فقد سقط سياسياً ، وسقطت معه مهابة حركة الإخوان المسلمين ، ليس على الساحة المصرية وحسب ،وإنما في كل مكان من العالمين العربي والإسلامي ،فكراً، وممارسة ، وسلوكاً، ونظاماً ، وفي زمن قصير من وصولهم إلى السلطة قدموا النموذج السيئ لسرقة السلطة ، والأوطان .
إن مايجري اليوم في مصر، وفي تونس ، وليبيا، و في شوارع وساحات تركيا أكثر من اهتزاز زلزالي ، فهو يعرّي الإخوان المسلمين ، ويفضح أمرهم ، ويكشف مضمونهم ، التكفيري، الإقصائي للآخر ، ومدى علاقتهم بإسرائيل والغرب وأمريكا ، و يظهر هشاشة أفكارهم ، ومشروعهم ، ومدى النفاق الذي مارسوه على مدى عقود من خلال شعارهم :
« الإسلام هو الحل «
لقد كشفت ممارستهم في السلطة ، من استانبول إلى القاهرة ، أن هذا الشعارلم يكن أكثر من يافطة يعبرون به إلى السلطة بأفكار فاسدة ، ومريضة ، تبين أنها تفوح بطائفية بغيضة ، وبكره للآخرين في الوطن ، وبدعوات للتكفير ،وبدم يراق من أجل السلطة فهم لا يقبلون الآخر شريكاً في الوطن، ولافي الدين أيضاً .
الكل غرباء، الكل كفرة .. الكل مباحة أرواحهم ، وأعراضهم ، ودماؤهم ..
وقد عبر شيوخ الأخوان ،وعلى رأسهم القرضاوي بخطبهم عن مضمون هذا المنهج الماسوني في العلاقة بالوطن والمواطن .. فقد بدا الدين عبر تجربة الإخوان المسلمين ، ومعهم الوهابيون ، ليس أكثر حاوية تلقى فيها أجساد ،وأرواح ، وأعراض ، ومشاعر الناس خارج المحتوى الإنساني الموضوعي للدين .
السؤال الأكثر تداولاً اليوم على الساحة السياسية العربية :
كيف عبر الإخوان المسلمون إلى السلطة في مصر، وفي بلدان أخرى ؟
الحكاية بدأت في استانبول ..
لقد نجحت الولايات المتحدة من تمكين « رجب طيب أردوغان « ألإخواني في الأصل من الوصول إلى السلطة في تركيا .. ومن يعرف حقيقة هذا الرجل ، لا يستغرب وصوله إلى عرش العثمانية .. إذ يقول أستاذه « نجم الدين أربكان «:
«رجب ، على علاقة قديمة ووطيدة بالمخابرات الأمريكية ، و بالسفارة الأمريكية في استانبول» ..
عندما يقول نجم الدين أربكان الأب الروحي للتيار الإسلامي في تركيا ذلك عن أردوغان العاق لنجم الدين ، يتوقف النقاش.. إن نجاح رجب طيب أردوغان في تحجيم وتقليص نفوذ العسكر ، حماة الجمهورية الأتتوركية لم يكن ممكناً لولا الدعم الأمريكي الذي قدم له من أجل أهداف رسمت « لأردوغان» أمريكياً ، وإسرائيلياً ، على مستوى تركيا ، و العالمين الإسلامي ، والعربي ، وبخاصة في الدول المحيطة بإسرائيل ، وذلك بتأجيج الصراعات الطائفية ، وبخاصة الصراع السني الشيعي ، والظهور بمظهر البطل الذي يريد إنقاذ الإسلام السني ، من الإسلام الشيعي كما فعل جده السلطان سليم قبل خمسة قرون إذ لعب الدور نفسه ، بادعائه وجود الخطر الصفوي، وكانت النتيجة ، احتلال العالم العربي لمدة أربعة قرون ، باتت الأمة العربية خلالها في أسوأ أوضاعها.
على عكس مايظهر..
نجح رجب طيب أردوغان في خلق أقوى الروابط والعلاقات السياسية ، والعسكرية ، والاقتصادية مع كل من إسرائيل وأمريكا على مدى تاريخ تركيا على الرغم من تظاهره بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين .
كان لدى الأمريكيين والإسرائيليين اقتناع بأن المد الإسلامي ألإخواني يمتلك الشوارع العربية والإسلامية ،وهو في تصاعد ، و وأن استثمار هذا المد اليوم كما استثمر من قبل في مواجهة المد القومي والشيوعي والوطني ، سيضع المنطقة في قبضتهم أكثر ، وينقل الصراع من صراع عربي إسرائيلي ، إلى صراع سني شيعي ،ويسهل عملية تمرير إسرائيل إلى جسد المنطقة ، بالقضاء على نسيجها العروبي ، لأن العروبة في جوهرها تشكل الجدار القوي ثقافياً، وفكرياً، ونضالياً في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي .. ويلتقي الإخوان في الأساس مع الغرب وإسرائيل في معادة العروبة ، فالعروبة في اعتقاد الإخوان كفر ، على الرغم من العروبة تشكل الإطار الحاضن للإسلام ثقافياً، وحضارياً، وإنسانياً.
في الوقت الذي كان فيه « أردوغان» يتظاهر بمد أفضل ، وأقوى الجسور مع سورية، و العرب، كان يخطط ، وينسق ، مع قطر ، والسعودية ، و جماعات الإخوان المسلمين للبدء بما سمي فيما بعد أمريكياً « بالربيع العربي « والذي أطلق عليه محمد حسنين هيكل «الربيع الأمريكي الإسرائيلي «
جاء اللقاء بين جماعات الإخوان السورية والمصرية والأمريكيين برعاية تركية في اسطنبول بعد عدوان إسرائيل على المقاومة اللبنانية ، تبعه لقاءات أخرى حضرها إسرائيليون كما ذكرت الصحف التركية ، والأمريكية ، وتم الاتفاق على ثلاثة أمور كانت سورية رفضتها قبل الأزمة ، وبعد اشتعال الأزمة وهي :
إقامة سلام مع إسرائيل ،
قطع العلاقات مع المقاومة ، وإيران ،
قيام علاقات مميزة مع أمريكا ،
وهذا مايفسر اليوم الدعم الأمريكي للإخوان المسلمين في مصر، وفي سورية للوصول إلى السلطة ، و يفسر قيام مرسي بتعزيز علاقاته مع إسرائيل وأمريكا ، وقطع علاقة مصر مع سورية .. التي كانت تمثل مع مصر تاريخياً جناحي الأمة العربية ، وقلبها النابض .