تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رغم تكرار المخالفات...السماح لشركة بالاشتراك في المناقصة قبل انتهاء فترة الحرمان

تحقيقات
الثلاثاء 18/4/2006
مصطفى المقداد

قراران متناقضان يستندان إلى حيثيات واحدة... وزارة الاقتصاد لا تأخذ برأي مديرية الشؤون القانونية....

حرمان لمدة ثلاث سنوات يتحول إلى ثلاثة مواسم زراعية... ليس أغرب من قرار يتخذ معاكساً لقرار سابق يستند إلى الظروف والعوامل والحيثيات ذاتها...‏

وليس أدعى للتساؤل من إصرار على المضي في الخطأ وتكراره في التعامل مع شركات اعتادت ارتكاب المخالفات والإساءة إلى المواصفات والمقاييس المعتمدة.‏

ولا أعتقد أن ثمة مسؤولاً يقبل بتكرار الخطأ في ظل معطيات واضحة ولا أظنني أجانب الحقيقة حين أعلن أن عدداً كبيراً من المخالفات ترتكب بذريعة قانونية غير محددة الغاية والهدف.‏

ولكي لا أطيل في التوصيف النظري أراني مضطراً للدخول في جوهر القضية المشكلة.‏

أصل الحكاية‏

تم حرمان شركة يونايتد فوسفوروس الهندية لمدة ثلاث سنوات في قرار لوزارة الاقتصاد حمل الرقم 1031 تاريخ 2/7/2003 منع استيراد مادة كويك فوس (فوسفيد الألمنيوم) من الشركة التي تتخذ من مومباي الهندية مركزاً رئيسياً لها.‏

وعزا القرار أسباب المنع إلى المخالفات المرتكبة في المواصفات الفنية للمادة المستوردة, وبالفعل فقد تم تنفيذ القرار ومنعت الشركة من التعامل أو التقدم للمناقصات خلال العامين الماضيين, ولكن بداية العام الحالي بدأ وكيل الشركة بالتحرك لاستصدار قرار يتم بموجبه طي قرار المنع والسماح لشركته بالاشتراك بالمناقصة رقم K4/T45/2002 التي أعلنتها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية والمتضمنة شراء العديد من المواد الكيميائية ومنها استيراد كمية 174 طناً من مادة فوسفيد الألمنيوم بأشكاله الثلاثة.‏

مراسلات‏

طلب السيد جبران سعد ممثل شركة يونايتد فوسفوروس طي قرار المنع على اعتبار أن قرار المنع يمتد لثلاثة مواسم زراعية بدلاً من ثلاث سنوات, بما يعني أن الشركة قادرة على الاشتراك في مناقصات تأمين المستلزمات الزراعية للموسم القادم فكانت هناك مراجعات ومراسلات ما بين وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي من جهة ووزارة الاقتصاد والتجارة من جهة ثانية, لكنها لم تفض إلى طي قرار المنع.‏

وكان السيد وزير الزراعة قد بعث الكتاب رقم 265 تاريخ 6/2/2005 إلى المؤسسة العامة للتجارة الخارجية يطلب فيه إعادة التعامل مع الشركة الهندية وإمكانية إشراكها في المناقصات المعلنة اعتباراً من موسم 2005 -,2006 ولكن رد وزارة الاقتصاد والتجارة جاء مخالفاً لرأي وزارة الزراعة فقد أرسل وزير الاقتصاد الكتاب رقم 7014/474 بتاريخ 27/4/2005 والموجه إلى مديرية رقابة المزروعات في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والذي يفيد فيه أن قرار المنع لم يأت على تحديد سنة المنع بسنة زراعية أو موسم زراعي معين, وعليه فلا يمكن السماح للشركة المذكورة بالاستيراد إلا مع نهاية قرار المنع الممدد وهو تاريخ 2/7/2006 القادم, وقد جاء كتاب وزير الاقتصاد مستنداً إلى مطالعة مديرية الشؤون القانونية في الوزارة والتي حملت الرقم:‏

