لكن يبدو أن جيل التسعينات مازال يروق لهم بعضا من تلك الاختراعات التي تقبع في زاوية من زوايا الصالون الذي يجمع الاسرة في كثير من الأحيان ويوحد أذواقهم في قليل من الأحيان!
كانت تلك الأحيان هي مسرحيات غنائية للرحابنة, حيث ينسوون فيها غرورهم وعنجهيتهم على أنهم أبناء جيل اليوتيوب والفيس بوك وكأنهم هم من اخترعها؟ متباهين بمعرفتهم «الشديدة» عما يدور في كواليس تلك المنصات بل يضحكون على استفسارات آبائهم حول كيفية التعليق على منشور أو انشاء صفحة أو معنى الحساب الافتراضي!
لكنهم مع ذلك ينصتون ويتفرجون باهتمام على الشاشة المنزلية العائلية ويتركون الى جانبهم جهازهم الذكي ليغفوا قليلا, ثم يطلقون بعض الضحكات ثم تطربهم الأغنية, ثم يعودون للفرجة بمزاج آخرويمكن ان يتشاركوا الرقص مع جميلات الزمن الماضي بلباسهم الفولكلور وأصوات جوقة غنائية تفوح منها رائحة الأرض الطيبة.
لقد جذبهم مسرح الرحابنة الغنائي واستطاع التقاط مشاعرهم واحساسهم بالجمال دون أن يعلن منافسته لجهازهم الذكي الذي تركوه /أخيرا/ لبعض من الوقت.
لن نكتب عن مسرح نبتعد فيه الى الجانب الآخر من العالم والى مسرح عالمي غنائي بل سنتفرج على مسرح غنائي أسسه الرحابنة هناك في بلد قريب لايتعدى مسافة ساعتين من الزمن على حدودنا نشأ وشاهدناه على شاشاتنا الصغيرة وسمعناه عبر كاسيت مسجل يحملنا معه بخفة وحب.
تحافظ كثير من المحطات على ماضيها الفني,لكن المسرح الغنائي الرحباني لم يكن مجرد ماض فني بل صورة وصوت وطن, حمل همومه لعقد من الزمن وكان مرآته محاولا أن لايقع في فخ حسابات من نوع آخر لذلك بقي غنيا وبقي حيويا ولو وجد اليوم تسويقا مبرمجا في المحطات العربية لاستطاع أن يغطي مساحات تكاد تفرغ في نفوس الجيل الجديد علما أن الفن الذي لايتجدد مصيره الركون والذبول لكن ان بقي اللواء مرفوعا لابد لأحد ما أن يستمر برفعه ولابد أن يعود مرفرفا ومغطيا لمساحات من الروح تكاد تعلن الخواء.
للتذكير فقط: كانت المسرحية الاولى في الـ 1959, ثم تتالت لتكمل 23عملا كان أشهرها تلفزيونيا والأكثر تكرارا بيترا, المحطة, ميس الريم, لولو, بياع الخواتم, هالة والملك, الشخص ولم يكن آخرها جبال الصوان.
ثم بدأت مع زياد الرحباني وكانت فيروز هي النفس الفني الجمعي الذي جمع كل أذواق العرب في سنوات لم يعد يوحدهم شيء.