والوعي، لكنه أمسى في عصرنا الراهن يختلق الأزمات ويحلها، فما يتبناه يتبناه البشر، وعلى اعتبار أنه جزء من سلطات العولمة، فقد أصبح سلطة أولى لا رابعة يقوم بتمهيد الأرض من أجل فرض أو تسويق سياسات وأفكار وأيديولوجيات معينة.
الإعلام كانت تحكمه أخلاقيات المهنة ومبادئ ووثائق شرف قبل أن يتحول إلى صناعة أو سلعة تحكمه التقنية المتطورة التي فرضت واقعا جديدا للتواصل، وقد سعت قوى الهيمنة العالمية من خلاله إلى السيطرة على خيوط الإمساك بالرأي العام العالمي لإيصال ما تريده من رسائل ضمن أجواء افتراضية بما يشبه التنويم المغناطيسي، لإشغال الناس وإقناعهم بأن ما يجري هو فعلا حقيقة واقعية، والعمل بمقتضاه ليكون سلاحا يتحقق من خلاله ما تم رسمه، فكان الإعلام اللاعب الأكبر والأهم في الأحداث التي يمر بها العالم.
الجزء الأكبر من الحرب على سورية إعلامي تضليلي، لعب الإعلام دورا رئيسيا في الأزمة المفتعلة وكان المتغير الأكثر تأثيرا فيها، حيث فتح أبوابها و لا يزال يؤججها ويدعم استمرارها، بعدما استغل مطالب شعبية محقة، فامتطاها وحولها إلى أزمة كبيرة، ثم إلى أزمة دولية بات اللاعبون فيها كثرا، لتصبح الأحداث في سورية صراعا دوليا أكثر مما هو موالاة ومعارضة.
لكن الدور الفاعل للإعلام السوري بوسائله المرئية والمسموعة والمقروءة كافة في صد هجوم الإعلام المعادي كان واضحا، ورغم تباين الآراء حول أدائه وأسلوبه، إلا أنه رغم الإمكانيات المتواضعة قياسا بإمكانيات الإعلام المغرض والتمويل الضخم وغير ذلك من أجواء المنافسة التي تفوق الإعلام السوري، استطاع أن يتصدى خلال فترة الأزمة لما يبثه الإعلام العربي والغربي الشريك في سفك الدم السوري، وحقق نجاحا ملموسا حيث عمل جاهدا لتأدية دوره الوطني بفاعلية متمثلا بقيم وقواعد الأخلاق المهنية وميثاق الشرف الإعلامي التي افتقدها الإعلام المغرض، واستطاع أن يؤثر على الرأي العام، ما أزعج من هم وراء مشروع استهداف سورية والمنطقة، ورأوا أنه لا بد من إسكات الإعلام السوري الذي ينقل الحقائق للناس ويلتفت إليه المواطنون العرب كي يعرفوا حقيقة ما يجري، فتداعوا جميعا لاستكمال الاستهداف عبر استهدافه بمؤسساته وكوادره بعد أن أصبحت المواجهة في أعقد مراحلها وأكثرها صعوبة، وظنوا أنهم بذلك سيحققون ما رموا إليه لكن ذلك لن يتحقق.
وقد دخلت المعركة ضد الإعلام السوري - وهي ليست حديثة -، حيز الاستهداف الجسدي للإعلاميين أو المنشآت الإعلامية بعد أن أقام إعلام الأعداء حملة متنقلة في بعض الدول الخليجية والغربية والمجاورة ضد الإعلام السوري بهدف المس بسمعة الإعلام والإعلاميين السوريين لما تم تحقيقه من تقدم لاقى إقبالاً واسعاً من المشاهد السوري والعربي، أفشل الإعلام المغرض وحاصره، ما دفع المتآمرين إلى استهداف الإعلام السوري بكوادره ومنشآته ليعبروا عن عجزهم، في إسكاته وتشويه صورته والتقليل من حجمه وإمكانياته من خلال اللجوء إلى إسكات صوته مباشرة عبر التفجير والتدمير، والتي أتت ترجمة ميدانية وفعلية للقرار السياسي الحربي لدول التآمر التي اجتمعت في مجلس الجامعة العربية ضد الإعلام السوري وخاصة بعد أن قررت تعليق بث القنوات السورية على الأقمار الصناعية لمنعها من الوصول إلى المواطن السوري الذي زاد من حضورها، بعدما أرادوا ضرب الحالة المعنوية والرمزية والاعتبارية للإعلام السوري ولإسكات صوت الحقيقة، لكن التلاقي والتواصل بين وعي المواطن لما يجري حوله وكيفية تحرك الدولة على الأرض حال دون نجاح المؤامرة.
لم يعد خافياً على أحد حجم استهداف الإعلام السوري ومؤسساته والعاملين فيه، والذي هو جزء مما يحدث في سورية ويندرج في إطار الحرب الكونية التي تشن عليها، لكن المتآمرين فشلوا في إسكات الإعلام بأكثر من طريقة ووسيلة بعدما لمسوا أن كذبهم وافتراءاتهم تتهاوى أمام الإعلام السوري الذي أثبت مصداقيته وموضوعيته في نقل الحقيقة، وهو الآن يتقدم ويحقق المزيد من النجاحات ما يخيف تلك الأطراف التي تسعى لإسكات صوت الحق كي تمرر أكاذيبها. كما كشف استهداف الإعلام السوري, طبيعة المتآمرين الإجرامية في تعاملهم مع الرأي المخالف، والتي تعد مؤشرا على العقلية الاستئصالية التكفيرية المدفوعة من الخارج التي لا يمكن أن تقبل اختلاف الرأي إلا بالعنف والدم، ومؤشراً على خيبة الأطراف المتآمرة وعدم قدرتها على مقاومة الإعلام السوري بإعلام مضاد رغم هيمنتها على القنوات الفضائية الصفراء الكبيرة المعادية، وأن استهداف المحطات ورجال الإعلام في سورية يأتي بعدما كشف الإعلام السوري الحقائق ونفاد وسائل التضليل لدى الأطراف الأخرى وانهزامها على الأرض، كما ان الاستهداف يعتبر أيضا مقدمة لزرع مجموعة من الإشاعات كجزء من الحرب الإعلامية والسيكولوجية ضد الدولة السورية والمجتمع السوري فهم يريدون إرهاب الإعلاميين واستهداف بنية الإعلام السوري كي يخلو لهم الجو لزرع الأكاذيب والإشاعات كجزء من الحرب التضليلية لكن الإعلاميين السوريين أكدوا أن شجاعتهم تفوق إرهاب أولئك.
إن محاولة إسكات صوت الإعلام السوري باءت بالفشل، لأن صوت الحق والحقيقة سيبقى عاليا وسيصل إلى كل أبناء الوطن ويدحض إعلام الكذب والتحريض الذي تمثله فضائيات ووسائل إعلام باتت معروفة للشعب العربي، كما أن العاملين في وسائل الإعلام السورية الوطنية أذلوا وأسقطوا الإعلام الإرهابي المضاد والمعادي وأذاقوه المرارة فكانوا الجنود الأوفياء للوطن في رسائلهم الإعلامية التي أربكت إعلام الكذب والتضليل، وهذا خير دليل على أن أداءه ودوره في الدفاع عن الوطن كان ناجحاً جداً.