تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


درس قاسٍ

إضاءات
الثلاثاء19-11-2019
سعد القاسم

هو عنوان العرض المسرحي الذي قُدم أواخر الشهر الماضي على مسرح القباني بدمشق بتوقيع المخرج الدكتور سمير عثمان الباش، وأداء توليب حمودة وفرح الدبيات،

خريجتي المعهد العالي للفنون المسرحية، وكرم حنون وأوس وفائي من مدرسة الفن المسرحي.‏

المسرحية مأخوذة عن نص غير مترجم للعربية ألَّفه فالنتين كراسنوغوروف، ولا أذكر أن أياً من نصوصه قد سبق تقديمها على مسارحنا، رغم أنه يُعَدُّ أحد أشهر المسرحيين الروس، وكان رئيساً لجمعية الكتاب المسرحيين بسانت بطرسبرغ ما بين عامي 1987 و 1991. وهو إلى ذلك دكتور في العلوم، وأستاذ، وله كتب ودراسات عن الهندسة الكيميائية. ولد كراسنوغوروف في مدينة لينينغراد (سانت بطرسبرغ) عام 1934. كتب مسرحيته الأولى (الرجل المثالي) عام 1976، وأتبعها بثلاث وثلاثين مسرحية ترجمت إلى ثلاثين لغة، (منها خمس مسرحيات ترجمت إلى اللغة الإنكليزية أشهرها: الكلب وسقوط دون جوان)، وقدمت على أربعمئة خشبة مسرح حول العالم، في مقدمتها أهم المسارح الروسية.‏

تنتمي مسرحيات كراسنوغوروف إلى أنواع مختلفة: الكوميدي ​​والتراجيدي والنقد والغناء، وتحكي مسرحية (درس قاسي) عن أستاذ جامعي يقوم بإجراء تجارب على الأشخاص لمعرفة أثر القسوة أو العنف في عملية التعلم. فيطلب من أحد طلابه المقربين أن يحضر إلى الاختبار، ومعه طالبة بذاتها، لكن الطالب يحضر بدلاً عنها خطيبته التي تدرس معه في الكلية ذاتها، والتي يتبين من اللحظة الأولى أنها معجبة بالأستاذ الجامعي، بما يتجاوز الإعجاب العادي بين طالبة وأستاذها، وهو ما نلحظه من استيائها المُضمر (أو غيرتها) حين يحضر الأستاذ ومعه فتاة جميلة يقدمها على أنها مساعدته في التجربة، الأستاذ بدوره لم يكن مرتاحاً لوجود هذه الطالبة فيوبخ خطيبها لأنه طلب منه إحضار فتاة بعينها مما يستفز الخطيبة فتسأل مستاءة عن سر عدم ترحيب الأستاذ بها، فيتهرب الأخير من الإجابة ويدعوها للمشاركة في التجربة، التي ستكون (مساعدته) بطلتها حيث ستُقيَّد بكرسي موصول بصاعق كهربائي، وعلى الطالبين أن يقوما - كل على حدة- بتحفيظها مقطعاً من مسرحية لشكسبير، فإذا ارتكبت أدنى خطأ في سرده يُعاقبها (أو تُعاقبها) بصعقة كهربائية تزداد قوة مع كل استخدام جديد لآلة الصعق.‏

يخرج الطالب من الغرفة وفق شروط التجربة، وتبدأ الطالبة تلقين (المساعدة) المقاطع التي عليها حفظها، وبالتالي تبدأ حفلة التعذيب، ومع كل صعقة كهرباء يزداد ألم المساعدة، فتقرر الطالبة الانسحاب من التجربة مضحية بالمكافأة المالية، وبمستقبلها الدراسي. وتطلب أن يُسمح لها بمراقبة ما سيفعل خطيبها بدوره، ويوافق الأستاذ شريطة أن تفعل ذلك وهي مختفية عن عينيه. يدخل الخطيب ليشارك في التجربة وسرعان ما يستغرق فيها إلى حد الانفعال الخارج عن السيطرة، فيضغط على مفتاح الصعق الكهربائي مرات متتالية بعصبية وسرعة، فتفارق المساعدة الحياة، وهنا يبلغ الحدث المسرحي ذروته حين تندفع الخطيبة من مخبئها وتنهال بالشتائم على خطيبها، وفي لحظة تبادل إلقاء المسؤولية بين الأستاذ والطالبين يكتشف الخطيبان أن الأمر كان مجرد خدعة، وليس هناك أي صعق كهربائي، وأن المساعدة هي ممثلة مسرحية قامت بهذا الدور.‏

الطالبة التي أخبرت خطيبها بكلمات قاسية عن انفصالها عنه، لم تبدّل موقفها بعد اكتشافها أن الأمر خدعة، ففي الحالين انكشف وجهه البشع، والطالب يجد أن الأستاذ هو المسؤول عن تدمير علاقته بخطيبته، ومن جواب متعثر على لسان الأستاذ نكتشف أنه يحمل مشاعر خاصة تجاه طالبته حين يقول لها بما يشبه الاعتذار أنه لم يشأ أن تكون هي بالذات ضمن التجربة!!. ليترك بذاك سؤالاً لدى المشاهد: هل رتب الأستاذ تفاصيل التجربة كي يحصل على الفتاة التي أحبها، ويدمّر صورة حبيبها في ضميرها؟‏

هو واحد من أسئلة كثيرة ستظل تلح على المشاهد لوقت طويل بعد مغادرة المسرح، وهي بعض أسباب نجاح (درس قاسي) يشد المشاهد رغم قسوته، بفضل براعة المخرج في ضبط إيقاعه، وبراعة الممثلين في تجسيد أدوارهم.‏

www.facebook.com/saad.alkassem‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية