ويبدو واضحاً ومنذ بدء المتغيرات على الساحة الدولية منذ مطلع التسعينيات والعرب يعانون انعكاسات توازن العلاقات الدولية إذ أصبحت المنطقة العربية ولأسباب جيوسياسية واقتصادية محط تقاطع مصالح قوى دولية كبرى ويساهم في ذلك غياب فعل عربي قادر على دفع تلك الأطماع والمصالح نتيجة طغيان عوامل التشتت وانعدام القدرة على إيجاد رؤية استراتيجية موحدة وواضحة للتعامل مع مايجري في المنطقة والعالم ومؤكد أن التصدي لواقع كهذا بات يفترض بناء موقف عربي فاعل ذلك أن التهديد يهدد الوجود والهوية العربيين بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان، إضافة إلى استهداف الكل قطرياً وعربياً دون استئذان ولكن لكل وقته وفق مخطط الوجبات المطبوخة داخل المطبخ الصهيوني والأمة العربية تبدو أحوج ماتكون إلى نوع من التضامن الحقيقي للخروج من الحالة التي تعاني منها ولبناء قدرة على مواجهة التهديدات المتتالية.. وعلى الرغم مما يعترض العمل العربي المشترك من تباين في الأنظمة السياسية العربية وبعض الفروق والاختلافات في جوانب متعددة اقتصادية واجتماعية إلا من المصير المشترك والأخطار التي تهدده والمصالح المشتركة للأقطار العربية مجتمعة تشكل ضرورة لايمكن تجاوزها على الإطلاق ولعل أهم القضايا والتحديات التي تستلزم وجود موقف عربي موحد:
-قضية الصراع العربي الصهيوني والتصدي لسياسات إسرائيل العدوانية والتوسعية التي تستهدف وجودنا ومقدساتنا ويشمل خطرها العرب كافة من كان قريباً ومن كان بعيداً.
التصدي للمشروعات المغلفة بشعارات براقة والهادفة إلى القضاء على الوجود والهوية العربية وضرورة إقامة مشروع عربي إصلاحي متكامل يتناول قضايا داخل المجتمع العربي، بعيداً عن التدخلات الأجنبية التي لها أهداف مؤكد أنها بعيدة عن المصالح العربية.
الحاجة ماسة إلى وجود تكتل عربي اقتصادي في عالم التكتلات الاقتصادية الكبيرة وضرورة تطوير علاقات تعاون في مختلف المجالات الاقتصادية بين الأقطار العربية.
-قضية الأمن القومي العربي الذي وصل إلى حد التلاشي بمفهومه الشامل الذي لايقتصر على معناه التقليدي وضرورة إقامة علاقات تنسيق وتعاون وتكامل في جميع المجالات وترجمتها بصيغ عمل مشتركة تشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية وغيرها.
-ضرورة النهوض بالجامعة العربية ومؤسساتها وتقوية دورها وتفعيلها لتتمكن من القيام بمهامها التي نصت عليها مواثيقها وقراراتها على الوجه المطلوب لأن الجامعة العربية تبقى الإطار الأساسي الرسمي للعمل العربي المشترك.
-التطور العلمي والتكنولوجي وضرورة دخول العرب عالم التقنية المتطورة للقضاء على التخلف وتكوين قاعدة علمية متطورة تساعد على تحقيق التطور والتقدم.
ومما لاشك فيه أن العرب يواجهون سياسة الاملاءات بالقوة هي في جوهرها ممارسة للإرهاب ولكن هناك من يتجاهل هذا الواقع أو يعيه منصرفاً إلى مايسميه الدفاع عن المصالح القطرية الضيقة متذرعاً بواقعية مفرطة ذهبت بعيداً باستسلامها لعوامل الإحباط والتراجع.
إن ثمة مواقف كثيرة في الحياة العربية وتلافيها يحتاج إلى إرادة سياسية فاعلة مبادرة لتحقيق إصلاح ونهوض للأمة العربية على أن يكون نابعاً من الواقع العربي ومن الحاجات العربية لا أن يكون انعكاساً لضغوط قوى لاتريد إلا مصالحها وعلينا أن نلحظ ونؤكد أن التعاون والتضامن العربي ليس شعاراً عفا عليه الزمن كما يزعم بعضهم بل إنه ضرورة للعرب كلهم إن كانوا يبحثون عن مخرج من المأزق الحالي.
ولانجافي الحقيقة إذا قلنا إن سورية كانت ومازالت مع أي خطوة نحو التضامن العربي لابل المبادرة دائماً لذلك وهذا ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد عندما قال سيادته في خطاب القسم: (ونحن في سورية سنبقى كما كنا داعين وداعمين لأي خطوة تضامنية تصب في المصلحة العليا للأمة العربية ولاسيما تلك التي تؤدي إلى تعزيز نقاط الالتقاء والاتفاق بين الأقطار العربية).