تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين (المليص) و(الخديج)...ضاعت الطاسة ..!!...الطفل الذي سقط سهواً من الحياة ..!!...نقيب الأطباء يحمل الطبيبة المسؤولية ..!!

حماة
تحقيقات
الأحد 16/3/2008
أيدا المولى

أشد ما يثير السخرية المرة رأي لكافة الأطباء الذين التقيناهم في المجمع الطبي بحماة قولهم: إن الطفل الذي يولد بوزن 500 أو 700 غرام

فإن مصيره الموت والقانون العالمي بهذا الشأن هو أن يترك الطفل بعد ولادته في حاضنة مفتوحة ليلقى آخرته..‏

و المثير أن هؤلاء الأطباء من اختصاصيي الأطفال يجمعون على مصطلح أن الطفل في هذا الوزن يطلق عليه طفل (مليص) وسنوضح ذلك بعد أن نعرف قضية الطفل الذي سقط سهوا من الحياة إلى الموت.‏

(والله على ما أقول شهيد)‏

يقول والد الطفل محمود حمادة الحسين بوثيقة مكتوبة بخط يده: اتصلوا بي وأنا في البيت في الساعة الثامنة صباحا وأخبروني أن زوجتي ولدت بخير وأن الطفل في الحاضنة, ذهبت إلى المجمع وصعدت إلى قسم الولادة وهناك كانت والدتي ووالدة زوجتي, أمضيت عندهم نحو نصف ساعة فقالت لي أمي: اذهب واطمئن على ابنك, صعدت إلى الطابق الخامس فأخبروني أن ابني قد مات وقالت لي الطبيبة: اذهب واستلمه من الطابق الأرضي في البراد, نزلت إلى الطابق الأرضي فوجدت رجلا سألته عن ابني, فقال لي: اذهب وتعال ببراءة ذمة ثم أسلمك إياه, عدت إلى الطابق الخامس فقالوا لي: براءة الذمة من المدخل الرئيسي, نزلت من الخامس إلى الرئيسي فأعطاني الهوية وقال لي: اذهب واستلمه, نزلت إلى القبو وبعد مرور ساعة تقريبا من وصولي إلى المشفى, أخرج الرجل ابني من البراد أمامي فحملته بين يدي وقد بلغ عمره سبعة أشهر في بطن أمه, وأخذ الرجل دفترا يكتب فيه وقال لي: وقّع على استلامك ولدك, عندها حرك ابني رأسه فشعرت به وهو ملفوف تماما (باللزيق) فقلت للرجل: هل هذا الوليد ميت? فقال لي وهو يضحك: طبعا, أجبته: إنه يتحرك.‏

فقال لي: أنت متوتر لأنه ابنك, تركت الرجل وذهبت إلى أمي وأنا في طريقي بممر القبو حيث السكون وإذا بالطفل يعطس عطسة خفيفة تكاد لاتسمع فأسرعت الخطا إلى أن وصلت إلى أمي وحماتي وبعد إخباري لهما أنه حي فكوا رباطه وإذ به يتنفس ويرتجف بردا حملناه بسرعة إلى الحاضنة وقبل صعودنا تواجهنا مع الرجل الذي أعطاني ابني من البراد وقلت له:‏

إن الولد حي فاحمر وجهه وقال: مستحيل.‏

وتابعت الطريق إلى الحاضنة وما هي إلا لحظات حتى جاء رجل البراد ومعه خمسة أطباء أو أكثر وكل منهم ينفي التهمة عنه عند ذلك توجهت إلى رئيس الأطباء الذي قال لي: إنه طفل خديج لا يعيش وأرسل إلى الأطباء بطلبهم واحدا تلو الآخر ويسأل الطبيبة المشرفة التي قالت إنها عاينته ولم تسمع دقات قلبه فأرسلت الرجل ليأخذه إلى البراد فوبخها قائلا: يجب أن تنتظري قليلا حتى تتأكدي وقال الطبيب الآخر إنني عاينته وكانت دقات قلبه تعمل.‏

