لقد قلبت هذه الثورة وهذا الحراك الجماهيري كل موازين القوى رأساً على عقب خاصة بعد أن خطف الاخوان ثورة /25/ يناير وكادت مصر أن تحكم بالحديد والنار والقتل والارهاب وحرف بوصلة النضال الوطني والقومي الى حروب طائفية ومذهبية تعيد مصر والامة العربية الى عصور الظلام والجاهلية وجعل مصر هي الحاضنة للسياسة الامريكية والاسرائيلية وتهديد الامن الوطني المصري والأمن القومي العربي للخطر بتخلي الاخوان عن المصالح الحيوية المصرية ومن قبلهم الرئيس المخلوع حسني مبارك حيث الاخوان هم استمرار لنهج سياسة مبارك بل زادوا عليه تخفيهم تحت عباءة الدين الاسلامي الحنيف على انهم رعاته وحماته واتباع النهج التكفيري الذي كاد يقود مصر الى المجهول وجعلها قاعدة للارهاب العربي والعالمي خاصة بعد ان اعلن رئيس مصر الاخوانية المخلوع الجهاد على سورية.
وجعل من نفسه رئيس عشيرة لارئيس دولة والشيء الذي يتبادر الى التفكير بعد ان شقت الثورة المصرية طريقها .تعترضها جملة من المهام الرئيسية على المستوى الداخلي والخارجي.
فعلى المستوى الداخلي فقد وصل مستوى تحت الفقر اكثر من 40% من الشعب المصري حيث الازمات الخانقة في البنزين والمازوت وتأمين رغيف الخبز والمواصلات. وتأمين فرص العمل للشباب المصري بعد ان عمل نظام مبارك ومرسي على بيع القطاع العام وخلق شريحة من الشعب تمتلك وسائل الانتاج ونهب املاك الدولة تحت مسميات وهمية فأصبحت هذه الشريحة تعيش في واقع مختلف عن سواد الشعب المصري بل اصبحت هذه الشريحة تمتلك صنع القرار السيادي فازدادت البطالة وعم الفقر وانتشر الفلتان الامني وازدياد نسبة الجريمة وانسياق نسبة لابأس بها وراء التوجيهات التكفيرية لغياب المسؤولية الفكرية والاجتماعية والسياسية عن قيادة المجتمع المصري وشعوره بالذل والمهانة جراء تبعية قيادة الدولة للسياسة الامريكية والصهيونية.
وعلى المستوى الخارجي تقف امام الثورة المصرية جملة من القضايا الاساسية.
كيف ستواجه الثورة اتفاقية كامب ديفيد وتبعاتها.
التي قزمت دور مصر الريادي العربي والإقليمي وجعلتها تابعة للسياسة الأميركية على حساب الأمن الوطني والقومي العربي؟
هل تستطيع الثورة الخروج من تحت العباءة الأميركية سياسياً واقتصادياً؟
هل يمكن لمصر العودة لقيادة زعامة الوطن العربي بعد تشرذمه من الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها العربان المتصهين؟
كثيرة هي الأسئلة التي تخطر بذهني أرجو ألا يفسر بأني غير فرحٍ بهذه الثورة الجبارة بل صفقت لها من صميم قلبي ولكن من خوفي على هذه الثورة ومع احترامي الشديد للمؤسسة العسكرية.
ولكن يبقى عندي سؤال: ماهذه النخوة الخليجية بدعم الاقتصاد المصري بعد سقوط حكم الإخوان بـ/12/مليار دولار؟
وهل تستطيع دول الخليج تقديم معونة بهذا الحجم لمصر دون موافقة الإدارة الأميركية؟
بنظرة سريعة على قوى الثورة وخاصة بنية الأحزاب الموجودة نرى أن الأحزاب القومية واليسارية ليست بالحجم والفعل لأن تتصدر المشهد السياسي وجبهة الإنقاذ المصرية ليس فيها من القيادات السياسية المعروفة بالتاريخ الوطني بل هي قنابل موقوتة في قلب الثورة المصرية..
كما أن حركة تمرد والتي استطاعت تجييش الشعب المصري ضد حكم الاخوان هي حركة شبابية تنقصها الخبرة والبرنامج السياسي لقيادة مصرفي هذه المرحلة.
والأخطر من ذلك حزب النور السلفي أيضاً هو عبارة عن قنبلة موقوتة في قلب الثورة المصرية لأنه الممثل للنظام السعودي هذا يقودنا إلى القول: إن الثورة هي في بداية الطريق وأن عواطف كل الشرفاء والقوميين العرب مع هذه الثورة . معها أن تعود مصر العروبة للعب دورها الريادي في نضالها المصيري ضد وحوش البشرية أصحاب الفكر الظلامي التكفيري. معها في شد أزر سورية الجريحة في دحر الغزو البربري لأن الأمن القومي المصري في حدود المشرق العربي للجبهة الشرقية.
نحن مع الثورة في إعادة اللحمة الوطنية للشعب المصري بعد أن كادت سياسة الاخوان أن تذهب بالبلد الى الفتنة الطائفية التي لا يعلم إلا الله إيقافها ولملمة جراحها وتبعاتها.
كما يتبادر سؤال آخر: هل الولايات المتحدة يمكن أن تترك مصر بحالها كي تعيد ترتيب أوضاع بيتها بعد أن عملت المستحيل على عزل مصر /40/ عاماً عن الأمة العربية؟
هل أوروبا ومالها من تاريخ استعماري يمكن أن تترك مصر تقرر مصيرها بنفسها؟
هل النخوة الخليجية يمكن أن تكون مجانية وبدافع العروبة والغيرة عن الشعب المصري؟
حسب اعتقادي ومن خلال التجارب السابقة لهذه الدول وارتباطها بالولايات المتحدة والصهيونية العالمية ماهذه المساعدات السخية إلا بهدف حرف بوصلة الثورة المصرية عن أهدافها الداخلية والخارجية وتقزيم هذه الثورة بإبعادها عن محيطها القومي العربي وابعادها عن التوجه شرقاً نحو روسيا والصين والثورة الايرانية . وجعلها مثقلة بالديون الخارجية ومتابعة النهج الذي سار عليه مبارك.
إن الثورة المصرية إذا استطاعت الخروج على التبعية الأمريكية والصهيونية وعادت مصر للعب دورها القومي خاصة التلاحم السوري والمصري وحرب تشرين التحريرية ما هي إلا شاهد حي على تحقيق الأمن القومي العربي ووقف التشرذم ووقف العدوان الخارجي لإيقاف سفك الدم العربي على مساحة الوطن العربي بعد أن وصل الأمر في حكومات الدول العربية أن يتآمروا على شعوبها خدمة للمصالح الأمريكية والصهيونية والقضاء على أكبر أقوى الدول العربية مصر وسورية والعراق التي تشكل خطراً حقيقياً على وجود الكيان الصهيوني.
التلاحم القومي المصري والسوري يستطيع أن يعيد الثقة للإنسان العربي بعروبته وقوميته ولوقف هذا المد التكفيري المنطوي تحت عباءة الدين الاسلامي الحنيف لتشويه صورته المشرفة وفصل العروبة عن الإسلام رغم أن الدين الإسلامي الحنيف وبما اتصف به من تسامح ومحبة قد انتشر في أصقاع الكرة الأرضية بالحوار والإقناع ولنصور هذا الدين خدمة للصهيونية العالمية على أنه منبع الإرهاب العالمي وهذا ما حاولوا ويحاولون اليوم أن يؤكدوه في العراق وتونس وليبيا وسورية ومصر واليمن الخ .. الثورة مطلوب منها أن تعود للعب دور ريادي في القارة الإفريقية التي وقعت جميعها في براثن التغلغل الصهيوني وأصبحت المصالح المصرية والأمن القومي بخطر بعد تداول أثيوبي على مياه النيل، وتقليل حصة مصر من هذه المياه 20٪ وهذا بداية ناقوس الخطر .
نريد للثورة المصرية الضرب من حديد على يد الذين حولوا مصر إلى غابة القوي يأكل الضعيف نريدها دولة القانون والعدالة الاجتماعية والقضاء على الفساد الذي تغلغل في كل مفاصل مؤسسات الدولة الادارية والاقتصادية حتى لاتعود الثورة بعد فترة إلى المربع الأول لأن أعداء الثورة ما زالوا أقوياء ويتلقون الدعم المادي والمعنوي حيث القوى الظلامية وعبر وسائل الاتصال المرئي والالكتروني يمارس أبشع أساليب الحرب النفسية والتجييش الطائفي مستخدمة كل الوسائل والأساليب القذرة ولكن ثقتنا بالشعب العربي المصري العظيم كبيرة وكل شرفاء العرب والعالم مع هذا الشعب الجبار إلى الأمام يا شعب مصر .