدول الأوروبية جددت التزامها بالاتفاق النووي في اجتماع فيينا الأخير لكنها تبدو عاجزة عن التعويض لإيران وغير واضحة في قدرتها على مقاومة القرارات الأمريكية.