تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كيــــد امرأة..!

مرايا اجتماعية
الخميس 4-7-2013
روكسلاناجارية أسرتها القوات العثمانية في غاليسيا، ثم ما لبثت أن انتقلت إلى حريم السلطان. وبالرغم من أنها لم تكن باهرة الجمال، فقد تميّزت بالمرح والجاذبية مما أدى إلى سرعة تعلّق السلطان سليمان القانوني بها.

ولم يمضِ عام على دخولها إلى الحريم حتى أنجبت له ولداً أطلق عليه أبوه اسم السلطان سليم الأول وبهذا الإنجاب أصبحت روكسلانا هي الشخصية الثالثة في القصر السلطاني بعد السلطانة الوالدة وجلبهار سلطان والدة ابنه البكر الأمير مصطفى، وسرعان ما سرت الشائعات في القصر بأن السلطان أولع بقضاء الساعات في محادثة روكسلانا ومناقشة شؤون الدولة معها، لكن روكسلانا لم تتردد في استغلال ذلك فأزاحت جلبهار من الطريق، ثم توفيت السلطانة الوالدة، فخلا الجو لها لتصبح السيدة الأولى في الحريم. فازداد تأثيرها في السلطان، وبالرغم من أن عواطف سليمان الجياشة نحوها قد ميّزتها على جميع نساء القصر، فإنها طلبت منه أن يعقد قرانه عليها، وكان ذلك أمراً لم تجريه العادة منذ الإهانة التي واجهت السلطان بايزيد الأول في أعقاب هزيمة أنقرة (1402) أمام تيمورلنك، وذلك في شخص زوجته صربية الأصل ماريا وسيينا، فقد أرغمها تيمور المنتصر على أن تقوم بالخدمة خلال حفل انتصاره وهي عارية تماماً، مما أدى إلى وفاة زوجها كمداً. ومنذ ذلك الوقت لم يعقد سلاطين آل عثمان زواجاً رسمياً، وذلك حتى لايتعرضوا لإهانات مماثلة في أشخاص زوجاتهم، إلا أن سليمان استسلم لرغبات روكسلانا، فعقد قرانه عليها، فأنجبت له “سليم».‏

لكن بقيت تعترضها عقبتان: فالأمير مصطفى – الذي لم يشك أحد في أنه سيخلف والده- كان محبوباً من الشعب، بحيث إن إزاحته عن طريق ابنها سليم لم تكن بالمهمة السهلة. وبالإضافة إلى هذا فإن روكسلانا لم تبدِ ارتياحاً للسلطة التي كان السلطان يخلعها على صدره الأعظم “كبير وزرائه” إبراهيم باشا.‏

وإبراهيم هذا كان عبداً يونانيّ الأصل. وقد تعرّف سليمان عليه قبل أن يتولى الحكم، تم ضمّه إلى بلاطه حين أصبح سلطاناً، وكان هذا الخطر الأعظم بالنسبة لروكسلانا، فقررت التخلص منه ونجحت في ذلك عبر وشايات ومؤامرات طويلة معقدة، فقتل في عام 1536. بقي أمامها الأمير مصطفى محبوب الجيش والشعب والذي سيخلف والده وهو آخر عقبة أمام ضمان العرش لابنها سليم، فنجحت في أن تضمن وظيفة “الصدر الأعظم” لرستم باشا زوج ابنتها. فعمل الاثنان على الإطاحة بالأمير مصطفى بإقناع السلطان أن ابنه هذا يدبر مقتله ليستولي على العرش، فأمر باغتيال ابنه المحبوب دون أن يدري أنه حكم على دولته بالاضمحلال حين أزاح عن المسرح أكفأ الأمراء وأخلصهم له، لكن ما لبثت بعد فترة أن بدأت علائم الشيخوخة والحزن تظهران على السلطان بعد مقتل ابنه الأمير مصطفى، خاصة بعد أن فقد أعز أحبائه واحداً إثر الآخر: إبراهيم، مصطفى، وأخيراً روكسلانا التي توفيت بعد سنوات قليلة (خمس سنوات) من مقتل الأمير. وحين توفي سليمان في 5 أيلول 1566 جرى تنصيب سليم ابن روكسلانا سلطاناً، وكان المعروف عنه أنه منحل وكسول. وسليم هذا هو فاتحة سلسلة من السلاطين الذين كانت تعوزهم الصفات اللازمة للحكم، حتى ذهب كثير من المؤرخين إلى احتمال انقطاع سلسلة أبناء عثمان الذين لم يعودوا منذ ذلك الوقت يتحلون بالصلابة التي تميّز بها السلاطين العشرة الأوائل. ومن هنا تبدو حقيقة الضرر الذي ألحقته السلطانة الروسية بالدولة العثمانية حين تآمرت على أمير كفء لكي تمهد السبيل لابنها المنحل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية