واقتصر بكفلوني في جميع القصائد التي ألقاها على أسلوب الشطرين معتمدا بحور الخليل والألفاظ الشعرية التي تتلاءم مع هذا الأسلوب منها قصيدته بعنوان: «أتكتب للحب الحياة» اختار لها حرف الباء المضموم روياً ليتناغم مع تفعيلات البحر الطويل ومع ألفاظ عذبة انسابت بشكل عفوي لتشكل علاقة جدلية بين الحالة العاطفية في الأبيات وبين المتلقي نظراً لتصوير الشاعر الحب بشكل يسمو ويرتقي بالإنسان فيقول: «أما كنت في عينيك أجمل صورة إليها إذا ما الحسن ضل يثوب تحبينني في هدأة الليل نسمة يسيل شذاها السلسبيل هبوب إذا غبت ناديت اشتياقك علني إذا ما دنا مني إليك أدوب».
كما قدم الشاعر بكفلوني في قصيدته «مصادفة» قصة شعرية مليئة بالعاطفة والشجن وغنية بالنغم الموسيقي والألفاظ الحديثة التي تدل على موهبة قادرة على الابتكار الكلاسيكي الأصيل وطرائق استخدامه وصور حالة انتظار لمكالمة هاتفية مستخدما الاستعارات المكنية ليعبر عن مكنوناته وانفعالاته الشعرية كما في قوله: «بعثت رجائي عبر أسلاك هاتف سلي هاتفي كيف اشتكى مثلي الهجرا إذا رن هز القلب مثل حمامة رأت شبك الصياد فاضطربت ذعرا».
أما قصيدته الوطنية التي ألقاها جاءت بعنوان: «وأول حب كنت يا شام» التي عبر فيها عن شوقه لدمشق عندما كان بعيداً عنها بصفتها أجمل البلدان في العالم لأنها رمز للوطن فغلب على القصيدة الشوق والحنين والنزعة العاطفية كما استخدم حرف العين كروي للقصيدة رغم أنه من أصعب الحروف في النسيج الشعري حيث قال: «فيا شام رديني إليك من النوى مللت وأفنيت اصطباري توجعا إليك خذيني إن شوقي خميلة ولم ترض إلا في حماك تضوعا».
كما ألقى الشاعر بكفلوني بعضاً من شعره في الرثاء الذي تميز بالصدق والعفوية وتداعي الذكريات إضافة إلى العاطفة الموشاة بالوفاء حيث كانت قصيدة «لو كان يفدى والدي» نموذجاً ألم فيها بأسس شعر الرثاء بنفحات أصيلة وعذبة فقال«الحزن موطنه الفؤاد بما طوى لا أن ترى متجلبباً بسواد وأنا ارتاد سواد دنياي التي لم تمض عنها حلكة الأبراد» وبدوره رأى الباحث الدكتور كامل قداح أن الشاعر الدكتور جهاد بكفلوني أجاد بالقصيدة الكلاسيكية الموزونة وأتى بمواضيع تلاءم مع الروح الإنسانية الحقيقية دون أن يهمل أي جانب من جوانب الشعر.
وتعتبر قصيدة جهاد بكفلوني في العصر الراهن واحدة من أكثر القصائد تمسكاً بالأصالة والوزن والعاطفة واحترام الذائقة الشعرية العامة كما أن الشاعر كان حريصاً على الالتزام بسلامة اللغة متوخياً أشد درجات الحذر بانتقاء حروف الروي التي تتلاءم مع بحور الشعر التي انتقاها والصور الشعرية التي شكل بها أغلب نصوصه إضافة إلى حرصه على تعدد المواضيع واغنائها.