التي ترجح كفة الميزان لا بل وتتحكم بمصير العملية الفنية أو المنتَج الفني برمته وذلك وفقاً لآلية التفكير والتسويق وشروط السوق والعرض والطلب .. وبالجهة المقابلة هناك مقاييس عديدة يقيّم من خلالها مستوى الفنان ومدى نجاحه أو إخفاقه ولعل أهمها مدى مصداقيته في الأداء وقدرته على الإقناع عبر الشخصية التي يجسدها , ولكن ضمن كلا المنظورين هناك مقاييس قد تختبئ وراء الكواليس يتم من خلالها إعطاء هذا الدور لفنان دون غيره أو تسويق نجم معين دون آخر قد يكون أكفأ منه . والأداة المتحكمة في مثل هذه المسائل غالباً ما تكون المحطات الفضائية والجهات المنتجة التي تلمّع صورة هذا وتطفئ نجومية ذاك وفقاً لهواها ورؤاها ومصالحها وكثيرة هي الأساليب التي توصل إلى هذه النتيجة .
***
جمال فقاعات الصابون
ولعل من أبرز تلك العناصر التي قد يرى البعض أنها هامشية عنصر الجمال الذي بات يطفو على السطح (في العديد من الأحيان) كلاعب أساسي يتم الإحتكام إليه عند إختيار فنان لدور ما لدرجة أن هناك فنانين قد يأخذون فرص غيرهم بسبب الجمال , لا بل المفاجأة أن فنانة مهمة قد ترفض شركة إنتاجية شروطها فيستعيضون عنها بفتاة جميلة لكنها عديمة الموهبة ويقولون في قرارة نفسهم (جمالها سيعوض موهبتها) .. وضمن هذه المعادلةغير العادلة ترى إلى أيّ مدى يمكن للجمال أن يمنح التألق والاستمرار لفنان ? وهل يمكن له أن يكون جواز سفره إلى النجوميّة ? .. أيعقل أن يجعلها رصيده الوحيد لإحراز الشهرة دون أن يمتلك الموهبة والمرتكزات التي تجعله فناناً حقيقيّاً يقف على أرض صلبة , ويحقق ذاته , ويكسب حبّ واحترام جمهوره على مرّ الأيام , حتّى وإن امتدّت يد الزمان لتختطف شيئاً من بريق جماله ونضارة شبابه .
ما يصنع النجم ليس الجمال وإنما الموهبة والعمل العميق والتنوع والثقافة وعدم الوقوع في فخ الغرور أو الاعتماد على الجمال فقط هكذا تصف الفنانة والمخرجة واحة الراهب المسألة وترى أنه إذا كان الاعتماد على الجمال فقط فباستطاعته صنع النجومية حاله حال الدعايات التي يمكنها أن تصنع من فتاة الإعلان نجمة بلحظات لكنه بذلك سيكون أقرب لفقاعة الصابون التي تتلاشى سريعاً , فالجمال زائل والفنانات الكبيرات حالياً لم يعدن يعتمدن على جمالهن بقدر اعتمادهن على جهدهن في صقل موهبتهن بشكل مستمر .
***
فنانات غامرن بمقولة الجمال!
هناك أدوار قد تعتمد على شكل معين لا يكون جميلاً لا بل قد يشوه الشكل الحقيقي للممثل فهل يرفض الفنان تأديته لأنه لن يظهره بمظهره الجميل ?..
العديد من الفنانات السوريات قدمن أعمالاً ظهرن بها بدور فيه تشويه للوجه كما فعلت الفنانة شكران مرتجى في بداية مشوارها الفني والفنانة أمل عرفة في مسلسل (عشتار) والفنانة سمر سامي في (قرن الماعز) إضافة للعديد من الشخصيات التي ظهرت بشكل يصل لدرجة البشاعة في (مرايا) وممن أدين تلك الشخصيات الفنانة وفاء موصللي والفنانة ضحى الدبس التي كانت لها تجربة قديمة في هذا الإطار عبر (أيام الصمت) .. الأمثلة كثيرة ولكن كيف يفكر الفنان عندما يؤدي دوراً فيه نوع من البشاعة على صعيد الشكل وأين يتجلى الجمال الحقيقي للفنان?.. وفقاً لرأي الفنانة وفاء موصللي فإن الجمال الحقيقي ليس في الشكل وإنّما في الحضور وفي المقدرة على إتقان الأدوار . فالجمال في غير مكانه بشاعة كما أن البشاعة في مكانها جمال . ولن تستسيغ رؤية وردة في مستنقع , لأنّ جمال المستنقع بالأشنيات التي عليه فهناك مكانها الصحيح . ومن هذا المنطلق ينبغي أن يعطى كل دور الشكل المناسب له مهما كان هذا الشكل . ويجب أن يشعر الفنان بالمسؤولية عند أدائه للدور , وأن يكون صادقاً , ويحبّ الدور في نفسه , وألا يحبّ نفسه في الدور , فلا يبرز جماله على حساب الشخصية .
***
مفاهيم وقيم الفضائيات
يؤكد أكثر من فنان أن واقع (الجمال يتحدث) فرضته الفضائيات كما فرضت العديد من القيم والمفاهيم الإنتاجية الجديدة , تلك الفضائيات التي تطلب فنانة معينة أو فناناً معيناً لدور البطولة بسبب الجمال وليس لسبب الموهبة , لكن قد يتحول الجمال أحياناً إلى نقمة على صاحبه .. هذا ما تؤكده الفنانة جيهان عبد العظيم حيث تشير إلى أن الجمال لا يخلق فناناً . ولكن إن جرى وصنع الجمال فناناً فسيكون ذلك لفترة معينة ليس أكثر وبزوال الجمال يزول الفنان أيضاً .. ويحدث أن تحبّ بعض الممثلين وهم في عمر الشباب , لكن ما إن يكبروا حتى تشعر بمدى ثقل ظهورهم على الشاشة , ويعود سبب ذلك إلى أنّنا أحببنا فيهم جمالهم , وليس فنّهم وبالمقابل نجد ممثلين أيضاً كلّما كبروا ازدادوا عطاءً وتألقاً , وهؤلاء هم الفنانون الحقيقيون .