وفي كل مرة يتطلع فيها السوريون إلى إمكانية جنوح الدول المشغلة للإرهاب باتجاه الحل السياسي، بحكم التطورات، والانجازات الميدانية التي يحققها الجيش العربي السوري على الأرض، تعمد واشنطن باعتبارها المشرف الأساسي على إدارة الحرب الإرهابية، إلى توجيه أدواتها للعمل على قلب الصورة مجددا، وما حدث في جنيف لجهة تقويض الطرف الآخر لكل الجهود المبذولة لإنجاح عمل لجنة مناقشة الدستور، إلا دليل يضاف إلى سلسلة العراقيل التي تضعها الولايات المتحدة أمام مسار الحل السياسي.
خرق وفد النظام التركي لمدونة السلوك المتفق عليها، ورفضه مناقشة جدول الأعمال والركائز الوطنية، طوال الأيام الماضية، إثبات حي على عدم امتلاك أقطاب منظومة العدوان الإرادة السياسية الكافية لوضع حد لمأساة السوريين ومعاناتهم، وطلب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون من الأطراف تقييم ما حصل في جنيف، قبل تحديد موعد جديد لاستئناف النقاشات، فيه إشارة ضمنية واضحة، لضرورة عودة الأطراف الأخرى إلى الدول المشغلة لها، لأن تلك الأطراف لا تملك من أمرها شيئا، وإنما تترجم ما يملى عليها فقط.
ما حصل في جنيف، لا يمكن فصله بالمطلق عن عمليات التصعيد الإرهابي التي حدثت، خلال اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، سواء لجهة الهجمات الإرهابية التي شنها إرهابيو النصرة ضد مواقع الجيش في ادلب، أو تصعيد قوات الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيين لجرائمهم في منطقة الجزيرة، من عمليات قتل وترهيب للمدنيين وتهجيرهم قسريا لإحلال عوائل الإرهابيين من مختلف الجنسيات مكانهم، أو لجهة تعزيز وجود قوات الاحتلال الأميركي عبر إدخال المزيد من السيارات والآليات إلى مناطق احتلالها قرب حقول النفط بغية الاستمرار بنهبه، وهذا التناغم الإرهابي على أكثر من جبهة، يدحض كل الأكاذيب والادعاءات التي يطلقها مشغلو الإرهاب على المنابر السياسية، حول حديثهم المزعوم عن ضرورة دعم جهود الحل السياسي.
المنظمات الدولية لم تنأ بنفسها عن التصعيد أيضا، لأنها بالمجمل مسخرة لأجندات أميركا والغرب، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مثال واضح على ذلك، والضغط الأميركي والبريطاني والفرنسي للتعتيم على الوثيقة المسربة التي تدحض مزاعم الهجوم «الكيميائي» في دوما، دليل إثبات آخر على أن كل ما جرى ويجري في سورية، هو حرب إرهابية شاركت فيها دول كبرى وعظمى، ولكن السوريين استطاعوا بصمودهم والتفافهم خلف جيشهم الوطني من التصدي لها، وهم الآن يقتربون من إنجاز نصرهم الكامل، الذي سيمهد لمرحلة جديدة، ربما تحصد شعوب المنطقة كلها، ثمارهذه المرحلة على الساحة الدولية.