حتى صار لا ينقصها سوى شريطة سوداء على يسار الزاوية، بعد أن كانت كلها تناغش المشكلات الزوجية والرجل الشهريار، الشرير، المتسلط، والمرأة الناعمة «حواء»، المظلومة ما بين مطرقة الدوام الوظيفي وحاجات الأولاد، وبين سندان تشريعات وأوامر الرجل الشهريار.
كل هذا المزج المشاكس من كلمات ما عاد يناسب زاويتي وعناوينها صارت:
«شهداء طريق
في مشفى تشرين العسكري
بين يديكم صرة شهيد
سرير أزمتنا
مشروع شهيد
شهيد بمريولة وحقيبة مدرسية....»
كيف لعمود صحفي أن يهدم بدل أن يبني، ويلغي اللون من مفردتي، ويغسل ويعصر مخزوني اللغوي، حتى صار كقطعة قماش من كثرة ما «نعى» من أخوة وطن قلت وانكمشت بين أحزانه المفردات!
يا أزمتي..
كيف طعنت فيما طعنت من وطني، خاصرة لغتي؟
كيف طاب لك استهلاك الفرح من مخزون ذاكرتي؟
كيف قطعت«اتوستراد» إجازتي؟
وهدمت بيوتاً وأحياء تخص أقاربي ومعارفي؟
كيف قتلت أحمد وغسان، جورج وعبد الله وجاد... ومقعد سالي ومها وسماح الدراسي؟
كيف صار وقطعت عن حلب ربطة الخبز، وجرة الغاز، والكهرباء؟
كيف صار واستبدلت طقوس صلاة العيد بالجامع الأموي بصلاة جنازة وتشييع جماعي للشهداء...؟
يا أزمتي، التي استهلكت الفرح من وطني، كيف كسرت بخاطر لغتي؟
يا أزمتي بعمودي الصحفي، متى سأستبدله ببيرق صورة تخص العلم السوري والعنوان فقط:
«احتفالات تعم جميع المحافظات تحت راية علم ضم شمل البلاد»