بشكل أوضح فاللعب يمكن أن يكون له أهمية بالغة جدا مما كنا نعتقده سابقا و ذلك حسب رأي العلماء.
عالم الحيوان ألفريد بريمز يكتب في أحدى ملاحظاته في السلوك الحيواني قبل مئة و خمسين عاما بأن (الدببة الصغار حيوانات مسلية ومرحة جدا وحركتها ومرونتها كبيرة وكذلك بلاهتها ليست أقل من ذلك وهذا ما يفسر لنا قيامها بأكثر الألعاب إضحاكا . تكوينها الطفولي واضح في أي سلوك تقوم به, فهي محبة للعب بدرجة كبيرة و تتسلق الى أعلى الأشجار لفرط شجاعتها و غرورها و تتضارب مع بعضها كالأولاد النشيطين و تركض الى هنا وهناك بسبب وبدون سبب و تمارس عددا لايحصى من الدعابات.)
إن الأحاسيس التي نقلها الفريد في القرن التاسع عشر حول اللعب لدى الدببة هي ليست بالغريبة عن زملائه في الوقت الحاضر, العالمة غودرون بورغارت من جامعة نوكسفيل ترى في مراقبة الحيوانات وهي تلهو أمرا مهما للبحث في السلوك وترى أن العلب هو لمجرد المرح و الفرح و بالأضافة الى ذلك أنه يوقظ أحاسيس باطنية. لا شيء يربط الأنسان بالحيوان بشكل قوي كاللعب فالقطط الصغيرة المتصارعة لابد أن تذكرنا بأنفسنا. اللعب لدى الحيوان يجعل الطبيعة -و كذلك أيضا الحياة تبدو و كأنها سهلة وغير مربكة. ومع ذلك قام علماء السلوك بجهد مضن في التعامل مع ظاهرة اللعب. و لكون الحيوان يقوم أثناء اللعب بحركات معقدة في الغالب, ظن العلماء بأن الأمر هو عبارة عن سلوك متأخر الحدوث نسبيا( أي كنوع من النشاط أو الجهد الثقافي. ثم ظهرت تدريجيا رؤية جديدة و التي يمكن أن تغير بالصورة بشكل جوهري. الجيل الجديد من علماء السلوك يبحثون في مسألة اللعب كإحدى أولى أنواع السلوك منذ وجود الأنسان و الحيوان على سطح الأرض.
من المعروف منذ زمن بأن سلوك اللعب لدى الحيوانات يظهر حرفيا بكثير من أنواع الألعاب, فالثعالب الصغار تتصارع فيما بينها و الكنغر تتلاكم وحيوان الغرير أو ( الزبزب) يلعبون بالصيد و يختبئون دائما تحت أدوار مختلفة وكذلك بالنسبة الى الدببة القطبية التي تنحدر من أعلى المنحدرات مرحة و يقوم حيوان الفقمة بدفع السمك برأسها الى هنا وهناك و أما الدلافين فتتنقل على أمواج مقدمة السفن أو تسحب طيورا غير منتبه بأرجلها تحت الماء فقط لكي تجعلها تعوم فوق الماء من جديد وكل ذلك بمتعة واضحة بالتأكيد. فكلما كانت درجة الذكاء أكبر وارتفعت درجة تعقيد الحياة المجتمعية, كلما ارتفعت درجت اللعب و تعقدت. الباحث فرانس دي ووال يبين كيف أن لسكاكره مفعولا جيدا للقيام بألعاب الاختباء الجديد الاكتشاف لدى الحيوان حيث تقوم بتغطية وجهها بأوراق الموز و تمشي متحسسة و كأنها عمياء.
بالاضافة الى الثدييات تلعب الطيور أيضا. البطريق مثلا يقفز من الصخور الناتئة من البحر بعد أن تكون قد تسلقتها بصعوبة بالغة أما الغراب فيتزحلق على بقع الماء المتجلدة على الأرض. أما ألعاب الببغاء فهي أسطورية بالفعل و خاصة نوع الكيا. الكثير من حركاتها كالتسلق و التعارك و التأرجح و تخبئه بعض الأشياء حتى أنها تقوم بنزع لحاء الأشجار لجعلها تبحر على الماء كالسفن.
أن هذا التنوع يعكس تنوعا آخر لدينا نحن البشر نعرفه فلدينا الإمكانيات للتعبير عن وجودية اللعب بكلمات و المقدرة على الشعور بها. المؤرخ الثقافي الهولندي يوهان هويزينغا اشتق من ذلك في العشرينات و الثلاثينات من القرن الماضي نظرية كاملة عن التطور الثقافي: (الهومولودينز).
أي أن الأنسان اللاعب وضع الأسس لكل أنواع المجتمعات الكائنية على الأقل ففي جميع نواحي المجتمع, إن كان في الفن أم في العلوم أم في الاقتصاد أو القضاء ( و في الرياضة بكافة الأحوال) تم الكشف و البرهان على وجود عناصر اللعب.