تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العلاقات العربية - الأفريقية إلى أين?

شؤون سياسية
الثلاثاء 18/4/2006
بقلم الدكتورعلي أبو الحسن

إن نظرة دقيقة ومخلصة لتاريخ إفريقيا السياسي الذي انعكس وبعمق طبيعي على موقعها الجغرافي

لا بل كان هذا الموقع له التأثير الأكبر على مجريات الأحداث الكبيرة التي شهدتها إفريقيا آخذين بعين الاعتبار التداخل الجغرافي والبداغوجي والثقافي بين شعوب آسيا وإفريقيا, وقد لعبت دول عديدة أدواراً مختلفة فوق كامل مساحة إفريقيا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ومن هذه الأدوار كانت هناك أدوار استعمارية وأدوار تقسيمية تستهدف إضعاف هذه القارة لكن الفترة الاستعمارية كان لها تأثير كبير على أوضاع شعوب إفريقيا التي يشكل العرب نسبة كبيرة منها وأصابهم ما أصاب الأفارقة من استعمار بشع عانوا منه الكثير وهذا معروف للدنيا كلها.‏

وقد تميز استعمار إفريقيا بخصائص منها:‏

بداية متأخرة للاستعمار بالنسبة لاستعمار الشرق الأقصى وغيره من المناطق وزحف استعماري كاسح شمل القارة الإفريقية كلها.‏

واستعمار قصير الأمد لكنه حافل بالويلات والمآسىيوالاستغلال حيث بدا الخلاص منه تحريراً بعد الحرب العالمية الثانية وتكاد تكون نهاية الاستعمار تتناسب تناسباً عكسياً مع بدايته وهنا لابد من الإشارة إلى أنه في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي شهدت القارة الإفريقية تطوراً في علاقاتها مع الاستعمار الأوروبي إذ دخلت فرنسا القارة فبدأت في الجزائر والسنغال ثم توسعت في غرب إفريقيا ووصولاً إلى الدور الليبي في إفريقيا واستكمالاً لجوانب الموضوع التي لابد منها والمتمثلة في الأسباب والدوافع التي أدت للعب هذا الدور الذي هو دور مختلف جداً عن كافة الأدوار السابقة فهو دور العربي الليبي المستقل في دول إفريقية مستقلة , دور اخوي توحيدي مساند لادور استعماري معاد و لا بد من الإشارة هنا قبل وصف هذا الدور انسجاماً مع السياق التاريخي والتطور السياسي لقارة إفريقيا أقول لابد من الإشارة لفترتين حرجتين حاسمتين لعبتا دوراً مهماً في التاريخ السياسي للقارة هما مؤتمر برلين في ثمانينات القرن التاسع عشر ثم خمسينات القرن العشرين مع فارق أن القرن التاسع عشر كان قرن الاستعمار والقرن العشرين كان قرن التحرير وإذا كان التكالب على إفريقيا قد أدى في الأولى إلى تقسيمها فإن الخروج منها في الثانية قد أدى إلى تفتيتها ذلك أن الاستعمار عمد قبل خروجه منها إلى خلق عدد كبير من الدول الجديدة من خلال عملية تمزيق جعلت عدداً من الوحدات الإدارية السابقة كيانات سياسية منفصلة وكانت الدول الاستعمارية قد حاولت مرات كثيرة إبان استعمارها ضم أعداد من الوحدات القائمة في اتحادات أكبر, لكن حين أجبرت على التخلي عن استعمارها عمدت إلى ممارسة عمليات التفتيت والتجزئة مع الاستقلال, وتنقسم القارة اليوم إلى أكثر من خمسين وحدة سياسية تقريباً وبهذا تكون إفريقيا أكبر القارات تقسيماً وتعدداً سياسياً وهي في هذا- أي إفريقيا- تمثل طرف النقيض لاستراليا القارة الدولة, ولا تزيد الوحدات السياسية لقارة آسيا عن 35 وحدة تقريباً وفي أوروبا عن 25 وحدة ومما لاشك فيه أن لهذا الوضع المعقد انعكاساته السياسية الخطيرة فضآله السكان تعني بداهة ضعف القوة البشرية وضعف الإنتاجية وانعدام الهيبة السياسية حيث إن اتساع المساحة له مشاكله الخارجية الذي يضاعف من حجم الحدود ويزيد من أعباء الدفاع ويساعد على خلق أو تعقيد المنازعات الحدودية, أما داخلياً فإن التعارض بين المساحة التي تقدر بثلاثين مليون كيلو متر مربع ولها سواحل بحرية تقدر طولياً بحوالى (41000) كيلو متر وبين السكان الذين يبلغون حوالى نصف مليار نسمة إن هذا التعارض يعمل عادة ضد التجانس ا لسياسي وبالطبع التماسك وقد كان لتطبيق سياسة ( فرق تسد) من قبل الاستعمار في إفريقيا نتائج خطيرة بالنسبة للقارة نفسها التي أصبحت مسرحاً للثورات المتلاحقة والنزاعات الإقليمية والحروب المتعددة وخاصة بين الدول الإفريقية ذاتها على الحدود الموروثة عن الاستعمار ولا شك في أن إقرار منظمة الوحدة الإفريقية لمبدأ عدم جواز المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار قد ساهم في تسوية بعض النزاعات وتفجير بعضها الآخر. أما بالنسبة للوضع الدولي فإن مركز القارة الاستراتيجي وثرواتها المعدنية من نحاس وبترول وغيرهما من المواد الخام أدت كلها بالقوى العالمية إلى التسابق لربط القارة الإفريقية بسياسة الاحلاف والمعاهدات وإلى قيام اقتصاد بدائي متخلف وسوق استهلاكية من الطراز الأول.‏

لكن بعد نفوذ حركات التحرر الإفريقية وازديادها والمدعمة من القوى التقدمية من جميع أنحاء العالم أخذت القارة الإفريقية وخاصة الأنظمة التقدمية السياسية الحاكمة فيها تعمل على وضع حد للتدخلات الأجنبية وتجميع القوى الإفريقية الذاتية والمناداة بالتضامن الإفريقي وأحياناً بالوحدة الإفريقية وهكذا قامت منظمة الوحدة الإفريقية القارية في عام 1963 لهذا الغرض التي عملت على تحرير القارة بكاملها من النفوذ الأجنبي وتوحيدها وقد ازداد التنسيق بين هذه المنظمة وبقية المنظمات الإقليمية وخاصة العربية جامعة الدول العربية- لرفع المستوى السياسي والاقتصادي توعياً في القارة وقد أدّى قيام المنظمات الإقليمية بين الدول الإفريقية نفسها إلى التعجيل في طرد الاستعمار ولكن للأسف عاد هذا الاستعمار ممثلاً بصنيعة الاستعمار ( الكيان الصهيوني ليتدخل في أجزاء من القارة الإفريقية باسم المساعدة على التنمية وهذا ماجعل القائد جمال عبد الناصر يعلن في إجابته على سؤال حول أسباب اهتمامه في إفريقيا عندما قال: أريد أن أحمي ظهر القارة من التغلغل الصهيوني ومن خلال وضع إفريقيا هذا, وإبعاداً للخطر الصهيوني على الأمن القومي العربي والإفريقي والقضاء على كل أشكال النفوذ الاستعماري في إفريقيا جاء الدور العربي الليبي هذه المرة وبقبول إفريقي وترحيب جماهيري على كافة الأصعدة في إفريقيا لهذا الدور الذي يعبر عن إرادة الثورة العربية الليبية وقائدها معمر القذافي في القيام بدور لازم وضروري وضعاً للأمور في نصابها وبعد أن تحررت ليبيا من الاستعمار وحررت قواعدها الجوية وأجلت المستعمر الأميركي عنها بعد أن كانت قواعد تنطلق منها طائرات العدوان والتدخل لضرب القوى الثورية في الوطن العربي كما حصل في عام 1967 إبان عدوان الخامس من حزيران في ذلك العام والذي ماقامت ثورة الفاتح الليبية عام 1969 إلا رداً على هزيمة ذلك اليوم الذي ما زلنا نعاني من آثاره ذلاً وقهراً واحتلالاً في فلسطين والجولان وجنوب لبنان , إذاً ليس مستهجناً أو مستغرباً أن تقوم ليبيا بدورها الذي تقوم به الآن والذي يحظى بتأييد شعوب إفريقيا التي أحست بصدق ليبيا وأنها لا تستهدف سوى استكمال تحرير إفريقيا سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً والقضاء على نفوذ الصهيونية فيها لأني أعتقد وأقول دائماً إنه إذا كان من شأن الدور الليبي في إفريقيا تأثيراً قطع علاقات الدول الإفريقية بالعدو الصهيوني فإن هذا يعتبر أهم ميزات هذه الدور وأعظم انجازاته واستهدافاته على الإطلاق وعن هذا الدور وأهدافه وتعبيراً عنه خاطب القائد القذافي برلمان دولة السنغال في الجلسة غير العادية التي خصصت للترحيب به والاستماع لآرائه حول بعض القضايا المهمة الضرورية والملحة التي تتعلق بمرحلة التحول التاريخي الذي تمر به القارة الافريقية وهي على عتبة أو أعتاب مرحلة جديدة من أجل الاستمرار بقوة في بناء إفريقيا موحدة بالشعوب مشدداً على أن إفريقيا الموحدة لابد أن تكون لها سياسة واحدة وقوة دفاع واحدة واقتصاد واحد وسوق واحدة -وعن هذه المهمة وهذا الدور العربي الليبي قال القذافي:(إن مهمتي الآن في هذه ا لمرحلة ليست فقط إقناع رفقائي وزملائي وأخوتي قادة إفريقيا ولكن مهمتي أن أنقل هذه القناعات للشعوب الإفريقية, فنحن على أعتاب مرحلة جديدة بعد أن انتهت مرحلة التحرر من الاستعمار بدأنا الآن في مرحلة الوحدة الحقيقية لأن المأخذ على طرح الوحدة المبكر في بداية الستينيات كان ونحن قارة, أجزاء منها كبيرة جداً ما زالت غير مستقلة وعندما نتكلم عن الوحدة السياسية في قارة محتلة يبدو أنه ليس وقته .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية