يكتب نصاً, يسميه ( العرق والتاريخ) , يعلق فيه ضرورة تحالف الثقافات ,ويؤكد ضرورة التوفيق بين مفهوم التقدم والنسبوية الثقافية .
يعني مفهوم التقدم, ان تكون بعض الثقافات اعلى من الاخرى, وذلك لأنها انتجت اعمالاً مميزة, لم تستطع الاخرى انتاجها.اما مفهوم النسبوية الثقافية, التي تعتبر احدى اسس التفكير الاثنولوجي, فيؤكد انه ليس هناك من معيار يسمح بالحكم المطلق على ثقافة ما بأنها اعلى من اخرى . ففي حقبة ما و في مكان ما,هناك ثقافة تتحرك, وفي مكان آخر, تبقى ثقافة اخرى ثابتة لا تتحرك .
الاولى حثت على تعاون بين ثقافات مختلفة غير متساوية وساعية للتعارض فيما بينها, فأنتجت حركة ما, بينما عاشت ثقافة اللاحركة معزولة كعالم مغلق حياة راكدة.
لا يعني التلاقح بين الثقافات, ان تسيطر واحدة على الاخرى, ولكن يجب ان تحافظ الثقافات على تنوعها وتجددها. يجب ان تسهر الثقافات المتعارضة على خصوصيتها . ان تطور كل ثقافة يتم بتبادلها مع ثقافات اخرى, ويفترض هذا التطور ان تصنع كل واحدة مقاومة ما, لأن هذا سيحميها من فقدان خصوصيتها التي تميزها وتتبادلها مع الآخر.
منذ زمن, وقبل ان تتجه الثقافة العربية نحو فقد خصوصيتها, كان هناك من رأى الاخر, من خلال وجوده هو, فرفض التعصب العرقي والطائفي.
ومن الطبيعي عندها ان نسمع الافغاني يقول: ( خليق بالانسان,كما انه نوع واحد ولا يكون له غير هذه الكرة الارضية الصغيرة ايضاً, ان يدرك ان وحدة النوع تقتضي وحدة المكان). وقبله , يطرح الرازي فكرة كمال التعاون والتعاضد العقلي الانساني, ويرى ان العقل هو الطريق الامثل لتحرير الانسان من كل اشكال الاستبداد والاضطهاد , وبه منوط تطور الانسان العالمي , اذ لا فرق بين انسان وآخر.
بهذا الشكل التفاعلي كنا موجودين على الساحة العالمية, وبطروحات لا تبغي فناء الاخر او تهميشه.
اذا, ماذا يمكننا ان نقول على ثقافة عربية,نسيت كيف تسير,ونامت منذ زمن طويل, وفقدت قدرة الحركة وحس التفاعل مع الآخر على مستوى الغد?
أليس من الواجب الاستناد الى التاريخ العربي المفعم بروح المغامرة والبحث?
ولا بد من (القول ان كان هناك من ينادي بالقطيعة مع التراث العربي فنحن لانرى بأن القطيعة لها اهميتها التي تجعلنا متطورين. ليس هناك ما يسمى القطيعة مع الماضي .فالانسان الحالي هو ذلك المركب العصبي والدموي والعقلي الذي يحمل ذلك الماضي بحلوه ومره وبالتالي,فإن محاولة بتر هذا الماضي,تجعل الانسان يحكم على نفسه بالموت المحتم).
ربما تكون اي صرخة الآن لا معنى لها, وربما تتهم اي دعوة لنبش الماضي, الذي كان جزءا لا غنى عنه في نسيج ثقافات , بأنها رجعية ومتخلفة وبائدة, في ظل هذا الموت المريع, الذي يدعوه القانون والمطمئنون حركة رائدة باتجاه الامام .