تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


طبيعتنا الأيديولوجية ومكوناتنا البيولوجية

ملحق ثقافي
2018/7/10
حاتم حميد محسن

«توجهاتنا السياسية ليست مفاهيم فكرية تنبثق من تربيتنا أو تعليمنا أو من الزملاء أو الجريدة التي نقرأها ، وإنما هي في الحقيقة ميول طبيعية غُرست في كل واحد منا بواسطة قوى تطورية فعالة». مكونات الشخصية هي فطرية وتؤثر بقوة في توجهاتنا السياسية (يساراً كانت أو يميناً).

تشير الدراسات إلى أن الشخصية بعمر الأربع سنوات ترتبط بقوة بالتوجه السياسي للبالغ بعمر العشرين سنة. وفي دراسة أجريت على توائم تمت تربيتهم بشكل منفصل وُجد أن لهم نفس التوجهات السياسية.‏

«ولكن ماذا يحدث عندما تعيش الجماعات من مختلف الخلفيات الوراثية في نفس البيئة؟ في هذه الحالة ، شخصية كل جماعة ستختلف طبقاً إلى أصل أسلافها. فمثلاً، سمات شخصية الجنوب أفريقي الأبيض هي أقرب إلى السويسري، بينما شخصية الأفارقة السود من الجنوب تكون أكثر شبهاً بالزمبابويين. كذلك الجماعات التي عاشت تقليدياً في مناطق جغرافية متقاربة لها شخصيات أكثر شبهاً من الجماعات التي تفصل بينها مسافات كبيرة».‏

الكاتب (آفي توشمن) في كتابه (طبيعتنا السياسية.. ) يفسر المواقف السياسية تبعاً لاستراتيجيات التطور الإنساني. المحافظون لديهم شخصيات تتفق مع مجموعة معينة من الاستراتيجيات، وكذلك الليبراليون لديهم شخصيات تنسجم مع مجموعة أخرى من الاستراتيجيات. إنه تحليل مثير للاهتمام رغم وجود بعض التحفظات عليه. يكتب المؤلف:‏

التوجهات السياسية للإنسان اكتسبت عبر الزمان والمكان منطقاً يتميز بثلاث مجموعات من سمات الشخصية القابلة للقياس. هذه المجموعات الثلاث تتكون من المواقف المتغيرة تجاه القبلية واللامساواة ومختلف التصورات عن الطبيعة الإنسانية. هو يشير أيضاً:‏

يمكن تجزئة القبلية إلى التفوق الاثني.. التديّن.. ومختلف مستويات التسامح تجاه الجنس بدون إنجاب . هناك رؤيتان أخلاقيتان عالميتان متضادتان تجاه عدم المساواة، إحداهما ترتكز على الهيكل التراتبي الهيراركي، والثانية ترتكز على مبدأ المساواة. بعض الناس يرون الطبيعة الإنسانية أكثر تعاونية، بينما آخرون يرونها أكثر تنافسية.‏

يلاحظ المؤلف أن الليبراليين والمحافظين يختلفون فيما يتعلق بنظرية السمات الخمس للشخصية، التي تقيس الناس وفق معايير تتصل بـ الانفتاح، وشعور الضمير الحي، والإيجابية، والاهتمام بالآخر بدلاً من الذات، وسمة العصابية (التوتر والقلق والخوف). الليبراليون قياساً بالمحافظين ينالون أعلى درجة في الانفتاح وأقل درجة في شعور الضمير. وضمن فئة القبلية، يقول الكاتب إن المحافظين يميلون ليكونوا صقوراً، أكثر تفوقاً قومياً، وأكثر تديناً، وأقل تسامحاً مع الجنس غير التكاثري. هو يقول إن هذه المواقف تعمل على تعزيز استراتيجية الزواج التكاثري مع نفس الجماعة. الثقافات التي يتزوج فيها الأقارب تميل ليكون فيها عدد أكبر من الأطفال، ولكن مع زيادة في نسبة الوفيات بسبب عدم اتساع دائرة الجينات. الليبراليون لديهم مواقف مضادة تعزز الزواج التكاثري من خارج الجماعة. الثقافات التي لا تمنع الزواج من خارج القبيلة تميل ليكون لديها عدد أقل من الأطفال، ولكن لديها دائرة جينات قوية. باختصار، المحافظون يصرّون على الزواج من نفس الجماعة، الليبراليون يتعاطفون مع الزواج من خارج الجالية.‏

يعتقد المؤلف أن الديانة يمكن تفسيرها بهذه العبارات التطورية... الخطورة في الموضوع تتمثل بالتقاطع بين السياسة والدين، والذي يدور حول الارتباط بالقبيلة، أي ما مدى نجاح الجماعة الاثنية في التكاثر، وما مقدار امتزاجها مع الجماعات الأخرى، وأي موارد تعود إلى شبكة الجينات.‏

هو خصيصاً، يذكر أن الديانة الأكبر ترتبط مع قبلية أكبر. كلما أصبح هناك الكثير من المحافظين والمتدينين والمسيحيين، كلما تعاظمت أيضاً قوة القبلية مثلما هي ضمن أي كائن بشري. المحافظون يميلون ليكونوا (صقوراً) متشددين في السياسة الخارجية. يذكر المؤلف:‏

إذا كان للحرب جذوراً تطورية عميقة... فإن هنالك أربعة افتراضات ستكون صحيحة: الحرب ستكون ظاهرة عالمية بين المجتمعات، الحرب بالتأكيد ستحدث بين الجماعات البشرية التي تعيش في بيئات اقتصادية بدائية، إن الحيوانات اللاإنسانية ستكون منخرطة في سلوك يشبه الحرب ، وإن الحرب ستغير قدرة الجماعات على البقاء... هذه النقطة الأخيرة، إذا اتضح أنها صحيحة، سوف تربط الحرب إلى بيولوجيا القبيلة. وهكذا، يربط الكاتب صقورية المحافظين بالقبلية.‏

الفئة الثانية التي يناقشها المؤلف تتعلق بالتسامح مع اللامساواة ودعم الترتيب الطبقي. المحافظون يميلون لدعم الهيراركية والتسامح مع عدم المساواة. الليبراليون يميلون للإيمان برؤية مضادة. المؤلف يربط هذا بالديناميكية التطورية ضمن العوائل. الآباء والولادات الأولى تميل لتكون مفضلة من جانب الترتيب الطبقي واللامساواة. الأمهات والولادات المتأخرة لهما مصلحة كبيرة بالمساواة في توزيع الموارد. يشير الكاتب إلى أن معرفة ترتيب ولادة شخص ما هو أكثر فائدة من معرفتنا لمكانته السوسيواقتصادية في التنبؤ في ما إذا كان يؤمن بعالم عادل. الناس الذين يعتقدون أننا نعيش في عالم عادل يميلون للأخذ برؤية المحافظين بأن اللامساواة ليست مشكلة كبيرة. الناس الذين يعتقدون بطريقة أخرى يتفقون مع الرؤية الليبرالية بأن اللامساواة هي لاعدالة كبيرة. الفئة أو المجموعة الأخيرة تتعلق بما إذا كان المرء يرى الطبيعة الإنسانية تنافسية في الأساس أم إيثارية.‏

يقول الكاتب إن المحافظين يأخذون بالرؤية التنافسية، أما الليبراليون يميلون نحو رؤية الإيثار. عموماً، المحافظون يبدون أكثر قلقاً حول التهديدات. الكاتب نظر في دراسة قامت بقياس الاستجابات السيكولوجية لصورعن أشياء مخيفة، مثل عناكب كبيرة. الأفراد الذين كانت لديهم استجابة سيكولوجية عالية لصور التهديد (أي، الناس الذين كانوا أكثر خوفاً ومن ثم أكثر تعرقاً)، كانوا أكثر احتمالاً أن يكون لديهم موقف المحافظين.. هم مالوا لتأييد عقوبة الموت، والوطنية، والحرب ضد العراق.‏

أحد الفصول الأكثر إثارة في الكتاب، رغم وقوفه نوعاً ما بعيداً عن بقية التحليل، يتعلق بالخداع الذاتي. يشير الكاتب إلى أن «الناس الذين يمكن أن يكونوا مخادعين ذاتياً، يعتقدون أنهم مضحين بالذات، بينما هم في الحقيقة يتبعون مصلحتهم الذاتية، هؤلاء سيتمتعون ببقاء دارويني أعلى من الناس الواعين بحوافزهم الذاتية». ويستمر بالقول «الناس الذين يعتبرون أنفسهم بشكل غير صحيح كمضحين بالذات سيكونون أفضل في استغلال الآخرين من خلال وسائل الخداع.» يشير الكاتب إلى أن المرشحين السياسيين لديهم حوافز عظيمة ليُنظر إليهم كمضحين كبار. هذه الحوافز تضخّم إمكانية الخداع الذاتي.‏

هو يقتبس دليلاً من تجربة جرى فيها تخصيص عشوائي لجماعات تنفذ أدواراً عالية ومنخفضة السلطة. الطلاب الذين لعبوا دور رئيس وزراء أجابوا على الأسئلة بالمزيد من النفاق الأخلاقي. بكلمة أخرى، اللاعبون المؤثرون اعتقدوا بأنه من المقبول تجنّب الضرائب على أنفسهم، بينما يحكمون بقسوة على الآخرين المتهربين من دفع الضرائب. الموظفون المدنيون قاموا بعكس ذلك تماماً: كان موقفهم بشأن تجنب الضرائب أكثر رحمة تجاه الآخرين قياساً بأنفسهم.‏

هو أيضاً لاحظ بان السلّم الهيراركي يعرض نفاقاً أخلاقياً بارزاً.. الحكام من جناح اليسار يجب أن يستمروا بتبنّي أيديولوجيا اليسار التي تدّعي المساواة. النجاح في هذا يكون أكثر سهولة مع الخداع الذاتي... مع ذلك، وكما يشير الفيلسوف بيتر سنغر «ما هي ثورات المساواة التي لم يخنها قادتها؟ ولماذا الحلم بأن الثورة القادمة ستكون مختلفة؟ الـ «الحلم» الذي يشير إليه سنغر يشير إلى أن أتباع اليساريين الطوباويين هم أيضاً مخادعين للذات. كذلك، لاحظنا وعود اليسار المتشدد بالمساواة لكل الناس... التحرريون يضعون أهمية كبرى لهذا النفاق والخداع الذاتي. ربما لغة الإيثار التي يستخدمها السياسيون تعني لهم إنفاق نقود الناس الآخرين.‏

يكتب المؤلف:‏

النفاق والخداع الذاتي هما بقعة يصعب إزالتها من قميص الأخلاق السياسية. بالنسبة إلى التحرريين إنها القميص كله. المؤلف يلخص الارتباط بين المواقف السياسية وعلم النفس التطوري:‏

القبلية تستلزم صراعاً حول أي المصادر الوراثية والاقتصادية والسياسية متوفرة إلى أي من السكان. أخلاق المساواة والهيراركية تبرر التوزيع المتساوي أو غير المتساوي للموارد، سواء ضمن أو بين الجماعات. مختلف أشكال الإيثار تصف ميول الناس لتقاسم أو حشد الموارد تحت مختلف الظروف. الكاتب يعرض تبريراً طبيعياً لقبول مختلف المواقف السياسية. لكن من الواضح أن التطور لم يختر عادات انتخاب معينة.‏

نحن هنا مع توجهات سياسية لأن شخصيات أسلافنا ساعدتهم على البقاء والتكاثر بنجاح عبر آلاف الأجيال. شخصياتهم السياسية كانت فعالة في تنظيم الزواج من الأقارب أو الزواج الخارجي. هذه الميول ساعدتهم في تسوية الصراعات البيولوجية بين الآباء، الذرية، الأخوة والأخوات. كذلك عملت عواطفهم الأخلاقية على إحداث التوازن بين مختلف أنواع التضحية ضد المصلحة الذاتية في تفاعلات اجتماعية لامتناهية. في بعض أنواع البيئات الاجتماعية أو الإيكولوجية، حلول الشخصية الأكثر تطرفا اثبتت ملائمتها. وفي معظم الحالات، كانت الحلول التي تقدمها الشخصية المعتدلة قد أثبتت نجاحها. ذلك يفسر لماذا هناك العديد من المعتدلين بيننا.‏

سبب آخر للاعتدال والمرونة هو أن البيئات تتغير، لذا سوف لن يكون هناك معنى لجيناتنا كي تقرر شخصياتنا بشكل صارم. الكاتب يفهم بأن التسامح الأيديولوجي قد لا يكون أنموذجاً أساسياً. المحافظون يريدون مزيداً من المحافظين في العالم لأن الأعداد الكبيرة سوف تقوي صلاحيتهم في البقاء: سيكون هناك المزيد من حالات الزواج لهم ولعوائلهم، المزيد من أخوة الدين لتوفير التضحية، القليل من المهاجرين من الجماعات الاثنية الأخرى للتنافس على الموارد..‏

الليبراليون أيضاً سينتفعون من المزيد من الليبراليين بين سكانهم، المزيد من العلمانية، الحرية الجنسية، والمزيد من المهاجرين سوف يحطم موانع التناسل ويوسع خيارات الزواج للمرتبطين بثقافة أجنبية.. مزيد من الناس سوف يشتركون في اتجاه المساواة في تربية الأطفال، ولديهم رؤى منسجمة حول مساواة الجنس بين الأزواج، وتطبيق مبادئ ليبرالية بالإيثار في المجتمع وبين الدول.‏

الانتقادات لتحليلات المؤلف:‏

1- الارتباط التجريبي بين الشخصية والسلوك السياسي ليس قوياً جداً. الكاتب يقول إن الارتباط مع المواقف السياسية هو أقوى في معايير الشخصية قياساً بمعايير الثروة، لكن ذلك الارتباط منخفض. العلماء السياسيون وجدوا قوة توضيحية أكبر في الاثنية، الموقع والحالة الزوجية.‏

2- هنالك نموذج من التوضيحات المبنية على رؤية شخصية للكاتب. فمثلاً، الكاتب يستعمل المحافظين بطريقة يبدون فيها دائماً أسوأ من الليبراليين. فمثلاً، هو يكتب نقلاً عن الباحث (بول سندرمن ) الذي طلب من مستجيبيه توضيح ما إذا كانوا يؤيدون ضمانات الحكومة بفرص متساوية للسود. 75% من طلاب الكليات الليبراليين دعموا القانون مفضلين الأمريكان الأفارقة مقارنة بـ 38% من المحافظين من طلاب الكليات. ولكي يوضح أكثر، يضيف المؤلف،‏

بهذه التأييد المعلن للاختلاف في العرق، لا عجب أن نجد في الكونغرس الـ 113 (2013-2015) فيه 40 ديمقراطي أسود وفقط جمهوري واحد أسود. كذلك عندما هو يواجه السياسيين الألمان اليسار المعارضين للهجرة، يكتب،‏

(ثيلو سارازين) لم يأت من أقصى اليمين. بل هو ينتمي للحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (والذي يرتبط بالاشتراكية الدولية).. موقف سارازين تجاه الترك والعرب ينبع أكثر من مناوئة التفوق الاثني وليس من التفوقية الاثنية المتطرفة. وفي تقييمه لاستفتاء يتعلق باستراتيجية الحرب ضد العراق يذكر المؤلف:‏

ليس كل المجموعات الإنسانية المصوتة شعرت بنفس الطريقة حول الغارات الأمريكية المميتة ضد العراق. 77% من الجمهوريين اعتقدوا أن غزو العراق يحسّن الموقف، مقارنة فقط بـ 28% من الديمقراطيين.‏

إن مؤيدي الغزو جادلوا بأن الغزو سيقلل العنف الطائفي بين العراقيين. الكاتب يأخذ بالرؤية بأن الجمهوريين رأوا الغزو كغارة قبلية ضد العراق من جانب أمريكا، ولذلك فهو يكشف التعصب الاثني للمحافظين. ولكن بالمقارنة مع حملة القصف التي شنها الرئيس كلينتون في حرب كوسوفو، كلا المهمتين جرتا لسحق العنف الطائفي. الكاتب كان سريعاً للاستنتاج المؤيد لسياسات كلينتون التي برأيه عكست التعصب الاثني. وفيما يتعلق بأوباما يذكر:‏

عندما جاء أوباما إلى الرئاسة بكارت ديمقراطي، وعد بغلق سجن غوانتنامو الذي ارتبط بأساليب قمعية. رغم أن أوباما وقّع أمراً بغلق السجن في اليوم الثاني من رئاسته، لكن المزيد من العناصر المحافظة في البرلمان منعت تحرير السجناء. وهكذا لم يكن الرئيس مسؤولاً عن إبقاء السجن مفتوحاً. بدلاً من ذلك كانت «العناصر المحافظة» هي التي أجبرته على إبقاء السجن، رغم عقيدته الحقيقية.‏

3- الكاتب منهمك في ممارسة عملية اختزالية. المواقف السياسية يتم تفسيرها طبقاً لسمات الشخصية. نحن نرى أن مثل هذا المشروع يجب أن يتضمن على الأقل طبقة أخرى بين المواقف والسمات. الطبقة الوسيطة ستكون أنظمة العقيدة أو الأيديولوجية. إن الكائن البشري يوفر أسباباً لأفضلياته السياسية. بالنسبة إلى أولئك المنشغلين بالسياسة، يتم التعبير عن تلك الأسباب طبقاً للقيم الأخلاقية والنظريات التي يعمل بها العالم.‏

4- أخيراً، نقاش الكاتب حول المضامين السياسية لعلم النفس التطوري واختيار الجماعة جاء ناقصاً. الآخرون الذين تناولوا هذا الموضوع كانوا يركزون على كيفية تحقيق التعاون بين الغرباء. الولاء القبلي في هذه التعاملات هو أكثر من أن يكون حول زواج الأقارب. إنه حول تعبئة الناس للعمل باتجاه هدف مشترك. نحن نرى أن القبلية عنصر أساسي في الطبيعة الإنسانية. الفرق الرياضية تلجأ إلى القبلية. شركات الأعمال تحفز عمالها باستعمال طقوس ورموز قبلية. في الحقيقة، تحاول الشركات في بعض الحالات نشر القبلية بين المستهلكين.‏

.......‏

كتاب (طبيعتنا السياسية: الأصول التطورية لما يقسّمنا) للكاتب Avi Tuschman، صدر عام 2013 عن دار بروميثس بوكس.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية