دخل الأخطل يوماً على عبد الملك بن مروان فاستنشده،
فقال الاخطل: يبس حلقي فمر من يسقيني، فقال عبد الملك: اسقوه لبناً، فقال: عن اللبن فطمت، فقال: فاسقوه عسلاً. فقال الأخطل: شراب المريض، فقال عبد الملك: ماذا تريد؟ قال: خمراً يا أمير المؤمنين. قال: أو عهدتني اسقي الخمر، لا أم لك.
فخرج الأخطل إلى ساقي عبد الملك فسقاه شرابا، فقال: أعدله بآخر فسقاه آخر، فقال تركتهما يعتركان في بطني، اسقني ثالثاً، فسقاه ثالثاً فقال: تركتني امشي على واحد، اعدل ميلي برابع, فسقاه رابعاً, فدخل على عبد الملك وانشده قصيدة مطلعها:
خفّ القطين فراحوا منك وابتكروا
فأزعجتهم نوىً في صرفها غيرُ
***
وصية الجاحظ
قال الجاحظ: سألني بعضهم كتاباً بالوصية إلى بعض أصحابي، فكتبت له رسالة وختمتها، فلما خرج الرجل من عندي فضها فإذا فيها: كتابي إليك مع من لا اعرفه، ولا أوجب حقه، فان قضيت حاجته لم أحمدك، وان رددته لم أذمك.
فرجع الرجل فقلت له: كأنك فضضت الورقة؟
قال: نعم!
فقلت: لا يضيرك ما فيها فانه علامة لي إذا أردت العناية لشخص.
فقال: قطع الله يديك ورجليك ولعنك!
فقلت: ما هذا؟
فقال: هذا علامة لي إذا أردت أن اشكر شخصاً.