تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تداعيات دراسة جامعة هارفارد ... حول دور اللوبي الإسرائيلي في السياسة الخارجية الأميركية

شؤون سياسية
الثلاثاء 18/4/2006
د. سعيد مسلم

أثارت الدراسة التي نشرتها جامعة هارفرد الأميركية حول دور اللوبي الإسرائيلي في السياسة الخارجية الأميركية

جملة انتقادات رسمية في أوساط الإدارة الأميركية, ما دفع البروفيسور ستيفان والت للاستقالة وذلك بعد تقديم الجامعة اعتذارا رسميا وإعلانها بأن الدراسة تمثل الرأي الشخصي لكاتبيها علما أن دراسات الجامعة عبر سنوات عملها الاكاديمي لم تقدم مثل هذا الاعتذار وهي أصلا معروفة بتبنيها للآراء المستقلة وتقديم الدراسات العلمية المحايدة.‏

البحث الأكاديمي الشامل الذي نشرته الجامعة تناول دور المنظمات والأفراد في دعم اسرائيل والتأثير على الكونغرس والحكومة الأميركية اضافة إلى التأثير الواضح للوبي الصهيوني على الاعلام ومراكز الدراسات واستغلال معاداة السامية ودور الولايات المتحدة الأميركية كمنقذ لإسرائيل وعناصر استدرار العطف الدولي لها, ودور اللوبي الصهيوني في الحرب على العراق واستهداف ايران وسورية. ونعرض فيما يلي لاهم المحاور التي تناولتها الدراسة نظرا لأهميتها:‏

أولا: دور المنظمات والأفراد في الولاء لاسرائيل:‏

يواجه كل صوت يهودي غير منسجم مع سياسة اللوبي المنحازة لإسرائيل عقوبة الطرد من الجالية اليهودية مثال على ذلك مهاجمة رئيس منتدى السياسة الإسرائيلية سيمور برايتش حين نصح وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بالضغط على إسرائيل لإعادة فتح معبر غزة في تشرين الثاني 2005 حين وصفت خطوته ب التصرف غير المسؤول ونبه من أنه ليس هناك أي مكان على الاطلاق في التيار اليهودي لنشاط يروج ضد السياسات المرتبطة بأمن إسرائيل, مادفع برايتش للتراجع سريعا عن موقفه مؤكدا أن كلمة الضغط ليست موجودة في قاموسي حين يتعلق الأمر بإسرائيل, وتجزم الدراسة أن إيباك هي أقوى المنظمات الصهيونية وأشهرها وهي التي صنفها الكونغرس الأميركي في المرتبة الثانية من لائحة أقوى اللوبيات الموجودة في واشنطن بعد الاتحاد الأميركي للمتقاعدين في استطلاع نشرته مجلة فورتشن في سبعينيات القرن الماضي.‏

ويؤمن أعضاء إيباك أن بعث إسرائيل هو جزء من نبوءة الكتاب المقدس وأن أي تصد لها يعني معارضة رغبة الله.‏

وتنطلق قوة اللوبي الإسرائيلي في الأساس من قدرته الفائقة على تركيز جهوده للتأثير على أولئك الذين يهتمون بالشأن العام أو بقضية معينة وإن كانوا قليلي العدد نسبيا وذلك لثقته بأن الأكثرية الباقية غير المكترثة بالشأن العام أو القضية المعنية من الشعب الأميركي لن تحاول معاقبته, وناشطو اللوبي يؤدون في الحقيقة الدور الذي يفترض أن تؤديه أي جماعة ضغط أخرى إنما بشكل أفضل خاصة اذا كانت جماعات الضغط الأخرى كتلك العربية ضعيفة وشبه غائبة, الأمر الذي يسهل مهمة اللوبي الإسرائيلي في ساحة خالية المنافسة.‏

ثانيا: دور اللوبي الصهيوني وتأثيره على الكونغرس والحكومة:‏

يتبع اللوبي الإسرائيلي استراتيجيتين من أجل التحكم بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل, الأولى تركز على الضغط على كل من الكونغرس والحكومة والثانية على دوام الصورة الايجابية لإسرائيل لدى الرأي العام عبر ترديد الخرافات حولها والترويج لمصلحتها في قضايا الساعة وذلك بهدف الحؤول دون تطور أي انتقاد سلبي لإسرائيل ووصوله إلى المنبر السياسي.‏

إن مفتاح فاعلية اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة يتركز في تأثيره على الكونغرس حيث تحظى إسرائيل بمناعة ضد الانتقاد وسبب الفاعلية وجود المسيحيين الصهاينة في الكونغرس أمثال ديك آرمي الذي قال في ايلول 2002 إن الرقم -1- في أولوياتي للسياسة الخارجية هو حماية إسرائيل.‏

إضافة إلى اعضاء يهود في مجلس الشيوخ يحرصون دوما على دعم إسرائيل في السياسة الخارجية الأميركية وفوق هؤلاء وأولئك ثمة دور بارز يؤديه موظفو الكونغرس ويشكل مصدرا آخر لقوة اللوبي الإسرائيلي وذلك بالاستناد إلى اعتراف الرئيسة السابقة لإيباك مورييس اميتاي التي قالت إن هناك اشخاصا كثيرين يعملون ضمن فريق الموظفين.‏

وتشير الدراسة إلى دور المال الحاسم في الانتخابات الأميركية وإيباك تحرص على أن ينال أصدقاؤها دعما ماليا قويا من آلاف اللجان السياسية الناشطة الداعمة لإسرائيل.‏

ويراجع اعضاء الكونغرس وموظفوه منظمة إيباك عند كل مرة يحتاجون فيها لمعلومات كما تشارك في اعداد مسودات الخطب والتشريعات والسيناريوهات السياسية والاستراتيجيات.‏

وتذكر الدراسة بقول لآرييل شارون ( حين يسألني الناس كيف بالامكان مساعدة إسرائيل, أقول لهم ساعدوا إيباك).‏

أما الضغط على الحكومة فيكمن جزئيا في تأثير الناخبين اليهود في الانتخابات الرئاسية وبغض النظر عن نسبهم التي لا تصل إلى 3% إلا أنهم يقدمون تبرعات مالية ضخمة في الحملات الانتخابية لكلا الحزبين.‏

ويحرص الناخبون اليهود على التمركز في ولايات تعتبر حاسمة في الانتخابات مثل كاليفورنيا - فلوريدا - الينوي- نيويورك - بنسلفانيا, كل ذلك يجعل المرشحين الرئاسيين حريصين على تجنب معاداة الناخبين اليهود.‏

ويحرص اللوبي الصهيوني على وصول الاصدقاء لإسرائيل إلى مناصب حكومية مهمة ومثال على ذلك ان السياسة الخاصة بالشرق الأوسط خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون رسمها عدد من المسؤولين مثل نائب رئيس الابحاث السابق في إيباك ومؤسس معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الموالي لإسرائيل مارتن انديك ودنيس روس وأيرون ميلر الذي عاش في إسرائيل ومازال يزورها بانتظام, الذين كانوا جميعا ضمن فريق المستشارين المقربين من كلينتون ولم يكن مفاجئا في اجتماع كامب ديفيد عام 2000 أن الفلسطينيين شكوا من أنهم يتفاوضون مع فريقين إسرائيليين أحدهما يحمل العلم الإسرائيلي والآخر يحمل العلم الأميركي.‏

وهذه الحالة تبدو أشد وضوحا في إدارة بوش الابن الذي يزخر طاقمه بالمناصرين لإسرائيل مثل اليوت ابرامز - جون بولتون - دوغلا سافيث- لويس سكوتر ليبي - ريتشارد بيرل - بول ولفووتيز- دايفيد وورمسير.‏

رابعا: التلاعب بالاعلام والتأثير على مراكز البحوث والدراسات:‏

تنعكس وجهة نظر اللوبي تجاه إسرائيل بشكل كبير في وسائل الاعلام الأميركية الرئيسية. معظم المعلقين ومقدمي البرامج موالين لإسرائيل وقضايا الشرق الأوسط في وسائل الإعلام يتولاها اشخاص لايمكن أن يطيقوا انتقاد اسرائيل.‏

ويظهر التحيز الواضح في افتتاحيات الصحف الرئيسة كما يسيطر اللوبي على عملية نقل المستجدات المتعلقة بإسرائيل ومنع أي أخبار معادية لها.‏

مراكز الدراسات والتفكير باتجاه واحد: يسيطر عليها الجماعات الموالية لإسرائيل وأسس اللوبي الصهيوني مركزه الخاص للدراسات عام 1985 ومعظم المراكز تدار من قبل اشخاص مرتبطين بشكل مباشر في عملية دفع البرنامج الإسرائيلي إلى الأمام.‏

وتتواجد القوة الإسرائيلية في أهم المؤسسات البحثية مثل مركز السياسات الأمنية- معهد الأبحاث حول السياسة الخارجية - معهد هادسون.‏

ومن اشكال الدعم الأميركي لإسرائيل المساعدات المالية - العسكرية وتتلقى إسرائيل سنويا مساعدات مباشرة تتجاوز 3 مليارات دولار مايعادل 500 دولار لكل إسرائيلي.‏

كذلك مساعدات لتطوير انظمة الأسلحة ويستخدم الفيتو لصالح إسرائيل فقد استخدمته منذ عام ,1982 32 مرة في مجلس الأمن ضد قرارات تنتقد إسرائيل وتقف معها في أية مفاوضات وتهدد وتخوض الحروب من أجلها, ويذكر ما قاله مستشار الامن القومي الأميركي السابق برنت سكوكروفت في تشرين الأول عام2004 بأن شارون يضع بوش كخاتم في اصبعه الصغير).‏

كما يظهر الدعم الأميركي اسرائيل بانها ديمقراطية حليفة تحاصرها ديكتاتوريات عدوة وان اليهود عانوا في تاريخهم خاصة في الغرب المسيحي من محارق نازية ( هولوكوست) وان اليهود اضطهدوا لعقود ولا يستطيعون العيش بأمان سوى في وطن يهودي. وإن الإسرائيليين محبون للسلام وجيرانهم من العدوانيين الاشرار, ويستعرض الكاتبان ما تقوم به إسرائيل من أعمال وحشية وممارسات قمعية وارهابية تفند كل المزاعم والتعاطف الاخلاقي معها.‏

خامسا: دور اللوبي الصهيوني في الحرب على العراق واستهداف ايران وسورية: ووصل اللوبي الصهيوني لحد التغلغل في الداخل العراقي حيث دعم المحافظون الجدد هؤلاء المعارضين مقابل تعهدهم باقامة علاقات مع إسرائيل في حال وصولهم إلى السلطة.‏

وتبين الدراسة متابعة اللوبي الصهيوني تحريض واشنطن على استهداف سورية منذ سقوط بغداد في نيسان 2003 ووضع السيناريوهات ضدها وطرح قوانين الضغط المالي والسياسي والاعلامي حتى إبداء الرغبة الواضحة في استهدافها عسكريا وكذلك الأمر من استهداف طهران, وتشير الدراسة إلى قول ويليام كريستول في صحيفة ( ويكلي ستاند): إن تحرير العراق كان المعركة الكبرى الأولى من أجل مستقبل الشرق الأوسط لكن المعركة الكبرى المقبلة ستكون مع ايران ).‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية