تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النفاق الغربي ونووي إسرائيل المستثنى

شؤون سياسية
الأثنين 19-10-2009م
أحمد برغل

قرار مجلس الأمن الدولي غير الملزم في أيلول الماضي الذي دعا إلى عالم خال من الأسلحة النووية تجاهل عن عمد ترسانة «إسرائيل» النووية واكتفى بالإشارة إلى إيران وكوريا الشمالية.

قبل هذا القرار كشف التصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إثر نجاح الدول العربية للمرة الأولى في تحرير مشروعي قرارين يطالبان إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي وفتح منشآتها النووية أمام المفتشين الدوليين عن مدى انحياز الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة للكيان الصهيوني وإبقائه بعيداً عن المراقبة وإبعاد أسلحته النووية عن الاتفاقات والمعاهدات الدولية رغم امتلاك «إسرائيل» لأكثر من /200/ رأس نووي كما تؤكد جميع الأبحاث العسكرية وهو أمر لم يعد سراً بعد اعتراف الخبراء الأمريكيين بوجوده.‏

ومن الغريب في هذا الإطار أن الغرب يهدد إيران ويتوعدها بأشد العقوبات إذا لم تتخل عن مساعيها النووية رغم علمه الأكيد أن منشآتها مخصصة للأغراض السلمية بعلم وموافقة الهيئة الدولية للطاقة الذرية وفي نفس الوقت يتغاضى عن الترسانة النووية الإسرائيلية التي تصر تل أبيب على إبقائها خارج النقاش رغم كل ما تمثله من تهديد لأمن المنطقة.‏

لاشك أن هذه السياسية الغربية في ممارساتها لمعايير مزدوجة تجاه الكثير من القضايا الدولية ومن بينها امتلاك «إسرائيل» للسلاح النووي يفقد هذه الدول احترام وثقة شعوب العالم لأنها غير مؤتمنة على تطبيق شعارات ترفضها فكيف يمكن مطالبة كوريا الشمالية على سبيل المثال بنزع سلاحها النووي والتغاضي والسكوت عن السلاح النووي «الإسرائيلي» الذي يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين.‏

رغم كل ما يقال عن الغموض النووي «الإسرائيلي» فإن دول العالم وفي مقدمتها الدول العربية تتعامل مع «إسرائيل» على أنها دولة نووية.‏

وثمة بين المحللين الغربيين من يشير إلى أن قسماً من التفهم الأمريكي للسلاح النووي الإسرائيلي كان بين الدوافع لتوثيق العلاقات الاستراتيجية مع الكيان الصهيوني.‏

دارسون أمريكيون فسروا في الماضي هذه العلاقات بأنها تنبع من الخوف من تفرد «إسرائيل» باستخدام السلاح النووي ولذلك فإن أمريكا وبغية طمأنتها بتوفير الرعاية السياسية لها من ناحية وبتقديم كل ما يحافظ على تفوقها النوعي من ناحية أخرى.‏

هذا التفسير ليس في محله فامتلاكها لهذا السلاح لم يغير من نظرية الأمن القومي «الإسرائيلية» التي ظلت تستند إلى عناصر القوة التقليدية، كما لم يدفع امتلاك هذا السلاح إلى تقليص النفقات للجيش الإسرائيلي ومكوناته المعهودة وهو ما دفع البعض إلى اعتباره سلاحاً باهظ التكلفة من دون عوائد ملموسة.‏

فالسلاح النووي في إسرائيل عدا عن كونه سلاحاً رادعاً فإنه يستخدم لابتزاز الولايات المتحدة وهذا الأمر أكد عليه الكاتب الإسرائيلي ألوف بن عندما كتب في صحيفة «هآرتس» يقول:‏

إن الاستثمار الإسرائيلي في القنبلة النووية كان مجدياً، فكلما تقدمت «إسرائيل» في مشروعها النووي باتت أمريكا تميل لها أكثر وتوافق على مساعدتها بالسلاح والمال والدعم السياسي.‏

وبالمقابل تعهدت «إسرائيل» في عام 1969 «بالغموض» وقد ولدت هذه السياسة من قبل وهي اليوم تقبع في أساس علاقات «إسرائيل» مع الولايات المتحدة لإشعارها بالثقة والهدوء.‏

ورغم الميل الإسرائيلي المتعاظم لبلورة نظريات وعقائد ذات طبيعة نووية من نوع عقيدة «بيغن» التي تجسدت في قصف المفاعل النووي العراقي والتي تفيد باستعداد «إسرائيل» منع أي من أعدائها بالقوة من امتلاك قدرة نووية، أو عقيدة «رابين» التي تطالب بتحقيق السلام قبل انهيار القدرة على منع امتلاك الآخرين لقدرات نووية هناك من يقول: إنه ليس في إسرائيل عقيدة نووية، حقيقية ويشدد هؤلاء على أن «إسرائيل» لم تبلور آلية حقيقية متكاملة للتعاطي مع الموضوع النووي بما في ذلك الانتقال من سياسة الغموض إلى الاشهار.‏

ما يلاحظ مع نشر تفاصيل العلاقات والتفاهمات الأمريكية- الإسرائيلية في المجال النووي هو أن الإدارة الأمريكية والغرب عموماً يتعامل مع «إسرائيل» بدرجة عالية من التسامح.‏

فمن ناحية لا يفعل عملياً ما يمكن أن يعرقل المشروع النووي الإسرائيلي وكل ما يشدد عليه هو العمل «سراً» وعدم كشف النقاب عما يدور.‏

ورغم انتهاك «إسرائيل» لكل المعاهدات الدولية والتفاهمات الثنائية فإن أي خطوات عملية لم تتخذ من جانب هذه الدول والمؤسسات ضدها.‏

والأدهى من ذلك فأنه رغم تعاظم الفاشية في «إسرائيل» بوصول «مجانين السياسة» أمثال أفيغدور ليبرمان الذي سبق ودعا إلى استخدام السلاح النووي فإن أحداً لا يرى في هذا السلاح خطراً مباشراً على العالم بل على العكس من ذلك فإن هذا الغرب المنافق يرى في البرنامج النووي الإيراني السلمي خطراً يهدد مصير البشرية.‏

«إسرائيل» وملفها النووي في قفص الاتهام وخصوصاً بعدما أعلن قادة الكيان العنصري الصهيوني رفضهم جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية في ردهم على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الصدد وتمسكهم بربط الأسلحة النووية بعملية السلام في الشرق الأوسط.‏

بات من الضروري اليوم نزع أنياب «إسرائيل» النووية التي تستخدمها لابتزاز العرب من أجل حملهم عن الاستسلام للمشيئة الصهيونية والتخلي عن مطالبتهم بالسلام العادل والشامل.‏

فمتى يعي العرب خطر الكيان الصهيوني ويتعاطى بجدية مع هذا الخطر الذي يهدد وجودهم ومستقبلهم؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية