تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أول الكلام..الفكر النقدي

ملحق ثقافي
2018/7/3
 عقبة زيدان

المركز الكولونيالي، المحمل بكثير من العنجهية والاستخفاف بالشعوب الأخرى، اضطر تحت أناقة ما يسمى بالثقافة المهاجرة، أو ثقافة الهامش، إلى أن يتخلى قليلاً عن مركزيته كمنتج وحيد للثقافة،

وأن يعترف بتأثير الثقافة المهاجرة في تغيير المفاهيم التي كانت سائدة قبل أن تهز هذه الثقافة أركان الميتروبول الغربي.‏

لم يتخلَّ المهاجرون عن ثقافة بلدانهم الأصلية، بل حملوها معهم إلى المركز، واستطاعوا أن يهدموا نظرية النقاء الثقافي، وأن يصبحوا جزءاً من الخطاب الثقافي للمركزية الغربية. ومن تلك اللحظة – تلك اللحظة المفصلية في تاريخ ثقافة الميتروبول – انتبهت الكولونيالية إلى ضرورة تغيير الخطاب وتطعيمه بخطاب الآخر – الأدنى في نظرها – وقبوله باعتباره جزءاً من الخطاب الجديد، الذي أثبت حيويته وجدارته.‏

إذاً، عمل الغرب الكولونيالي الفوقي على تطوير ذاته، من خلال الاعتراف بالهامش على أنه مركز آخر من مراكز الثقافة العالمية. وقد شكل إدوارد سعيد عماد النقد ما بعد الكولونيالي، وحرر العقل الغربي من وهم الهوية الوحيدة، وأن هناك هويات ووجودات متعددة، توازي الهوية الغربية الإقصائية، إن لم تتفوق عليها بتاريخيتها.‏

بعد هذه الصدمة الحضارية، تفهم الغرب ضرورة قراءة فكر الآخر، وشرعت الأكاديميات بنبش تراث الآخر، لاستكمال مشروعه في التفوق من جهة، وتقوية الفكر النظري من جهة أخرى. فخرجت دراسات هامة في الفكر العربي، تناولت مراحل من تطورنا الحضاري، حتى نجد أن كثيراً من القراءات كانت عميقة بدرجة كبيرة. فيما بقيت النظرية النقدية العربية، إما عاجزة عن القيام بقراءة معاصرة لمفكرين عرب، أو متحمسة لقراءة تقليدية وغير حداثية، لا تضيف إلى الواقع الفكري العربي شيئاً يذكر.‏

هل نحتاج إلى صدمة حضارية، لنقرأ أنفسنا قبل أن نقرأ الآخر؟ أم سنبقى مقتنعين أن خطابنا سليم لا تشوبه شائبة؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية