(ماروخاتوريس) في محاضرتها في معهد ثربانتس تحت عنوان عريض (الأدب والمرأة) وعلى مدار ساعة ونصف وبحضور ملفت للنظر امتعتنا (توريس) بالحديث عن أديبات لهن بصمتهن في عالم الأدب, وعن تجربتها الشخصية في المجالين الصحفي والادبي والذي أكدت انه ليس بالضرورة ان يجتمعا معاً إلا أنها حالة خاصة جداً, والأدب الأنثوي يشعرها بالقشعريرة اذ انها تنظر الى الادب على انه يصنف بجيد وسيىء ويجب على الكاتب ان يكتب الاشياء كما هي, وذكرت انها في الوقت الذي تتحدث فيه إلينا يتوجه الاسبان للانتخابات وتجد رغم حصول المرأة الاسبانية على الكثير من القوانين المنصفة بحقها وأهمها ما يرتبط بالعنف ضد المرأة إلا انها تجد ان النضال يستمر للحصول على المزيد .
ثم تتحدث عن تجربة الكاتبة /جين اوستن/ تلك المرأة العبقرية التي تصدرت كتاباتها دور السينما اضافة لكونها الكاتبة الشعبية بامتياز, هذه المرأة التي درست لدورتين فقط ولم تغادر منزلها على الاطلاق إلا انها في كتاباتها عكست مرحلة قاسية وصعبة عاشتها المرأة في اسبانيا حيث لم يكن لها اي شأن ولم تكن تعرف القراءة, فقد كتبت في رواياتها اشياء مخيفة عن ذلك المجتمع السيىء بأحاسيس عالية جدا في وقت لو كتب الرجل عن تلك المرحلة لاقتصرت كتاباته على قتل الانسان للهنود أو غيرهم ..
امرأة تخفي موهبتها
وتقول (توريس) تلك المرأة كتبت في مرحلة كانت
النساء تخفي موهبتها ومحظور عليها البوح بعكس ايامنا وظروفنا الآن حيث اننا تعلمنا منها ألا نخفي ما لدينا من موهبة.
و(توريس) تقول بأنها كتبت لأن صوتا ما بداخلها كان يقول لها يجب ان تكتبي, وكانت تقرأ كثيرا عن تجارب نسائية في مجال الادب, وترى ان على المرأة ان تكتب ما تشعر به بداخلها وألا تكتب ما يريده الآخرون منها كما كان يحصل في عهد الشعر الارتجالي, حيث كان عدد الرجال ا لادباء اكبر من عدد النساء فكان الحديث عن الحب من وجهة نظر الرجال اكثر منه من وجهة نظر المرأة.
وعلى المرأة ان تكون ذاتها , يجب ان تظهر جمالها , ثقافتها, او حتى تفاهتها اذا كانت كذلك , وأعترف انني في بداياتي كتبت اشياء سيئة ولكنني تحسنت فيما بعد, فلطالما اردت ان أكون مستقلة في الحقبة التي فرض فيها فرانكو سيطرته ولم يكن وحده بل المجتمع ايضا كان قبليا ومتخلفا, كنت اريد التعبير عن ذاتي وعن شخصيتي لا أكون شخصاً آخر وان لا أكون أمي أو خالتي أو جارتي.
عملت وعمري /14/ عاماً واول راتب لي اشتريت فيه كتبي, أما الآن فأشتري بنصف راتبي كتباً والنصف الآخر اشتري به ثياباً..
كنت اريد ان اسافر وانام متأخرة وهذا ما فعلته ما وضعني في أول الطريق لاتحول الى امرأة حقيقية فالمرأة المغامرة يمكنها جذب الاشياء كذلك الرجل المغامر يمكنه ان يظهر شجاعته ورجولته.
فالمرأة عندما تصل الى التعبير عن ذاتها تكون قد وصلت الى ذاتها وليس بالضرورة ان تكون كاتبة لتحقق ذلك فيجب ان تدافع عن نفسها بجدية وعنف وألا تقبل الاهانة او الذل, وهذا لا يعني ان تحارب , ضد الرجل بل ان تكون مختلفة عنه وتفرض نفسها بشكل بسيط فنحن لا يمكننا ان نستغني عن الرجال لأننا بأمس الحاجة لهم , وأنا أثناء نجاحي كان الى جانبي رجل.
اللوعة الصحفية نوع أدبي
أما ما يمكن ان تقدمه لنا الصحافة فهو كثير وكثير جدا, وبتجربتي الشخصية يمكن ان أقول انه عندما كان يعرض علي قراءة الصحف او الذهاب الى السينما , فكنت افضل السينما, الى ان دخلت مجال الصحافة واعتقد انني اليوم عشت نصف المغامرة التي يمكن ان تقدمها لي الصحافة والتي أريد ان أعيشها, فاللوعة الصحفية أغنتني وهي يمكن ان تكون نوعا من الادب , وليس كل الصحفيين يكتبون بأسلوب أدبي .
رقابة وضغوط غربية
لكن إذا استطاع الانسان ا ن يستخدم الصحافة بشكل جيد يمكننا ان نعتبرها ادباً, وهذا ما حصل معي فالأدب والصحافة التقيا وسافرا معاً والاهم من كل ذلك رغبتي في ان اكون انساناً بالدرجة الاولى, الشرق الاوسط يجذبني رغم انه كان لي تجربة في المغرب العربي لكنني اليوم اعيش في بيروت وانتقل بينها وبين دمشق, وبداية زيارتي لها عرفتني على الاشخاص الذين لم يتأثروا بعد بالسياحة الاجنبية التي تخرب الاشخاص, ووجودي هنا جعلني اغير وابدل الكثير من الافكار الخاطئة عن المنطقة, فمثلاً أنا اليوم اخضع لنوع من العلاج ضد الصدمة التي تعرضت لها اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان, وطلب مني ان اقدم تقريرا صحفيا عن تلك الاحداث, لكنه ليس بإمكاني ان اكتب كل الاشياء التي أراها لأننا ما زلنا نتعرض لنوع من الرقابة والضغوط.
عشق وحنين
فالثقافة البطريركية موجودة وراء كل الأشياء التي كنا نقرأها وهي موجودة في الجمل الانجيلية, وفي كل الأشياء واعتقد ان الكثير من ابناء جيلي لا يستطيعون القيام بما يفعله شباب اليوم, فما زلت لا أعرف اذا كنت أكتب بشكل مميز, وكل ما يمكنني قوله أنني أصبحت كامرأة صينية تنظر من البلكون لكنني تعلمت كيف انظر الى الاشخاص والمجتمعات وازيل القشور وانظر الى العمق, فالانسان يتعلم الكثير عندما يحتك بمجتمعات اخرى ويتعلم كيف يمكن ان يقص ويحكي عن هذا المجتمع ولكن من وجهة نظر مختلفة, وهذا ما يجعلني اشعر دائما بالحاجة للذهاب الى الاماكن التي أكتب عنها ويشعرني بالحنين إليها .
فقد كتبت ثلاثة كتب عن هذه المواضيع احداها كان /امرأة والحرب/ والآخر عن حياتي الصحفية ونهايته كانت نوعا من النواعير الموجودة في بيروت وسورية والتي يمر عبرها الاشخاص والاحداث ,وفي آخر عمل لي كتبت عن القصف الذي تعرض له لبنان وما يحدث من تفجيرات وإلقاء اللوم دائماً على سورية, تلك المناظر المروعة وخبرتي جعلتني أميز الحقيقة وأكتب عن تلك الاشياء وفي كتابي الذي تحدثت فيه عن عودتي الى بيروت التي أردت ان أبقى فيها فبعض الاماكن يجب ان نبقى فيها لأنها تجذبنا إليها وتصيبنا بدهشة يجب ان نعيشها مع المجتمع, ودائما افكر انني سأشيخ اكثر وانا جالسة في هذه المنطقة أكتب أحد الروايات .
وأنا امرأة صنعتها بنفسي وأناضل لأكون أقسى من أقسى رجل فنحن كنساء معرضات لأن نكون أقسى من الرجال ويوجد طريق للتعبير والتنفيس وهو القراءة والكتابة.
***
الكاتبة في سطور
ولدت الكاتبة والصحفية /ماروخا توريس/ في برشلونة سنة/1943/ عملت في الصحافة في سن الحادية والعشرين عرفها الجمهور عن طريق كتاباتها في المجلة السينمائية/فوتوغراماس/ و/بورفابور/.
عملت مراسلة صحافية في الحروب,تنتمي لمجموعة تحرير صحيفة (البايس) , اشتهرت بمجموعة مقالاتها الصحفية التي تسمى/مواقد في آب ونحن في شأننا/
لديها مجموعة كتب أولها عام 1986 وهو رحلة نحو /خوليو اغليسياس
وكتب عن الصحافة و الرحلات وكتاب /امرأة في الحرب/
وكتاب /رجل من المطر/
وحصلت على عدة جوائز منها جائزة بلانيتا عام 2000 من روايتها /حين نعيش/ .