إلا أن معلمة اللغة العربية طلبت منهم في حصة العربي كتابة قصيدة وقصة ، كتبت قصيدتها في الصف ، وحين عادت إلى البيت كتبت قصتها أيضاً .
لكن معلمة جانا اعتمدت لتشجيع طلابها وطالباتها الصغار على التعلم، من خلال ترك مساحة لخيالهم ولما يملكونه من مفردات، لبناء قصة وقصيدة، فكانت النتيجة سريعة ومجدية، أسعدت طلابها الصغار وشجعتهم على محاولات الكتابة.
يشكو كثير من المعلمين والمعلمات، بدرجات متفاوتة، من صعوبات تجاوب طلابهم مع ما يقدم لهم من مواد تعليمية، وعدم انخراطهم في الأنشطة التعليمية، وعدم استيعابهم لما يقدّم لهم. وهي شكوى متبادلة مع الأهل، لدرجة أن مدرسي المرحلة الثانوية أو الاعدادية يشكون من كون الطلاب باتوا يصلون إليهم من التعليم الأساسي دون أن يتعلموا (وليس يتقنون) القراءة والكتابة، وهنا يمكن أن نسأل عن طريقة التعليم للغة العربية وغيرها من المواد، والتي تعتمد التلقين والحفظ.
لو تأخذ حصص اللغة العربية منحى آخر، وهو إعطاء المجال للطلاب، قراءة النصوص الشعرية والنثرية بصوت عال ، وبشكل مجتزأ وكامل ، وترك لهم أيضاً مساحة لكتابة النصوص كما فعلت تلك المعلمة، تختلف عن الواجبات المنزلية ، وإنما كنشاط يحرك خيالهم وذخيرتهم اللغوية ، لما تراجع الطلاب في اللغة العربية بل على العكس، سيتقدمون، وغير ذلك تساعد أكثر في الوصول إلى أهداف تربوية وهي نقل قيم الخير والجمال والتعاون عبر الحكايات والقصص.
الوعظ والتلقين الذي يعتمده بعض المعنيين في المدارس، لا يساعدان على بناء القيم، ولا يحسّنان خلقا، ولا يرفعان أي منسوب إحساس ولا يكسبان آدابا أو قيما رفيعة، وحسب مفهوم التربوين أنفسهم:( دور المعلم الذي ينقل مضمون التربية هو تيسير سبل نمو البنيات المعرفية للطلاب،على أن تكون هذه البنيات المعرفية لا تختزل في المهارات العقلية الصرفة، وفي تطورها من حيث الاستدلال ، الاستنباط، البرهنة ، التحليل ، لأنها تشمل الخيال وقدرات التجريد ، وحتى «الوجدان»)
وجدان الشاب الذي طبع فيه أهله حب المعرفة والمثابرة و التصميم ، ليس هو وجدان المراهق الطائش الذي أخفق أهله في ذلك. ونفس الشيء يصدق على الطفل أيضاً، وعليه نرى الأهمية القصوى لتوظيف القصص والحكايات في النمو الفكري و الأخلاقي و الاجتماعي و الوجداني للمتعلمين ، أو في تربيتهم ، وقد عمل مركز الطفولة المبكرة على الاهتمام بالقصص والحكايات للأطفال ، ودرّب الكثير من المتطوعين والمتطوعات ، على قراءة القصص ، وقص الحكايات لرواده من الأطفال ، بطرق جذابة تعتمد التفاعل وإشراك الأطفال أنفسهم بتوقع الأحداث.
نرى في تدريس اللغة العربية و اللغات الأجنبية ، القصص و الحكايات الصالحة لتعليم مفردات اللغة و قواعد النّحو والإعراب ( للصّغار)، و اللسانيات و الأسلوبية و الممارسات الكتابية للكبار، نراها قابلة لأن توظف في التربية مثل محبة الخير و العدل و الجمال، والإيثار و الحق وكل الفضائل و القيم النبيلة، أي أنه إذا كانت القصص و الحكايات موردا تعليميا نتيجة لطابعها الممتع و المدهش، و التعلم يسهل كلما اقترن بالمتعة و الدهشة ، فإنها مورد تربوي أيضاً.
يمكن للمعلم والمعلمة ترك مساحة للأطفال ليكتبوا عن التجارب الصغيرة والكبيرة في حياة كل منهم، ليقبل الحقيقة و يستمر في النمو.
أسلوب القص والحكايات يمكن الاستفادة منه في الدروس العلمية أيضاً، يحول الأستاذ على الفقير وهو من أشهر مدرسي الفيزياء في دمشق، الكثير من قوانين الفيزياء إلى أغنيات بسيطة يحفظها طلابه بكل حيوية ودون تذمر من صعوبة المادة.