وهو ما يندرج بإطار ما يسمى صفقة حسب المفهوم الأميركي، ويهدف الاتفاق إلى إنشاء حكومة جديدة متفق عليها من الجميع ظاهرياً، ولكن ما خفي أعظم وهو أن الاتفاق المزعوم كشف عن خلاف عميق بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية، وهو أصلاً أي الا تفاق قصير في تفاصيله ومن خلال بنوده القليلة ينص أحد بنوده أن يتم تقاسم الوزارات بالتساوي بين الحكومة المدعومة من السعودية بقيادة عبد ربه منصور هادي ومؤيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي دونالد ترامب المبتهج بالاتفاق والذي نادراً ما يعلق على الحرب السعودية على اليمن وصف الاتفاق بأنه بداية جيدة للغاية ونسي ترامب بأنه هو ومحمد بن سلمان هم من ساهموا بإشعال حرب اليمن التي راح ضحيتها آلاف من المدنيين.
و يضمن الاتفاق المجحف بحق اليمن عودة الحكومة المدعومة من السعودية إلى عدن في غضون سبعة أيام، وقال جريفيث إن الاتفاقية (خطوة مهمة لإنهاء الحرب في اليمن، وكان جريفيث حريصاً على تجنب استبعاد القوات الجنوبية، لأن أي اتفاق يتم التوصل إليه دون إدراجها من المرجح أن ينهار، في إشارة إلى التوترات بشأن الاتفاقية، بينما كانت هناك محاولة اغتيال الأسبوع الماضي لكل من وزراء الداخلية والنقل في محافظة شبوة الجنوبية، بعد ساعات من الاتفاق المبدئي بين الجانبين. ويقول وينتور عن أي اتفاق يتحدثون ففي الأسابيع الأخيرة، زادت المملكة العربية السعودية من تواجدها العسكري في جنوب اليمن، حيث نقلت جواً قوات إضافية وعربات مصفحة ودبابات وغيرها من المعدات العسكرية، ومنذ حزيران الماضي، سحبت الإمارات قواتها من اليمن، تاركة المجال للسعودية لتتابع إجرامها في اليمن التي أصبحت بلد الأشباح لأن السعودية محمية أميركياً وترامبياً.
وأميركا متواطئة في جرائم حرب اليمن من أخمص قدميها حتى أعلى رأسها ويجب اليوم محاسبتها مع حليفتها السعودية. لأن عدد القتلى وصل إلى أكثر من 100000، حسب مشروع موقع الأحداث المسلحة وبيانات الأحداث (Acled) الذي يتبع للأمم المتحدة، والذي يتتبع الوفيات المؤكدة في الحرب والذي يُعتبر موثوقاً به، إن الرقم يشمل 12000 قتيل مدني في هجمات مستهدفة مباشرة، وإنه تم الإبلاغ عن مقتل 20 ألف شخص مقتول هذا العام بغارات سلاح الجو السعودي الأميركي الصنع، ما يجعلها ثاني أكثر الأعوام دموية في الحرب بعد عام 2018، حيث بدأت الحرب في أفقر دول العالم العربي في عام 2014. وفي أذار-مارس 2015 ، أطلق ما يسمى بتحالف بقيادة السعودية حملة جوية وضربت الغارات الجوية التي تقودها السعودية المدارس والمستشفيات وحفلات الزفاف، وتقوم Acled، بالتعاون مع Yemen Data Project، بتتبع التقارير الواردة من مصادر متعددة في محاولة لفحص المطالبات وتقديم حد أدنى موثوق للوفيات المنسوبة مباشرة إلى العنف والإرهاب الذي مارسته السعودية في اليمن.
وكان شهر أيار من هذا العام أكثر الشهور دموية حتى الآن، حيث تم تسجيل أكثر من 2500 حالة وفاة، مقارنة بـ 1700 في شهر أيلول، وكان الربع الثالث من عام 2019 أدنى عدداً من الوفيات المبلغ عنها منذ نهاية عام 2017 لكن عدد الضحايا المدنيين ارتفع عن الربع السابق، على حد قول Acled، وكانت أكثر المحافظات عنفاً هي تعز والحديدة والجوف، حيث قُتل أكثر من 10000 شخص في كل من المناطق منذ عام 2015. وقال أكليد إن الاستهداف المباشر من قبل التحالف الذي تقوده السعودية وحلفائه مسؤول عن قتل المدنيين مسؤولية مباشرة، وتغطي البيانات كل شيء من الغارات الجوية والقصف والمعارك البرية إلى تفجيرات المتشددين والعنف في الاحتجاجات، ولا تشمل الأرقام الأشخاص الذين لقوا حتفهم في الكوارث الإنسانية الناجمة عن الحرب، وخاصة المجاعة، حيث قدمت مصادر أخرى تقديرات أعلى لعدد القتلى، وأن المملكة العربية السعودية وحلفاءها تدخلوا في اليمن في أذار عام 2015، وقدمت الولايات المتحدة دعمها الكامل للسعودية في عدوانها على اليمن، حيث استهدف القصف الجوي والقنابل السعودية الآلاف من الأهداف، بما في ذلك المواقع المدنية والبنية التحتية.
لقد استهدفوا المدنيين والبنية التحتية في اليمن عن عمد منذ الأيام الأولى للحرب - وقد أدرك المسؤولون الأميركيون هذا منذ عام 2016 على الأقل ولم يفعلوا أي شي، وقدم فريق من محققي الأمم المتحدة، بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقريراً مرعباً في جنيف في أوائل أيلول يشرح بالتفصيل كيف أن الولايات المتحدة، إلى جانب بريطانيا وفرنسا، متواطئة في جرائم الحرب في اليمن بسبب استمرار مبيعات الأسلحة للسعودية وحلفائها، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، إذا أجرى المجلس تحقيقاً قوياً استناداً إلى التقرير المكون من 274 صفحة، و قدم مؤلفو التقرير قائمة سرية بالأفراد الذين قد يكونون مسؤولين عن جرائم الحرب إلى مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه القائمة تشمل أي مسؤولين غربيين، وقال التقرير إن الدول الثلاث التي لها تأثير على الأطراف المتحاربة في اليمن - بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا - (قد تكون مسؤولة عن تقديم المساعدات أو المساعدة في ارتكاب انتهاكات القانون الدولي). إن التواطؤ الأميركي في حرب اليمن يتجاوز مجرد توفير التدريب والدعم الاستخباراتي، وبيع مليارات الدولارات من الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي أصبحت أكبر مشترٍ للأسلحة من الولايات المتحدة الامريكية، وتنظر الولايات المتحدة في الاتجاه الآخر بينما يرتكب حلفاؤها جرائم حرب في اليمن ما تسبب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.