فكانت هبّة الشعب المصري ضد الإخوان صدمة كبيرة لدوائر التخطيط في واشنطن وتل أبيب وقد بدت عليهم علامات الذهول والارتباك في المواقف والتصريحات التي صدرت بشأن الإطاحة بمرسي في انتفاضة غير مسبوقة من حيث حجمها ووضوح شعاراتها.
التجربة المصرية راحت بعد نجاحها تنسحب على دول يصادرها الاخوان وابتليت بذات الداء، فراحت طبول التمرد تقرع وتؤسس لعزل جديد يطول رؤوس الإخوان في تلك الدول من أصحاب اللحى المزيفة والافكار المتعفنة المنغلقة على مصالحها الشخصية والمنغمسة في عمالتها للخارج.
تركيا التي ابتلي شعبها بجماعة إخوانية تلبس عباءة العدالة والتنمية وتتستر بشعارات الدولة والديمقراطية، يدرك اليوم شعبها أن استمرار أردوغان في حكم البلاد، سيجلب الكوارث الكبيرة ويعقد حياة الاتراك، وان كانت اللعبة الاخوانية في تركيا غير واضحة كما هي في مصر وتونس، لكنها أخذت تشتد ضراوة من خلال سلوكيات أردوغان تجاه المتظاهرين وراح النفس الإخواني يظهر أكثر وأكثر من تصريحاته، وتعاطفه الأخير مع مرسي، بل والهستيريا التي اصابته نتيجة لعزله، والتي رأى فيها مقدمة لعزل الاخوان في الدول التي تكتوي بنيران حماقاتهم.
وبين «تمرد» مصر و»تمرد» تونس هناك هدف مشترك، هو اسقاط الهيكل الإخواني الجاثم على صدر الديمقراطية والحرية والتعددية والمهدد للعيش المشترك، والدولة الوطنية والأمر الذي جرى في مصر ينسحب على تونس، التي راقبت التجربة المصرية بروادها من شعب أبيِّ وجيش وطني يتناغم مع الشعب ومطالبه، وتستعد للسير على خطاه للإطاحة بالنظام الدكتاتوري الحاكم في البلاد منذ عام ونيف، والذي ترتبط جذوره مع حركة الاخوان في مصر وكأنهما أخوان أرضعا من لبانٍ واحد.
وإذا بقي الزخم الشعبي في تونس على هذا المنوال فإن حكومة تونس قاب قوسين او ادنى من تكرار السيناريو المصري، خصوصا وان المعارضة العلمانية تتهم الحكومة بانها فشلت في التخفيف من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين مثل البطالة والتساهل مع جماعات دينية متشددة.
daryousi@hotmail.com