332/18/1 تاريخ 18/4/.2005‏

وهكذا فقد ردت كتب الشركة الهندية ولكن محاولات الوكيل استمرت حتى حققت النجاح.‏

محاولات متكررة‏

أرسلت شركة يونايتد فوسفوروس كتاباً إلى السيد نائب رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 8/8/2005 تطلب فيه حل الإشكال المتعلق بها والسماح لها بالاشتراك بمناقصة موسم 2005 - 2006 وفقاً لقرار المجلس الاستشاري للمبيدات والتي كانت ستغلق في 14/9/,2005 ثم أتبعتها بكتاب آخر في 28/8/2005 يقول إن وزارة الاقتصاد لم تصدر أي قرار بإزالة الحرمان مع الإشارة إلى أن الشركة خسرت قرابة /400000/ دولار عند إعادة البضاعة المرفوضة مع تسديد الالتزامات المتوجبة لمؤسسة التجارة الخارجية والبالغة 139199 دولاراً.‏

وعلى التوازي نشطت الشركة في مراجعاتها لوزارة الاقتصاد والتجارة, فتم الطلب برفع الحرمان للتمكن من الاشتراك بالمناقصة وذلك تعويضاً للخسائر (الفادحة) التي لحقت بالشركة وفقاً لما قدمه ممثل الشركة في سورية.‏

وكان ذلك في الكتاب المسجل برقم 5355 تاريخ 24/8/2005 إلى مديرية التجارة الخارجية, ثم أتبعتها بكتاب آخر بتاريخ 6/9/2005 حمل الرقم 5685 في ديوان مديرية التجارة الخارجية.‏

اجتهاد وزارة الزراعة‏

في 16/3/2005 أرسل السيد وزير الزراعة كتابه رقم 601/و.ق, الموجه إلى وزارة الاقتصاد والتجارة اعتبر أن قرار المنع يعني ثلاثة مواسم زراعية مستنداً إلى ما أقره المجلس الاستشاري للمبيدات بجلسته المنعقدة في 5/4/,2003 وبذلك يكون الموسم الحالي هو الموسم النهائي لمنع الاستيراد من الشركة, واعترض على رأي المؤسسة العامة للتجارة الخارجية القاضي باستمرار المنع, بما يعني وفق رأي وزارة الزراعة أنه بذلك يكون المنع لأربعة مواسم زراعية وليس لثلاثة.‏

وطلب الكتاب إصدار قرار يعيد السماح باستيراد المادة (فوسفيد الألمنيوم) اعتباراً من الموسم الحالي وفي 12/9/2005 أرسل السيد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي فاكساً عاجلاً جداً, يعيد فيه تأكيده على كتابه السابق ويؤكد أن الاستثناء ليس من صلاحية وزارة الزراعة وإنما هو من اختصاص الجهة التي أصدرت القرار.‏

وبعدها جاء قرار السيد وزير الاقتصاد والتجارة رقم 2077 بتاريخ 14/9/2005 الذي يطوي فيه قرار وزارة الاقتصاد والتجارة رقم ,1031 والذي قضى بمنع استيراد مادة (كويك فوس) من شركة يونايتد فوسفوروس الهندية, وذلك لمضي ثلاثة مواسم زراعية على منع الاستيراد, وقد استند كتاب السيد وزير الاقتصاد إلى حاشية السيد نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 4937/ن.ر, تاريخ 1/9/2005 وعلى كتب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي المشار إليها سابقاً.‏

ملاحظات أولية‏

اللافت في العملية أن صدور قرار طي الحرمان صدر مع نهاية التقدم للمناقصة الخاصة بالموسم الزراعي الحالي وهو الرابع عشر من أيلول الماضي, أما الأمر الأكثر غرابة فهو تغير صورة القرار وصدور قرار الطي اعتماداً على الأسس والحيثيات ذاتها, فقد جاء القراران مستندان إلى رأي مديرية الشؤون القانونية التي أكدت وجود فارق واضح ما بين (السنة) و (الموسم) وأكدت أن قرار المنع والحرمان اعتمد مفردة (سنة) ولم يستخدم كلمة (موسم).‏

أما قرار الطي فقد افترض وجود كلمة موسم أو افترض أن سنة تعني (موسم) وشتان ما بين المفردتين والمعنيين.‏

ولدى قيامي بالاستفسار في وزارة الاقتصاد عن سبب هذا التناقض انشغل المعنيون عدة أيام بتنظيم الرد, والإجابة شملت كلاً من المكتب الصحفي ومديرية التجارة الخارجية ومكتب السيدة معاونة الوزير, وتضمن الرد وقتها تناقضاً واضحاً إذ إن حاشية السيد الوزير المؤرخة بتاريخ 30/8/2005 تتضمن الموافقة على استثناء الطلب على الرغم من إصرار مؤسسة التجارة الخارجية في فاكسها رقم 4945/10 تاريخ 12/9/2005 على الرفض لأن مديرية شؤون المؤسسات في الوزارة أجابت بأن المنع ما زال مستمراً لغاية 2/7/2006 وذلك بموجب كتابها رقم 7004/474 تاريخ 27/4/,2005 وأشار كتاب السيد مدير التجارة الخارجية إلى عدم توفر نسخة من كتاب مديرية الشؤون القانونية كون الموضوع قد صدر عنها.‏

سوابق ومخالفات‏

لم يكن قرار وزير الاقتصاد ورقمه /1031/ قرار المنع الوحيد بالنسبة لشركة يونايتد فوسفوروس فقد سبق أن أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 2554 تاريخ 3/6/1999 والذي يحرم الشركة ذاتها من التعامل مع الجهات العامة لمدة عام كامل بسبب مخالفتها المتكررة خلال السنوات السابقة في توريد (مادة كويك فوس) المخالفة للشروط والمواصفات المتعاقد عليها لمصلحة مؤسسة غذائية.‏

وفي 17/9/2002 بعث السيد وزير الزراعة الكتاب رقم 1931 إلى مؤسسة غذائية يرجوها إعلام شركة يونايتد فوسفوروس بتلافي الملاحظات المرسلة من المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب وهي الجهة المستفيدة من مادة (كويك فوس), وحذر الكتاب من احتمال تغريم الشركة بالعطل والضرر وإعادة المنتج إلى مصدره في حال وجود أي عيوب للمنتج أو عبواته..‏

كما أرسل مدير عام الشركة العامة لصوامع الحبوب كتاباً إلى مديرية المبيدات في المؤسسة العامة للتجارة الخارجية ينبه فيه إلى عدم تكرار ما حصل مع الشركة العامة للصوامع في عام 2003 من تأخير في توريد مواد المكافحة (فوسفيد الألمنيوم), الأمر الذي أدى إلى توقف عمليات مكافحة الإصابات الحشرية في مخازين الصوامع, بسبب عدم صلاحية المواد الموردة من قبل الشركة الهندية ورفض استلامها من قبل اللجان المختصة, والاضطرار لشراء المواد من شركة أخرى, وطالب بالتأكد حين تثبت عارضو المشاركة في المناقصة من كون المادة الموردة منتجة من شركات معروفة, بجودة إنتاجها, وأن تكون المواد الموردة من إنتاج بلد المنشأ والشركة المتقدمة بالعرض.‏

والمعروف أن مادة (فوسفيد الألمنيوم) هي من أهم المواد المستخدمة في الوقاية من الحشرات التي تصيب محصول القمح المخزن في الصوامع أو في العراء, أو في المستودعات, وهو يقضي بخاصة على حشرة (الخابرة) في أطوارها كافة, كما يقضي على الجرذان وغيرها.‏

وتشير التقارير العلمية للكشف الميداني على عينات مادة (كويك فوس) المرفوضة من شركة يونايتد فوسفوروس إلى وجود مخالفات في المواصفات كان منها وجود رائحة غاز أثناء فتح الحاوية, فضلاً عن وجود رائحة غاز أثناء فتح الصناديق الكرتونية المحتوية على العلب المعدنية الحاوية أكياس (كويك فوس).‏

إضافة إلى وجود صدأ على حواف أربع علب من أصل 36 علبة هو عدد العينة المختبرة, كما سجلت مخالفات في جميع العينات المأخوذة من جميع الحاويات, في حين من المفترض أن يكون تصنيع عبوات (كويك فوس) مأموناً ولا يتم انطلاق الغاز إلا بعد مدة زمنية طويلة تأمن عدم إصابة القائمين بنشرها في المخازن.‏

واعتذرت اللجنة عن الاستلام, وأكدت ضرورة تأمين البديل بالسرعة الممكنة نظراً لحاجة الصوامع للتعقيم والتخلص من الحشرات والجرذان.‏

ويبقى التساؤل قائماً إلى متى يتم استسهال التعامل مع المخالفة? وهل يمكن للمؤسسات المعنية وضع ضوابط قانونية أكثر دقة لا ترضى بالتجاوزات, وتقف عند حدود الحقوق الذاتية لكل مؤسسة بصفتها الشخصية والاعتبارية, بما يحافظ على الحقوق العامة, وتبقى القضية مطروحة للنقاش والحوار في ظل الكم الكبير من الوثائق والمراسلات..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية