هذا العام اصدر كتابين الأول بعنوان «مؤامرة الربيع العربي - القضية الفلسطينية». والثاني مجموعة شعرية بعنوان «في وضح الردى أراقص الجبال».
في زيارته الأخيرة إلى الوطن.. أخصّ لجريدة الثورة التي أحبها زيارة خاصة التقينا من خلالها الأديب والشاعر السوري هادي دانيال فكان اللقاء التالي:
• نتاجك هذا العام بدا لنا خصباً، ما هو مُحَرِّك هذا النتاج الذي تَمَثَّلَ بمجموعة شعرية جديدة هي «في وضح الردى أراقص الجبال» وبكتاب جديد في الفكر السياسي هو «مؤامرة الربيع العربي:القضية الفلسطينية»؟.
•• منذ سنة 2009 بات تقليداً عندي إصدار مجموعة شعرية في مطلع كل عام تتضمّن القصائد التي كتبتها على امتداد العام المنصرم, وقد ساعدني في ذلك وجود الناشر المتحمّس لشِعري وكتابتي عامّة, ومنذ ذات السنة تقريباً يصدر لي كتاب سنوي في النقد الثقافي، إلا أنني بَدْءا من منتصف عام 2011 التي شهدت كارثة مايُسَمّى «الربيع العربي» يصدر لي كتابٌ سَنَويّ أيضاً في الفكر السياسي يتصَدّى لهذه الكارثة... وآمَل ابتداءً مِن العام المُقبل استئناف إصدار كتاب سنويّ في النقد الثقافي إلى جانب الكتاب الشِّعري، والتوقف عن إصدار الكتب السياسية المُكَرَّسَة لمتابعة تطوّرات وتداعيات مؤامرة الربيع العربي. ويُمكِن القول إنّ خصوبة النتاج الشعري لازَمَتني منذ مُحاولاتي الشعريّة الأولى، لكنّ تَوَفُّرَ الناشر المُتحَمِّس الذي يُؤشِّر تنامي أعداد المُتلقّين لشعري وكتابتي عامّة، يُحَفِّزان هذه الخصوبة التي آمَل أن تكون نوعيّة وذات فتوحات إبداعيّة وليس مُجرَّد تراكم كمّي بحكم المثابرة على الكتابةِ والنَّشْر.
• كنتَ أوَّل المُبدِعين المُحَذِّرين من ما يُسَمّى «الربيع العربي»، كيف تراه الآن وما الأثر الذي تركته الخيانات العربيّة والعالميّة في أدبكَ وَشِعْرِكَ؟.
•• كانَ هدَف تحذيري مِن مؤامرة «الربيع العربي» عَبْرَ كُتُبي الستّة في هذا السياق هو المُساهَمَة في إيجاد وَعي سياسي نقدي يفهم مَخاطِرَ المُؤامَرة ويتصدّى لها، وأعتقدُ أنني وَصَلْتُ نسبيَّاً إلى هذا الهدَف, أمّا الأثَر الذي تركَتْهُ «الخياناتُ العربية والعالمية» حسب تعبيركَ، في كتابتي الأدبيّة والشعريّة، فقد تَجَلّى في النّبْرة النقديّة التحريضيّة الحادّة التي عرفتها كتابتي الشعريّة والإبداعيّة، بعامّة والانتقال على هذا المستوى مِن التلميحِ إلى التصريحِ، مِاأحْدَثَ خللاً في كتابتي لِصالِح الواجب الوطني على حساب واجبي الإبداعي, لذلك أطالِبُني الآن بإيجاد حلٍّ إيجابيّ لهذه المُعادَلة المُعْضِلة.
• أنتَ مُتَجدِّد في شِعركَ ونَثْرِكَ وهذا واضِحٌ جَلِيٌّ...ماهو مَفهومكَ للتجديد وإلى مَن تُفضِّل أن تُوَجِّهَ شِعرَكَ؟.
•• مازالت كتابتي الشعريّة والنثريّة تجريبيَّةً، وتصدر عن وَعْيٍ نَقْدِيّ، لأنني أتطَيَّرُ مِن الوُقُوعِ في النَّمَطيّة والتكرار حتى على مستوى شكل القصيدة الإيقاعي, والتجديدُ عندي هُوَ المُثابَرَة على تطوير الكتابةِ الشِّعريّة ومَهاراتها التَّقنيّة بما يؤهِّلُها للإحاطة بتطوُّر الحياة ومُعطَياتِها كَمَصْدَرٍ أساسٍ لِشِعْري، وأيضاً تَطَوُّر الفكر البشري، والتعبير عن هذا التطوُّر والفعْل فيه بلغة مجازيّة وصُوَر إيحائّية وبٌنية فنيّة مُتَماسِكة حتى في حال انفتاحِها على مَدياتٍ تجريبيّة قلِقة ومُقلِقة.
• برأيكَ، هل يمكن للأدب أن يحمل بعداً إنسانياً لإنقاذ العالم؟.
•• هذا هاجس رئيس لأدباء البشرية كما يؤشِّر أدَبُهُم عبر التاريخ، فالأدب الذي ليس من «أغراضه» وتطلعاته إنقاذ الإنسان والعالم من الشرور والمخاطر التي تتهدّده مآله مآل الزَّبَد والفقاعات الحبريّة... فمن شروط بقاء الأدب عبر الأزمنة انحيازه إلى هموم الإنسان الكونية كالحب والموت والصداقة والتعبير الإبداعي عن الصّراع التراجيدي المستمرّ بين الخير والشرّ.
• هل تناولَ النقّاد كتاباتكَ وشِعرَكَ ؟ وهل وصلوا إلى العمق...مارأيك بذلك؟
•• على الرّغم من أنني لا أجيد العلاقات العامّة التي تفرز اهتماماً نقدياً وإعلامياً بالشعراء والكتاب، فقد حظيتْ مدوّنتي الشعريّة باهتمامٍ برَزَ ليس فقط من خلال مايجاوز المئة مقال نقدي بينها الصحفي والأكاديمي وجميعها احتفى بتجربتي الشعرية، بل أيضاً مِن خلالِ صدور أربعة كتب نقديّة حتى الآن مُكَرَّسة لِمُدَوَّنَتي الشعريّة، ناهيك عن فصول عديدة في كتب نقدية أخرى تتحدّث عن شِعري في سياق الحديث عن تجربة الشعر العربي المعاصر، وأنا أنتظر الكثير إذا صدَقَت «نبوءة» الناقد التونسي باللغة الفرنسية (الهادي خليل) حين عبَّر عن إيمانه وثقته بأنّ تجربة «هادي دانيال» الشعرية ستحظى باهتمام كبير في المستقبل المفتوح.
• كشاعر ومبدع ألا ترى أنّ حضوركَ عربياً أكثر منه سورياً؟.
•• كما أشرتُ آنِفاً، أنا أهْمِلُ العلاقات العامّة التي تقف عادةً وراء توجيه الدعوات إلى حضور المهرجانات والملتقيات الشعريّة العربية والدولية، ولم أتلقَّ دَعماً من أنظمة أو مؤسسات رسميّة ولا من أحزاب سياسية معارضة أو جهات أجنبية، ومع ذلك فإنّ صوتي الشعري صامِدٌ منذ أربعة عقود ونيّف، فقد أصدرتُ حتى الآن أربعة وثلاثين كتابا بينها ثماني عشرة مجموعة شعرية عن دور نشر خاصة ومُعظم النقاد الذين اهتموا بمدوّنتي الشعرية لا تربطني بهم أيّ علاقة خاصة أو حتى معرفة سابقة، مما يعني أن لا شيء يدعم كتابتي ويسوّقها غير قيمتها وقوّتها صافيتين... وعلى الرّغم مِن أنَّ اسمي كان حاضراً في سورية لحظة مغادرتي ترابها أوائل سبعينات القرن المنصرم، إلا أنّ غيابي الجسديّ عن الوطن وغياب نَصِّيَ عن فضاءاتِ التَّلَقِّي السُّوريّة وتغيير اسمي من «عبد الهادي الوزة» إلى «هادي دانيال» جَعَلَ حُضُورَ اسميَ وشِعريَ عنْدَ المُتلقي السوري خافِتاً نسبيَّاً، ولكنهما يشهدان منذ سنوات عَوْدَةً تدريجيّة إلى اهتِمامِ المُتلقّي السوري الذي يعنيني كثيراً وُصُول نَصِّي إليه.
• في زيارتكَ الأخيرة كتبتَ قصيدةً بعنوان «دمشقنا»، ماذا تعني لك دمشق؟.
•• دمشق هي حاضنةُ مَوهبتي الأولى قَبْلَ أن أنطلِقَ منها إلى أمكنةٍ أخرى, هِيَ مَكانٌ عبقريٌّ مُوحٍ بما تختزنُهُ مِن عَبَقٍ حَضاريٍّ ودفءٍ إنسانيّ، وهِيَ في وَعيي الفكري والسياسيّ وفي بَوحِ بُوصلة وجدانيَ التربةُ التي تُغذِّي جذورَ رُوحيَ الخضراء.
• هَل تشعر بالغربةِ وأنتَ خارج سورية؟.
•• غُربةُ المُبدِع لم تُفارقْنِي يوماً داخل سورية وخارجها، لكنّ سورية الوطن الذي اختارَهُ ليَ القَدَرُ لحظة وِلادَتي، هي التي اخترتُها وطَناً بكامِلِ إرادتي الواعية، عندما أتيحَ لي أن «أستوطنَ» أمكنةً وبلداناً أخرى، وحتى انتِمائي النضاليّ إلى فلسطين هُوَ تَجَلٍّ آخَر لانتمائي الوطنيّ إلى سورية.
ammaralnameh@hotmial.com