الأستاذ الدكتور غسان مراد الاختصاصي في جراحة القلب والأوعية والأستاذ المساعد في كلية الطب في جامعة دمشق، يلقي الضوء على هؤلاء الأعداء..من خلال القصة التالية:
-السيد جميل موظف إداري في العقد الخامس من عمره، سمين، يبدو ببطنه المتهدل أمامه كامرأة حامل في شهرها التاسع، مدخن لاتفارق السيجارة شفتيه، يعاني من صداع مستمر، عصبي المزاج، نهم، أكول، له شغف خاص بالمأكولات الدسمة، توفي أبوه بسبب نوبة قلبية من فترة طويلة، وفقد أخاه للسبب نفسه، يسكن في الطابق الأول، لايكاد يصعد الدرج إلى بيته حتى يبدأ باللهاث، وبالشعور بألم صدري ناخز كطعنة سكين في جانب صدره الأيسر.
يتابع جميل حياته اليومية دون أن يعلم أن حياته معلقة بخيط قطن، لايلبث أن ينقطع.
تعالوا ندخل إلى قلبه لنرى ماذا يحدث هناك..
إن القلب هذه المضخة الخارقة التي تمون نسج الجسم كافة بالأوكسجين الضروري عن طريق الدم، يتعرض لهجوم أشرس الأعداء.. وجميل يمد هؤلاء بكافة مايحتاجون إليه من أسلحة الدمار!.
ترى من أعداء القلب؟
إن القلب يضخ الدم لنفسه أيضاً عن طريق شريانين رئيسيين، يتفرعان إلى شرايين وشريانات تموّن نسج القلب كافة بالأوكسجين حين تضيق لمعة هذه الشرايين يقل مرور الدم فيها، وبالتالي يقل ورود الأوكسجين إلى النسيج القلبي، وما يؤدي إلى اختناق الخلية القلبية، والتي تعبر عن هذا الاختناق بالألم الصدري الناخز، والذي هو بمثابة جرس إنذار إلى جميل، ولكنه للأسف لايسمع النداء.
ترى ما الذي يؤدي إلى تضيق لمعة هذه الشرايين؟.
إنهم أعداء القلب.. حيث هناك أعداء معروفون، وأعداء مجهولون، مازال العلم يسعى إلى معرفتهم.
أما بالنسبة للأعداء المعروفين، فهناك أعداء من الدرجة الأولى، وأعداء من الدرجة الثانية.
في الدرجة الأولى:
1- زيادة الكوليسترول في الدم: وجميل لايتوانى عن أكل كل ماهو دسم ودهني، ما يؤدي إلى تراكم هذه الشحوم في بطانة الشرايين.
2- ارتفاع التوتر الشرياني: حيث يؤدي إلى فقد مرونة الشرايين، وبالتالي إلى تصلبها، إذا أهمل ولم يعالج.
3- التدخين: حيث تعتبر كل سيجارة يدخنها جميل مسماراً يدق في نعشه، لأن للتدخين نوا تج كثيرة ضارة جداً، وأهمها القطران والنيكوتين الذي يمتص منه 90٪ حالاً إلى الخلية حيث يسممها ويخل بتوازنها الطبيعي، كما يؤدي أيضاً إلى تقلص الشرايين، وخاصة في القلب، الذي يؤدي مع الزمن إلى تقلص مستمر فيها وهذا شكل من أشكال التضيق والانسداد.
.. وفي الثانية
1- الشدة النفسية: وهو القلق المستمر الذي يعيشه جميل في الوظيفة، إما بسبب ضغط العمل اليومي وإما الخوف من الفشل.. إضافة إلى قلقه الدائم على مستقبل أولاده.. إن هذا القلق يؤدي إلى إفراز هرمونات في الجسم تؤدي إلى تسرع القلب، إضافة إلى تقلص في الشرايين، والذي يتحول مع الزمن إلى تقلص دائم ثم تضيق وانسداد.
2- الحياة اليومية الرتيبة: التي تفتقر إلى النشاط والحيوية والحركة فجميل يذهب صباحاً إلى مكتبه في سيارته، حيث يلازم مكتبه بين سحائب سجائره، وقلقه طوال اليوم، ثم يعود بسيارته يتناول غداء مفرطاً، ينام، يستيقظ بعدها، يدخن، يشرب قهوته، وينام لليوم التالي، وهكذا.. فتتراكم في خلاياه المواد الشحمية والدهنية التي لاتحترق ولاتستهلك، وهذا التراكم يحدث الانسداد والتضيق في الشرايين.
3-السمنة: تؤدي إلى النتائج السابقة نفسها.
4- القصة العائلية: فهناك بعض العائلات التي تحمل في مورثاتها ميلاً إلى هذا النوع من المرض، وهذا عامل خطر جداً يؤدي إلى موت أفراد كثيرين من هذه العائلات في سن الشباب.
5- مرض السكري: وهذا المرض من ألد أعداء القلب، حيث يصلب شرايين القلب ويضيقها..
إضافة إلى أمراض أخرى إذا وجدت تزيد مرض تصلب الشرايين سوءاًمثل اضطراب عوامل التخثر، وازدياد شحوم الدم.
-إن قلب جميل محاط بهؤلاء الأعداء، الذين يحاول قلبه أن يقاومهم، حيث ينبه جميل بهذا الألم الناخس في الصدر عند أقل جهد..
وعلى جميل أن يستجيب لهذا الانذار ليقوم بالعلاج المناسب بتغيير عاداته اليومية، وزيارة أقرب طبيب، وإلا سبق السيف العذل.