من يتذكر حكايات الأهل والجدات عن الماضي وبساطة الحياة و(البركة) والطيبة التي كانوا يعيشونها ومازالت مقياس هؤلاء الآباء والأجداد للسلوك الحسن.
في ظل الأزمة، لم يعد أي من مناحي الحياة بعيداً عن التأزم والاختناقات.. وما كان ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، اضطر السوري للتحايل عليها وخلق بدائل لأن إرادة الحياة أقوى من كل الخراب والأزمات.
عالج السوريون كثيراً من جراحاتهم بالصبر مرة، وبالتسليم مرات.. عالجوا الموت بالإصرار على طرق أبواب الحياة.. عالجوا أزمة المازوت بالكهرباء والغاز.. وحين طالت الأزمة بدائلهم هذه لم يجدوا بداً من العودة إلى (قبو) المنزل أو إلى (سقيفته) أو إلى سوقٍ استحضرت ما استجد ودبت الحياة فيه ثانية، فكان اللجوء إلى ضوء الكاز الشهير بعد أن كاد الشمع يذهب بالبصر.. تحايلوا على البرد بمواقد الحطب.. وتحايلوا على أزمة السير الخانقة بركوب الدراجات الهوائية.
ونتيجة ارتفاع الأسعار لجأ القرويون الذين غزت المدينة وعادتها وأساليبها عيشهم، إلى زراعة الخضار في حدائق حول البيوت بما يؤمن اكتفاء ذاتياً، كما عمد كثيرون إلى تربية بعض الدواجن والطيور.
ومازالت المخيلة السورية قادرة تحت ضغط العيش وأعبائه على اختراع سبل أخرى لدحر الموت بكل أشكاله.