ويسعى الحزب الاشتراكي بزعامة فرانسوا هولاند إلى كسب الجولة الثانية من هذه الانتخابات والتي ستجري في السادس عشر من آذار الحالي.
لقد وجه الناخبون الفرنسيون في الجولة الأولى رسالة تحذير إلى الرئيس وحكومته بسبب سياساته الخرقاء والتي تمس حياة الفرنسيين المعيشية والتي تدهور مستواهم بسبب ارتفاع تكاليف الحياة اليومية وأزمة النقل المستعصية,ويحاول اليمين واليسار كسب ود حزب الحركة الديمقراطية الذي يمثل الوسط إلى جانبه لتحقيق الفوز الكاسح في الجولة الثانية من الانتخابات المحلية. وكما قلنا فإن الفرنسيين يعيرون اهتماماً خاصاً للقضايا المحلية عند أداء واجبهم الانتخابي وهي تمثل فرصة للتعبير عن رفضهم لسياسة الحكومة وأدائها في عهد ساركوزي, وهو ما حصل بالفعل في التاسع من اذار التي كانت معبرة إلى حد بعيد عن تغيير المزاج على الصعيد الوطني وتبين انخفاض شعبية السياسة الحكومية. فالانخفاض الكبير في شعبية الرئيس والذي بينه استطلاع الرأي التي جرت مؤخراً أنه يحظى بدعم فرنسي واحد من كل ثلاثة تقريباً.
إن احتفاظ الاشتراكيين بمدينة ليون ثاني أكبر المدن الفرنسية وكذلك التوقعات بأن يحتفظوا بمدينة باريس لدى إجراء الدورة الثانية, كلها مؤشرات على تصاعد مكانة الاشتراكية والاشتراكيين في فرنسا وفي أوساط الرأي العام الأوروبي عموماً, ففي اسبانيا الجارة لفرنسا حقق الاشتراكيون بزعامة رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريفيز ثاباتيرو فوزاً كبيراً في الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً وقد ضمن ثاباتيرو (47 عاماً) ولاية ثانية لحزبه الاشتراكي.
وبالفعل استطاع مع حزبه تحقيق العديد من الوعود الانتخابية بدءاً بوعده بسحب القوات الاسبانية من العراق- وقد حقق هذا الأمر- وانتهاء بتركيزه الجهود على إجراءات تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة تمس المصالح الحقيقية للشعب الاسباني وهو يتجه مع حزبه لانعاش الاقتصاد وكما قيل فإن الاشتراكيين يزحفون على أوروبا والاقتصاد كلمة السر.
وبالعودة إلى الانتخابات المحلية الفرنسية سواء دورتها الأولى التي أعطت فرصة لليسار بالفوز في مرحلتها الثانية أو بنتائجها التي أدت لهزيمة اليمين وإن كانت غير كاملة, فإنها أي الانتخابات ونتائجها تبرهن مرة أخرى أن الوعي لدى الفرنسيين أخذ بالتنامي نحو القطيعة مع اليمين الذي وزع الوعود الخلبية بحياة أفضل للشعب وتعهد بإنعاش الاقتصاد والتخفيف من حدة الأزمات وخاصة في مجال النقل ومسألة المهاجرين غير الشرعيين وقضية الفرنسيين من أصول إفريقية وآسيوية لكن الواقع برهن وبعد عشرة أشهر على انتخابات ساركوزي رئيساً, أن هذا الرجل فضل الاهتمام بحياته الخاصة وقضية طلاقه وزواجه وابتعاده عن المسائل الحقيقية التي تهم الشعب الفرنسي.
ويؤكد المراقبون أن هزيمة اليمين في الانتخابات المحلية هي هزيمة شخصية لساركوزي الذي تعهد بإصلاح الاقتصاد وطبعاً لم يف بوعوده. فهل تكون هذه الهزيمة كافية لاقناع ساركوزي بتغيير الاتجاه?! المؤشرات تؤكد أن ساركوزي وهو سيتابع اهتماماته بشخصه وبحياته الخاصة, ورغم الزعم القائل بأن الاشتراكية فقدت بريقها لكن نجاح الاشتراكيين في الانتخابات النيابية الاسبانية ونجاحهم في الانتخابات المحلية الفرنسية يثبت العكس تماماً.وهي تشهد تراجعاً في أذهان الأوروبيين لفترات زمنية قد تطول وقد تقصر لكنها في النهاية تسطع من جديد لتبرهن على حيويتها وخاصة أن الفرنسيين مشهود لهم عبر التاريخ بأنهم لا يطيقون الثبات والمراوحة في المكان وأن من سماتهم المعروفة حبهم للتغيير والثورة الفرنسية بشعاراتها المشهورة شاهد على ذلك.