وعلى هامش الحديث ذكر والد الطفل أنه بينما كانت تمر أمه وحماته في أحد ممرات المجمع سمعنا رجل البراد يقول لرجل آخر: ألم أقل لك إنه عايش فقال الآخر: شو دخلنا في دكاترة.‏

مضى الوقت صعبا ومريعا إلى أن أعلنت وفاة الطفل مساء وكأنه ورقة خضراء اقتطعت من كبد والديه..‏

في مديرية الصحة والمجمع الطبي‏

الدكتور عامر سلطان مدير الصحة ذكر بشأن هذه الحادثة أنه سمع أن الطفل مليص وهو بوزن ضئىل لذا فإن نسبة حدوث الوفاة كبيرة جدا, لكن الدكتور عامر أورد أن الإجراء الذي تم في المجمع كان مؤذيا وخاطئا بكل تأكيد مشيرا إلى أنه لتلافي حدوث مثل هذه الأخطاء لا بد من وجود بروتوكول طبي وسياسة صحية خاصة بكل مشفى حتى لاتتم توفية أي شخص دون التأكد من ذلك وقال: إن الطبيبة المقيمة أعلنت وفاة الطفل في المجمع رغم وجود -11- مقيماً في المجمع, فلماذا يكون إعلان الوفاة مسؤوليتها وحدها يجب أن يتحمل المسؤولية كل الكادر الموجود في المشفى.‏

وكل مخطىء يحاسب حسب جرمه وإعلان الوفاة ليس أمرا سهلا حتى يعلن بالسرعة ويبعد إلى البراد, وأضاف: لابد أن تكون هناك إجراءات وتعليمات مكتوبة يلتزم بها الطبيب المقيم والمشرف وإدارة المشفى, وأورد مثالا حول النظام الذي اتخذه مشفى المجتهد بدمشق والذي يتضمن موافقة مدير المشفى على صرف أي صاد حيوي في المشفى وتمنى أن تعمم مثل هذه الإجراءات على مشافي القطر وقد أوردت هذا المثال لأن لمدير المجمع رأيا حول هذا الأمر.‏

وحول العقوبة ذكر الدكتور عامر أن إدارة المجمع أنذرت الطبيبة المقيمة وتأجل امتحانها دورة أخرى.‏

الدكتور عصام الجاجة مدير المجمع الطبي بحماة, كان في اجتماع مع عدد من الأطباء حول موضوع الطفل ذاته الذي نتحدث عنه: في البداية ألقى التهم على الإعلام الذي يتحدث دون أن يعرف التفاصيل لذا فقط طالبناه بكل التفاصيل التي يريد أن يتحدث بها فقال:راجعتنا المريضة وهي في الشهر السادس ولديها قصة مرضية قبل ذلك فقد كانت حاملاً بتوءم وفي شهرها الحملي الثاني طرحت أحدهما وبقي الآخر وتلقت لدينا الاسعافات الأولية إلى أن ولدت طفلا بوزن 500 غرام والمريضة لديها كما قلت اسقاطات عديدة وحاجتها النفسية لطفل كانت سبباً في توسيع القضية وطرحها على الإعلام.. وقد قال لي الأب عندما ولدت زوجته: إنه يعرف أن ابنه لا يعيش لكن مشاعره اهتزت عندما تحرك ولده بين يديه بعد إخراجه من البراد وبالتفاصيل الأكثر دقة: ذكر الدكتور عصام أن الطفل عندما ولد وضع في حاضنة مفتوحة للإنعاش فوقه مشع وأكسجين وأعطي من قبل الطبيبة المقيمة حقنة أدرينالين تحت الجلد لكن الطبيبة لم تسمع دقات قلبه فأعلنت وفاته ليأخذه المستخدم إلى البراد مؤكداً أن الطفل (مليص).‏

