الثلج في الجولان ينهمر على قمم الجبال وعلى صدور السفوح يعزف موسيقا النقاء والصفاء، إنه اشتعال الشوق والحنين في قلوب المصممين على أنه جزء لا يتجزأ من الوطن الأم سورية والغيوم لها نكهة خاصة ففي بياضها تقرأ نقاء سريرة الإنسان الجولاني وحبه للضيف الذي يضاحكه قبل إنزال رحله ويخصب عنده والمحلّ جديب.
غيوم الجولان ممتلئة بقطرات الايمان المطلق بحتمية العودة إلى حضن سورية الأم، ولقد شاهد المجتمعون في ملتقى (الجولان عائد) ذلك الغيم الجولاني وهو يرحب بهم على طريقته الخاصة معلناً بملء فمه: إن الجولان عائد.
ينابيع الجولان كلمات عشق تسرّ بها إلى المروج الخضراء، وتغار العصافير من ذلك اللقاء فتندفع لتشارك في عرس الجمال الأسطوري.
ولن يمر الملتقى قبل أن يطبع على وجنتي الجولان قبلات الشوق والحنين، مذكراً أن الفرع عائد إلى الأصل شاء من شاء وأبى من أبى.
يتحلق مواطنو الجولان حول النار في فصل الشتاء ومن دخان مدافئهم ترتفع صيحات التهليل باللقاء القادم مع تراب وجبال وصخور سورية الأبية، سورية التي آلى أبناؤها وسيبرون بقسمهم بأن الجولان عائد لا محالة.
الشتاء في الجولان هو شتاء اللمة التي يناقش فيها الجولانيون معاناتهم مع الاحتلال الذي يفرض عليهم المضايقات الكثيرة، الفرح لا يدخل قلوبهم وهم مجتمعون في مكان واحد يستعيدون الذكريات الدافئة التي تشدهم إلى الأرض الغالية.
إن هذا الشتاء البارد والطويل جعل أجدادنا يبنون بيوتهم بطريقة تناسب الظروف المناخية. فكانت هناك أمور أساسية تجدها في كل بيت. ولو نظرنا إلى بيوت البلدة القديمة لرأينا مثلاً أن الواجهة العريضة ومدخل البيت هي دائماً باتجاه الجنوب، أي موجهة مباشرة لجهة الشمس في فصل الشتاء. أما البيوت نفسها فكانت مبنية من الحجارة المتواجدة بكثرة في المكان، وبلغت سماكة الجدران حتى سبعين أو ثمانين سنتميتراً، تغطيها من الداخل طبقة طينية خاصة ممزوجة بالتبن عازلة للحرارة. أما السطح فكان من الخشب تغطيه خلطة خاصة تحمي من البرد القارس شتاءوالحرارة صيفاً.
هذا من الناحية المعمارية،أما من الناحية النفسية فالشتاء يلهب الحمية في قلوب أبناء الجولان فيزيدهم تصميماً على الدفاع عن هويتهم وانتمائهم لوطنهم الأم سورية.
Ferasart72@hotmail.com