وهنا تدخل المدير الإداري في المجمع ليقول: إن الطبيبة قالت إن الطفل متوفى لكن لم تقل خذوه للبراد وربما أخطأ المستخدم في أخذ أحد الأطفال المتوفين في غرفة الحواضن فأخذ طفلين لكن المدير استدرك بالقول: لو أن المستخدم شعر بحركة من قبل الطفل الحي لما كان نقله إلى البراد.‏

وقد أجمع المدير والأطباء الموجودون أنه في دول العالم المتقدمة يعتبر أن الطفل المليص بوزن 500 غرام غير قابل للحياة لذا فإنه يترك ليموت - هكذا في أوروبا- فهل نحن أعرف منهم ومع ذلك ولأننا نؤمن بالروحانيات فقد تم اسعاف الطفل ووضعه بالحاضنة.‏

من خارج المديرية والمجمع التقيت بالطبيب علي وهو اختصاصي أطفال وسألت عن حالة الطفل كما شرحتها الجهات المعنية وقد فوجئت أنه ضحك بسخرية حيث قال : يريدون تمويه الإعلام, الطفل المليص هو الطفل الذي يولد بعمر شهرين أو ثلاثة وغالباً يولد ميتاً وهو بالمعنى المتعارف عليه (طرح) أو إسقاط, أما طفل السبعة فهو يعيش وهو خديج واستبعد كما استبعدت أم وأب الطفل أن يكون وزنه 5 كيلو وقد ذكر عدة حوادث لأطفال خدج ولدوا بوزن 600 غرام وهم الآن بعمر الخمس والست سنوات ووضعهم جيد.‏

وحول حقنة الأدرينالين التي أعطيت للطفل فقد قال: إن الحقنة تأخذ مفعولها بعد دقيقة ويطرحه الجسم بعد 10 دقائق وتعطى لإنعاش القلب. واستغرب أن يخرج الطفل من البراد بعد مضي ساعة أو نصف ساعة وقد حرك رأسه أو عطس عطسة خفيفة فهذا منعكس ايجابي ولو لم يكن حياً لما عاش في الحاضنة حتى المساء.‏

نقيب الأطباء الدكتور أنس الناعم قال: ليس من الضروري أن يكون المشرف موجوداً والطبيب المقيم يمكن أن يحل محله لكنه حمّل الطبيبة مسؤولية العمل وقال: لابد أن تكون العقوبة فردية لأن العمل كان فردياً وكان لا بد للطبيبة من أن تشاور الطبيب المشرف, وذكر أن المشافي عادة تراقب المريض على الموينتور وتشاهد القلب, كما يجرى تخطيط للدماغ وهذا في حالة المرضى الكبار أما الصغار فلا أعرف الإجراءات اللازمة في هذا الموضوع وخاصة أنني طبيب اختصاص صدرية, وبرر الحديث أن في كل المشافي تحدث وفيات حتى إن ابن عمي أسعف إلى المشفى الوطني باشتباه أزمة قلبية لكن نفى الأطباء ذلك وفي صباح اليوم الثاني فارق الحياة.‏

وتلافياً لحالة الأخطاء الطبية التي تحدث باستمرار قال: يجب أن تزداد اللوائح والتعليمات ودراسة حالة الوفيات في كل مشفى أسبوعياً, حيث تدرس مع الأطباء والمقيمين, ومحاولة معرفة الطرق والوسائل الطبية التي يمكن تدارك الأخطاء الحاصلة في آخر اتصال مع والدة الطفل أكدت أنها كانت في الشهر السابع وأنها لا تستطيع أن تنكر أن المجمع قام بأداء بعض الخدمات لها لكنها لاتستطيع أن تنسى أنهم بخطأ طبي قضوا على طفلها مع العلم أن الأم لديها طفلان ( ولد وبنت) وليست الحاجة النفسية هي التي دعتهم لإعلان قضيتهم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية